قصص.. عماد أبو زيد. ------------------------------
الأخُ الأصغرُ
اختصَّهُ الله بصوتٍ حَسَنٍ، وكان عمار ينصحه مُخلصًا أن يحفظ القرآن ويجوده، في الوقت الذي كان يشجعهُ على الغناء أيضاً؛ فسواء أصبح مُقرئًا أو مطربًا، سيغدو الأوفر حظًا من الصيت والشهرة، فضلاً عن المال.
نقطة ٌ مُحددةٌ
كان يتعين عليه أن يتفق معها في الرأي، ابتداءً من النقطة التي حددتها. استدراك هذا الأمر من بعد لم يأتِ بالنتيجة المرجوة، كما كان يحلم، بل على العكس، زاد من مخاوفها تجاههُ.
ميلادٌ جديدٌ
نهض من وسطهم، ينفض عن رأسهِ وزيهِ التُراب، مُطلِقًا العنان لساقيهِ. يخطو خطواتٍ واسعةً، كأنمَّا لأوَّل مرة يدرك المسافة بين الحياةِ والموت.
رحيلُ شمس ٍ
تغيب عنهُ، يعيش بلا روح. صارت تلك حاله، ينكفئ على نفسهِ، ويذهب بعيدًا، بعيدًا.
رجالُ المنصةِ
يرتدي أفخر ثيابه، ويجلس في الصف الأول. اعتاد في كل المؤتمرات المدعو إليها أن يتفرس بعينيه وجوه الجالسين في المنصة، وحين يزداد إعجابًا بمقدرتهم على رسم واقع جديد، يُدير ظهره لهم.
دائرةٌ ضيقةٌ
تأمل عودته إليها كما الحال في كل مرة.
كان بمقدورها أن تهاتفه أو تراسله، غير أنَّ كبريائها كان يزيح هذا الخاطر عن رأسها كلَّما جال به.
- إنه سيعود، فلن يُباعد الخلاف بيننا طويلاً.
حاصرتْ نفسها في دائرة ضيقة، دون أن تذهب إلى تفاسير أخرى للغياب.
عُرضُ الشارع ِ
تُلَّوح بيدها له، تحادثه.
كان شغوفًا بمعرفة هذا الصنف من النسوان، وما لبث أن عَزفَ عن اشتهائها، حين زايدتْ على جســدها، مُتذكرًا أن "الحرة تموت ولا تأكل بثدييها ".
دولابُ الوحدةِ
شعور قاتل بالوحدة يُرافق ياسر، كأنهُ ظلٌ أبى ألاَّ يُفارقهُ. شرع في التَّغلُّب عليه بالاحتفاظ بهرة صغيرة في شقته، وأشياء ثمينة يقتنيها، وسجائر باهظة الثمن يطلق دخانها في الهواء.
قولُ المحبوبة ِ
وشرعتْ تقصُّ عليه حكايا ألـف ليلة وليلة. يُغالبهُ النُعاس، وهو يعيد التفكير في قول المحبوبة:
- إن كان قلبي سيدمر حياتي، فلن أخضع لسلطانهِ.
يَدُ صَبي
يسقط رأسه، ويتدحرج أمامهُ.
يُصيبهُ الهلع، يهرع وراءه. لم يسعفهُ سوى صَبيّ، أَمدَّهُ بسنارتهِ.
ظلالُ الأماكن ِ
" كل الأمكنة التي لامستْ ظلالك أو عبرها طيفك، لا تزال تبكي ".ولع ٌ بالنساء ِ
لا ينكر أَنه كان مُولعًا بحديثهم عن النساء. لم يكن هدف يشغلهم سوى تبادل أرقام هواتف النساء، وتوفير الشقة لزوم الليالي الحمراء. تكرَّر لقاؤه بهم، حتى أصبح صدره ضيقًا حرجًا؛ ففي كل مرة يحكون فيها عن فتاة أو امرأة، ينتابه شعور بالإعياء. خشيّ أن أحدًا يتطرَّق في لغـوهِ إلى نيفين، ولو بإشارة.
لقطة ُ "الكادرِ"
دَرَجٌ دائريٌّ يتوسَّطُ بهوَ القصر. وهو واحدٌ بين ضيوف نثروا حوله، وهي بفستانها الدَّانتيل الأبيض تُنيرُ الدَّرج، وتلهبه حماسًا للتَّعرُّف إليها. يلتمس طريقها، يتجاذب الحديث معها.
يُطوّف ذلك المشهد برأسه، يتأمَّل تفاصيله دونها. القصر يلفهُ السُّكون، الثُريَّات مُطفأة، خيوط الغبار تتدلَّى.
بطلُ القصة ِ
أميرة مُولعة بأحمد. أمسكتْ بقصَّـةٍ، وأمضتْ ليلتها تقرأ، كانتْ شخصية بطل القصة قريبة إليه. في كل ليلة تعود أميرة إلى قصة أَنستْ فيها – من قبل – روح أحمد.
دعاءُ العجوز ِ
قالتْ لهُ:
- ربنا يعينك على وقتك.
من يومها، وهو يُفكر في أَلاَّ يهزمهُ الزَّمن.
فراغ ُ الشارع ِ
كُلَّما لامست قدماه أرض تلك المدينة، رأى نفسه دالفًا تجاه الشَّارع الذي قصد أحد محالهِ يومًا، وقد ابتاع مِنهُ "جيلي". كانت وديعة وجميلة، وهي تناوله إياهُ. ابتسم لها شاكرًا، وهو يقول:
- سآتي إليكِ كل يوم.
ضحكتْ وهي تهمس:
- تِشرَّف.
مضى، ومضتْ الأيام، وما زالتْ عالقةً بذهنه، وقد خلا الشَّارع والمحل منها.
ذكرى النافذة ِ
حين كانت هند تَمرُّ من تحت نافذته، كان يشعر برفيف السعادة حوله.
نُّثَارُ كُئُوس ٍ
تلك كُئُوس هَوَتْ، ولا أحد سواه، وسط جدران مُوحشة. بقطعةٍ من الفحم، يهذي عليها، مُخلِّدًا بعض ذكريات. يسخر من نفسهِ، حين يتيقن أنها لا تستطيع أن تجتذبه إليها؛ فيستحيل خطوطًا أو رسومات.
يظلُ حبيسًا. في صلفٍ تنظر إليهِ حينًا، وأحيانًا لا تأبه بهِ.
صوتٌ خفيضٌ
بعد أن استولتْ على قلبه بصوتها الخفيض، ولتْ وجهها إلى وجهةٍ غير معلومة، فقدَّ معها صوابه. بات يقتفي أثرها في كل موضع خَطتهُ.
مقامُ البُعدِ
ارتقى الرجل غريب الأطوار، ربوةً عالية، ووقف يحادث رجل بائس فقير.
كان يشق على الرجل البائس أن يراه؛ فانصرف لحالهِ، دون أن يلقي له بالاً.
مَوعدُ " فجـــــر"
كُل الأجسام ثابتة إلى جوارهِ، لا حِرَاكَ لها.
الحزن يتوغَّلُ في عروقهِ، تتداعى لهُ ذكرياته الجميلة مع" فجر". كان سيلتقيها بعد سويعات، لم يكن يتصوَّر أن اليوم موعدها مع الموت، أَيّةُ مأساة يُكتب لهُ العيش في حضرتها؟
رُبَى البنفسج ِ
فيما كـان يُديمُ النَّظر في كتابها، صدحتْ فيروز بموسيقا "الرحبانية "، وتشبث سيلفادور دالي بفرشاتهِ على حافة الكون، وسرج الفتى الجواد للسندريلا على رُبَى البنفسج والبرتقال.
خِلافٌ خفي ٌّ
سعى مِرارًا إلى مدِّ جسورٍ إليهم، دون أن يضع في حسبانهِ أن ثمة حاجزًا خفيًا بينهُ وبينهم، يقف لهُ بالمرصاد.
بائعُ الوردِ
رفض ناصر وظيفة، تدر مالاً عليه لايُقارن بما يتكسبه من بيعهِ للورد.
مازال يُحب سماح، يراها في كل وردة.لم يبح بهذا إلا لنفسهِ.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق