الخميس، 2 مايو 2024

__رصيف وحكاية__ بقلم الأديبة فائزه بنمسعود

 __رصيف وحكاية__

امرأة على رصيف محطة
المحطة موحشة خالية
إلّا من غبار وأوراق جرائد قديمة
تراقصها الرياح
ترفعها عاليا
تمزق أطرافها
وتطرحها أرضا خائرة القوى
ويسمع للريح قهقهات
امرأة على رصيف محطة
تلتفت يمنة
تلتفت يسرة
تتحسس كتابا بين يديها
تتمسّك به
كشراع مهترئ لقارب
داهمته العاصفة
امرأة على رصيف محطة
المحطة داهمها الظلام
المحطة تحت وطأة العتمة ترتعش
الليل شراع الرذيلة
تتمسك أكثر فأكثر بالكتاب
تلتصق اكثر بصلابة الرصيف
الرصيف بارد لا روح فيه
برودته تذكرها بصمت القبور
ولحظة انفصال الروح عن الجسد
امراة على رصيف محطة
تراودها أفكار
يمزّقها الخوف
الذعر بلغ فيها منتهاه
تتساءل كيف سولت له نفسه
تركها وحيدة على رصيف محطة؟
وفي حيرة تتمتم تحدّث نفسها
قد يكون هذا الرصيف أرحم
قد يكون هذا الرصيف أصدق من البشر
قد يكون هذا الرصيف قدرا…
وتسقط في جب اليأس
ولحظة نهاية الاحتراق
ينتشها الصحو
مواء قط ، نباح كلب بعيد
طائر تأخر عن الموعد وباغته ضباب المساء
من فوق رأسها يصفق جناحيه يعبر
ونعيق بومة وحشتها تؤنس
تفزع ترتعد
ومن بين يديها الكتاب يسقط
ودرجة حمّى خوفها ترتفع
ريشة في مهب ّ زوبعة
بالفراغ تتشبّـث
وألف رجفة أوصالها تسكن
وعمق الخوف حوّلها إلى صنم
نور خافت منها يدنو يقترب
يد توضع على كتفها
وأخرى تناولها الكتاب
وتمضي فتتابعها تبتعد وتبتعد
وفي العتمة تتوغّــل
تمعن في الخوف
امرأة على رصيف محطة
كانت تعشق هذه المحطة وعفة الرصيف
كانت تلبي نداء قرع الأجـراس
في كنائس المحطات
كم كتبت قدماها من قصائد
على تيه هذا الرصيف
وكم من ستار أسدِل على قلب
دهسه رصيف قبل أن ينعم بالحياة..
وكم تمنت موت هذا الرصيف
حين ولّى وجهه قبلة أخرى…
فائزه بنمسعود
25/4/2024
تونس المعرض الدولي للكتاب
Peut être une image de 2 personnes et texte

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق