الجمعة، 19 فبراير 2021

الشيفرة الكونية , من كتاب (مفاتيح البيان في الوجود ولاكوان) ,, (الحلقة 13 ) بقلم الأديب (رماز الاعرج) ,,

  صباح معطر بالربيع والفلسفة والثلج ونقاء القلوب والسرائر ,, شيء من التفكير العميق ينعش العقل ويبهج الروح ,,

الشيفرة الكونية , من كتاب (مفاتيح البيان في الوجود ولاكوان) ,,

(الحلقة 13 )

(رماز الاعرج) ,,

التناقض التاسع الاساسي من نواميس الوجود الكونية ,

التناقض الخفي العميق

هذا التناقض من اكثرها تعقيد بسبب عدم القدرة على تتبعه , وليس من السهل القيام بذلك , ولكن بحكم المعادلات النظرية والمنطقية الكونية التي بحوزتنا يمكننا تجاوز ذلك الان , ويمكننا تتبعه قدر المستطاع وحتما لان اصبح بإمكاننا تجاوز مسافة ابعد مما حققه السالفين الى حد ما في أي مجال اتجهنا اليه , فوجود اداة نظرية وقواعد رياضية منطقية كونية يشكل ضوء كاشف ويبدد جحافل الظلام المتكدسة على الحقائق تحت غبار الرماد الكوني المتراكم , فوجود هذه القواعد يجعلنا قادرين على حساب أي ظاهرة أي كانت والخروج بنتائج معقولة حولها عامة وجوهرية تشكل صورة شمولية عنها تجعلنا , جاهزين للدخول في عمق اختصاصها وتفاعلها الداخلي .

وهنا نحن في مساحة من العمق و الابعاد الخفية للتناقض , ورؤية مدى تأثير التناقضات القديمة السابقة في العناصر الاصلية وأين يصبح هذا التناقض وفي أي مسار ؟

ولماذا يختفي ولصالح من ؟

وهل يختفي حقا في جميع الاحوال ؟

والكثير من التساؤلات المحقة المشروعة التي علينا الاجابة عليها في سياق البحث واستخراجها من الواقع .

تحدثنا في اكثر من مكان عن تركيب العناصر الجديدة وسقنا الماء كمثال بكثرة ولكنا معنيين ان نترك مساحة للخيال و اعمال العقل للقارئ ليستحضر الامثلة ويبحث عنها بعقله وتفكيره , أي ان نكلف دماغنا ونأمره بالعمل ونعطيه المعلومة ونتركه يعالجها براحة , وما علينا سوى ان نعيد التذكر للموضوع او العنوان المرصود في الدماغ لمعالجته , وسنرى بعد وقت قصير او طويل نسبيا ان الدماغ قد عالج الامر واستخلص نتائج وراحت تظهر في الذاكرة والوعي على حين غفلة ودون سابق انذار .

انه الدماغ , ومعالجته الالية , التي لم نسيطر عليها بعد ونكشف اسرارها , ولكنا سنتمكن حتما ذات يوم من ذلك وهذا سيحدث قفزة غير متخيلة في الذكاء البشري الحيوي طبعا هذا مشروط ان يكون الدماغ مزود بالكثير والكثير من المعلومات العلمية حول الموضوع فلا يمكن للدماغ ان يأتي بمعلومات لم تصله ابدا سابقا , وحتى ما يبتكره الدماغ لا بد له من مواد اولية وعناصر , أي افكار ومواد معالجة و موثوقة تشكل ثوابت معيارية للمقارنة والتدقيق الاولي الذي يقوم به للدماغ لاحقا .

ان دماغنا عبارة عن جهاز حاسوب حيوي و ليس من السهل الحصول على نفس مقدار هذه الطاقة الحيوية من أي جهاز اخر حتى الان .

قدم لنا هذا المثال حول الدماغ وعمله فكرة مبسطة عن حقيقة التناقضات الخفية الذهنية والعمليات الدماغية التي يقوم بها الدماغ ولمقارنة بين المعلومات القديم والجديد والتناقضات بينها والفوارق المنطقية التي يعالجها الدماغ , هذا كله في , تفكيرنا بكامله يدور في الخفاء وجميع معالجاته عبارة عن مقارنات بين نسق ونظام معين من المعلومات التناقضات المترابطة المشفرة في الدماغ , ومعلوماتنا الموثقة و لأكيدة القديمة تشكل ثوابت ومعايير ما يتحرك الدماغ في استنتاجاته ومعالجاته على اساسها ويرتبط بها بشكل دائم .

وهذا يعطينا فكرة عن مدى التعقيد والمساحة التي تنفتح امامنا حين نصل الى ميدان الحركة الذهنية والفكرية والوعي البشري بحيث تصبح التناقضات المخفية والحركة الطاقية و الحيوية والغير مرئية للتناقضات عميقة جدا ومخفية عنا لدرجة اننا لا يمكن ان ندركها من الاخرين او نوصلها لهم إلا من خلال التعبير المادي المحسوس .

مثل اللغة او الحركة او الكتابة او اي شكل تعبيري اخر مادي مباشر وهذه من اكثر و اعمق اشكال التناقضات الخفية و اكثرها كثافة وتعقيد معا , بدليل ان العقل البشري بإمكانه ان يختصر ويكثف الكل الكوني في 3 حروف وهي كلمة كافية فعلا (كون) ثلاث حروف فقط شيء يفوق التصور حين التكفير بعمق بهذا التكثيف الخيالي للعالم والكون نرى مدى عمق هذه التناقضات بين الافكار والمقارنات والمقاربات والذهنية هذه جميعا من التناقضات البعيدة والعميقة التي ليس من السهل فهمها وحل الغازها , بل تحتاج الى جهد مضاعفة ومكثف عن غيرها من اشكال التناقضات الاخرى .

دعنا نأخذ مثل اخر على الصعيد الاجتماعي لنرى مدى الاستفادة من فهم هذا الناموس العميق و المعقد معا ,

مفهوم الدولة العميقة مثلا , بحيث تتغير الحكومات والبرلمانات جميعها , وقد يتغير الكثير , ولكن النظام العام للبلاد يبقى كما هو , لا يستطيع أي نظام سياسي ان يغير او يحل اشكاليات البلاد اذا لم يتم معالجة النظام العميق وجذوره , بحيث لا يمكن الخروج عن الاساس الفكري والبنيوي العميق للنظام السياسي , وهذا البعد العميق الذي تغلغل في مفاصل حياة المجتمع الاساسية والهيكلية الادارية الاخلاقية والقانونية و الاقتصادية و السياسية وهذا يعني انه لا يمكن التغير الحقيقي بدون تغيرات جذرية عميقة في النظام بكامله النظام الاساس , أي نظام الملكية الخاصة وتوابعه.

ولنأخذ مثال اخر سهل , النظام الاقطاعي الذي نشاء قبل اكثر من 6 آلاف عام وأول نظام سياسي و دولة اقطاعية عرفها تاريخ البشرية هي الدولة الامبرطورية السومرية , و ما زال هذا النظام يعيشنا ونعيشه حتى اليوم , بحيث يتعقد جدا رصد الابعاد الخفية للنظام وتناقضاته التناحرية الخفية التي ما زالت مخفية وتشكل اساس لكل الانظمة السياسية في العالم المعاصر , بل هناك نصوص شبه حرفية من حقوق الانسان العالمية موجودة اصلا في شريعة حمورابي وغيرها من الاثار السومرية القديمة.

و في المجتمع تصبح هذه التناقضات ذو ابعاد عميقة ومخفية وغير متخيلة , و الدولة العميقة الاقطاعية التي انتشر نظامها حول العالم منذ العصر القديم بهيكليتها ونظامها وقوانينها العامة الاساسية , والنظام المقطع حتما سيجمع الضرائب والإتاوات ويرسلها لمقطعه , بعد ان يقتطع حصته ويرسل الباقي للمقطع الاصلي , ويسهل له مصالحه في جني الثروات من انتاج البلاد وخيراتها.

هذه حقيقة واضحة امامنا ولكنا لا نريد ان نراها , ونريد ان نعتقد خطاء ان النظام تغير واسمه اليوم رأسمالي وامبريالي و تكنوريالي حاليا , ولكن هذا كله ما زال يحكمه نظام اساسي واحد عميق وتناحري قديم خفي ودولة تأسست قبل اكثر من 6 آلاف عام , وما زال هو نفسه يشكل القاعدة الاساس و الحكم والهيكل والقانون والمرجع .

ان هذا النظام والتناقض قد بقي خفي ومتواري آلاف السنين , وحافظ على وجوده الاساسي , ولكنه غير ثوبه وشكله الخارجي , وانتقل في اطوار معينة , من الاقطاع الى العبودية ومنها الى الطبقة الصناعية الرأسمالية , القروسطية ثم الحديثة و المعاصرة الان ,, هذا التقسيم المعاصر لمراحل المجتمع البشري ومراحله التاريخية بسب فلسفة الشيفرة الكونية , وهي مختلفة طبعا عن التقسيم التقليدي لتاريخ البشري , الذي ينص حول هذه المراحل حرفيا (العبودية , الاقطاعية , البرجوازية الرأسمالية , الامبريالية) .

و بحسب ابحاث الشيفرة الكونية ورؤيتها للتاريخ البشري نراها كالتالي (الاقطاع , العبودية , التطور الصناعي , الرأسمالية القديمة , الصناعية الحديثة , الامبريالية , التكنوريالية)

وهذه الاخيرة تشمل المرحلة المعاصرة التي نعيشها حاليا , وتشهد دخول التكنولوجيا الرقمية بقوة على سوق الاحتكار العالمي , وتحول المعلومة الى احتكار مذهل للأرباح الخيالية , موضوع شائك طويل ننصح القارئ المعني بالرجوع الى كتاب العبودية المقنعة فيجد الاجابة الشافية الدقيقة والعلمية المفصلة حول هذا الموضوع الهام الاساسي في فهم التاريخ , الذي ما زال سائد حتى الان رغم وجود كل الدلائل على خطاء الرؤية التقليدية لمراحل تطور التاريخ البشري المعروف لدينا بالملموس وقدمنا ذلك في البحث المذكور . (العبودية المقنعة ونظام الملكية الخاصة)

وهذه جميعها من الواضح بعد تتبع علم الاثار والمكتشفات الحديثة وغيرها ان النظام الاساسي للدولة المستغلة الطبقية القمعية لم يتغير عليه شيء , بل على العكس زاد وحشية وغطرسة وطغيان وسيطرة على الافراد و الجماعات ,, والعالم اليوم يعيش مرحلة عبودية خفية مرعبة , بحيث اصبح الاستعباد جماعي , ودول بكاملها وشعوبها وأنظمتها السياسية مستعبدة استعباد رسمي واضح لا لبس فيه , البس الوحيد في عقولنا نحن و مستوى تفكيرنا الذي اصبح مصنوع بطريقة يرى العبودية شيء طبيعي ولا يفكر في شيء من هذا القبيل , بل ربما البعض منا يعتبرها سخافات نظرية لمفكرين خيالين جدا وكثيرين الطيش .

وكذلك في المنظمات و الجماعات السرية و الحركات السياسية , فكثيرا ما يضن النظام السياسي مثلا انه قضي على خصومه السياسيين تناحريا معه على السلطة و السيطرة على الموارد و الثروات , ويضع قوانين ويشكل اجهزة خاصة لاجتثاثها والتخلص من كل اثرها ومحوها بالكامل , ولكن بعد عدة سنوات ما تلبث هذه التيارات ان تظهر من جديد وبأشكال مختلفة , وقد تعود الى التطرف والعنف اكثر من السابق في بعض الاحيان , ومثالا على هذا نسوق الفكر النازي في اوربا وغيره من الافكار حول العالم التي تم محاربتها واجتثاثها وهزيمتها ماديا , ولكنها حافظة على وجودها العميق الخفي لتعود وتظهر من جديد بعد فترة من الزمن .

نرى بكل وضوح مدى تعقيد هذا الناموس وعمقه وخفائه ولهذا يعتبر من اعقد التناقضات الفلسفية المنطقية بحكم امكانية اختفائه وبقائه كنظام ومؤثر خفي في جميع الظواهر والاشياء سواء الطبيعية منها اوى الاناسية.

(رماز الاعرج)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق