الأربعاء، 10 مايو 2023

الوطن ـــــــــــــــ عدنان يحيى الحلقي


 الوطن

*****
الوطنُ زقزقةُ عصفورٍ يحومُ حولَ عشِّهِ.
المبنيّ على غصنِ شجرةِ كينا .
على طرفِ طريقٍ معبَّدٍ بالطمأنينة.
الوطنُ خريرُ جدوَلٍ .
يَتَحَدَّرُ مِنْ جبلٍ مكلَّلٍ بالغارِ، والهممِ العاليةِِ.
الوطنُ نايٌ على فم راعٍ .
يهشُّ بمواويلِهِ على غنمِهِ في المراعي النظيفةِ البريئةِ.
الوطنُ جنديٌ يحرسُ الحدودَ.
وفي وقتِ راحتهِ يكتبُ رسالةَ حبٍّ.
لأمِّهِ، لأبيهِ، لأخوتهِ، لأخواتهِ، لحبيبتهِ..
الوطنُ صدرُ أمٍّ ترضع صغيرها بكل هدوء.
الوطنُ أنْ أتعبَ بكل حبٍّ.وصفاء نيَّةٍ.
كي أنامَ آمناً في سربي، أو في البريّة.
الوطنُ مواويلُ الحصَّادين في حقولهم.
وهمْ يجنونَ القمحَ، والفرحَ..
الوطنُ خيمةٌ عامرةٌ بالإنسانيةِ...
الوطَنُ أمّي التي
ما تعطَّرَت يوماً.
لكنَّ رائحةَ ثوبِها تناديني.
على مسافَةِ آلاف السنابلِ.
ما تعطَّرَتْ يوماً.
لكنَّ رائحَةَ تَعَبِها.
تأخذُني حافياً.
إلى حيث تجني..
ما يصيرُ رغيفاً،
على الحطَبِ المضمَّخ.
برائحةِ العَرَق.
ما تعطَّرَتْ يوماً.
لكنَّ رائحَةَ صوتِها.
هي القصيدة التي.
ما كتَبَتْها الأقلامُ.
الوطَنُ أبي.
الّذي ما تَعَطَّرَ يوماً
إلّا بدموعِ السحابِ.
ما تَعَطَّرَ يوماً إلّا بالتّرابِ المجبولِ.
بدماءِ الشّهداءِ..
*****
*عدنان يحيى الحلقي

لا تغاري ـــــــــ على أبو السعود


 لا تغاري

لا تغاري يا حبيبتي
تعالي أقول لكي
أنت وأنت فقد
من دون النساء
أميرتي وصغيرتي
كل الأشياء فى حياتي هى أنت
حوائي أنت وما دونك ليسوا نساء
لاتقلقي لاتجهدي نفسك بهؤلاء وهؤلاء
فأنت حبيبتي ومليكتي
أنت مملكتي
أنت زهرة الياسمين فى بيتي
وضحكة الأطفال حين المساء
فرحتي هو أنت حين أعود بعد عناء
كل دنياي لاتغاري وإهدئي
تعالي هاتي ما تقولين اليوم حديثا
كعادتك حين المساء
حبيبي قالوا لي كلاما عنك
حقا أأنت من علم النساء فنون الهوى
أأنت حقا من علمتهم
أحاديث العشق وتراتيل الغرام
أأنت من أعطيتهم عناوين النجوم
وأين يسكن القمر
وقالوا عنك كلام كثيرا
ف من علمهم أغاني المساء
ومن حدثهم عن السحلفاء
وخلخالي الذهبي الذى تغار منه
كل النساء
ومن عطرهم ببعض العطور
ويحدث هذا بيني وبينك فى الخفاء
ومن أخبرهم بأني الوطن
ومن حدثهم عن الأقحوان
وزهر البنفسج عند المساء
كؤس الهوى وألوانها سيجار المساء
ومن خبرهم عن جرائدك ونظارتي
ديوان الشعر ولون السماء
نجوم العشق وأشكلها وشكل الوسائد
وهمس البلابل عند الصفاء وماذا يقول الببغاء
أغار منك عليك حبيبي
ف كيف بحالي حين تقول النساء
ألم أتحدث إليك حبيبي
بألا تذكرني إلا فى خفاء
وتكتبني شعرا وهم يقرأوه
فلا يتركوني ولا يتركوك
وإني إحبك أغار عليك
فكيف بحالي
وهم يذكوروني ويذكوروك
شعر
على أبو السعود

حين تنهمر الحروف ــــــــــ عبدالحميد بن سعيد هويشي تونس


 ~ حين تنهمر الحروف ~

هو الخريف.
خريفهم يصفر ...
يغبر بالعصف عصفا...
هو البركان ثائر ...
من أعماقنا ...
يرصف حروف الشعر رصفا...
يرميها حمما جمرا ....
تنهال على رؤوس الظلام ...
تنسفها نسفا....
هي الحروف كلمات ...
بالنقاط و الفواصل صدحت...
بالحق و العدل ...
ترشفها الحناجر رشفا...
لا تسلني ... لا تلمني...
ان قصفت الحشد قصفا...
ان شعري بات مني...
واصفا للحال وصفا...
فالرعاع تحت نير الذل سيق...
و غدا زاحفا بالبطن زحفا...
يبتغي اللقمة ذلا...
يكشف العفة كشفا...
ينحني بالظهر يرضى...
بالهوان و الخنوع...
و الوقوف عند باب العرش صفا...
لا تلمني ان هجرت القوم هجرا ...
فالاسود لا تروم العيش...
بين قواد و مداح...
و لعاق و مساح ...
ترجف أوصاله بالخوف رجفا ...
لا وربي لن أكون مثلهم ذيلا...
يتدلى بالرأس أسفل ...
هو خفاش الظلام ...
يختفي في النور ....
يجعل بيته كهفا ...
عبدالحميد بن سعيد هويشي تونس

الغموض ــــــــــــــــــ رضا المرجاني


 الغموض

أحببتك
أحببتك لأنك الغموض
ولأني لا أعرف من أنت
أشكر الغموض لأنه الوحيد
الذي يبقى غامضا
رغم مخاوفي من المجهول
حيث يوجد الغموض
هو مسكن في خيال الطبيعة
فقد أحببتك رغم الغموض
فلا تتهمني بالغموض
هي كلمة لخداع الآخرين
عندما يكون الغموض قويا
تكون الحياة مثيرة
في حين أن اليقين
يعني الكثير من الغموض
فإني أعشقك
وأنا أعلم جيداً
بأنك أنت
الغموض كله
رضا المرجاني

حنين عصفورة ـــــــــــ د. محفوظ فرج


 حنين عصفورة

وعصفورةٍ قد راعَ سمعي صفيرُها
( بروضتنا) فيه دعتني لها قسرا
هُرعتُ سريعاً كي أرى ما أصابَها
تنطُّ من الأغصانِ من بؤسها قهرا
إذا بيَ في النعناعِ ألقى فراخَها
جناحينُها ليستْ تساعدُها طيرا
وقد هربوا منّي وقصدي إعانةٌ
لَعلّي أحظى من إعانتِهم أجرا
وأرفعُهمْ أعلى الغصونِ ليأمنوا
شراسةَ قطٍّ ليس يرحمُهمْ جَزرا
وأمهمُ تهوي كبرقٍ إليهمُ
ولم تخشَ ما تلقى تضَحّي لهم نَذرا
اسائلُها ماذا دعى لتغامري
بروحِك تلقيها بفخٍّ لمَنْ مَرّا
ولا تأبهي مِمّا حواليك حُرَّةً
كمجنونةٍ أودى بها عارضٌ زجرا
تقولُ بلا الأفراخِ عيشي مُعْدمٌ
حياةٌ بلا طعمٍ أنوحُ بها عمرا
فلا لومَ لي في الحزن ما دام بضعةٌ
من القلب لاقوْا قبلَ أن يكبروا شرّا
تباريهمْ ذعرًا وإمّا تقافزوا
إلى شجراتِ الآسِ تؤنسُها البشرى
وتندَسُّ في الأغصانِ بالقربِ منهمُ
كأنْ ملكتْ كلَّ الذي ترتجي دهرا
وبعدَ قليلٍ قد علتْ فوقَ تينةٍ
لعلَّ بهمْ فرخاّ سيتبعُها مَسْرى
وحاولَ فرخٌ أنْ يطيرَ وراءَها
فعادَ كسيرَ الجنحِ يفترشُ الغَبْرا
فيا لِأسى أمٍّ تعمَّقَ جرحُها
وقد حُمِّلتْ ما فوقَ طاقتِها عُسْرا
فليسَ لها منْ حيلةٍ تهتدي لها
تُخلِّصهمْ من قبضةِ الموتِ إنْ أزرى
فسبحانَ ربّي كيفَ ألهمَ طائراً
حناناً يفوقُ الوصفَ قد حيَّر الفِكرا
تذودُ بعزمٍٍ عنهمُ وإنْ اقتضى
بها الأمرُ أن تفنى بحبِّهمُ نَحْرا
د. محفوظ فرج
١٠ / ٥ / ٢٠٢٣م
٢٠ / ١٠ / ١٤٤٤هـ

انتظِر ـــــــــــــ شحدة خليل العالول


 انتظِر

الرَّدُّ يأتي فانتظِرْ .. يا قاتلَ الزهرَ العَطِرْ
أطفالَنا ونساءَنا ....... ولكلِّ خيرٍ يَزدهِرْ
لن تُفلتوا منْ دمِّنا .. من لحمِ طفلٍ قد بُتِرْ
مِنْ دَمْعِنا مِن حُزنِنا .. مِنْ صوتِ نفسٍ تَحتضِرْ
مِن لوعةٍ في قلبِنا ... مِنْ زِندِ ليثٍ قد قُهِرْ
لن تُفلتوا من رَدِّنا ...... بالثأرِ يأتي ينفجرْ
بركانُنا إعصارُنا . يأبى النكوصَ المُنكسرْ
يأبى الرضوخَ للذي . بالقتلِ يحيا مَنْ غَدَرْ
فلتقتلوا لن تُفلحوا . في كسرِ طَودٍ أو حَجرْ
لن تُسقطوا من كفِّنا . لحنَ الحياةِ المُنتصِرْ
ولتدفعوا ثمنَ الهوى ... دمَّاً وموتاً يستطِرْ
هيا انتظِرْ ولتنتظِرْ ...... الردُّ آتٍ والظَفَرْ
شحدة خليل العالول

تساؤل ــــــــــــ محمد رمضان الحميداوي


 (تساؤل)

لماذا ينبت فينا الخوف
نغلق أبواب تمردنا.
نقتل صوت الرفض ونسعى..
أن نهدي الحكام توددنا..
لماذا نصلب في داخلنا..
لماذا ماعدنا نشبهنا؟؟
أسرى كل حروف الرفض ..
نختبئ عن حلم راودنا ..
عمر واحد .
صوت واحد.
سفر واحد..
والحاكم واحد ..
لكن الواحد واحدنا ..
حتى أن أخطأ نعذره ..
ونقول اراد يمازحنا ..
فالحاكم عند بلاد العرب ..
أبن الرب ..
معصوم قديس خالد.
يبقى واحد ..
بقلمي
محمد رمضان الحميداوي
العراق .بغداد

الذَّيلُ الأحمرُ ــــــــــ الأستاذ محمد جعيجع


 تِسعون شَهرًا مِن مُعاناتي

" الذَّيلُ الأحمرُ "
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأزحمٌ لاعبٌ بالفرْوِ في رَصَدٍ ...
يخفي الخنوعَ له مكرُ الثّعالينا
يروغ بين دجاجٍ حاملًا كفنًا ...
له المَنى رصدٌ كلبٌ وراعينا
فإن خطا خطوةً يدعو بها أملًا ...
وإن نجا مرّةً ينسى عوادينا
وإن خوى اِكتسى ريشًا على مضضٍ ...
قد صار ديكًا فلا يخشى ضوارينا
وإن جرى لاهثًا خلفَ المُنى خبرًا ...
يجري به مسرعًا يدري مِراسينا
بين الدُّيوكِ اكترى ديكًا وبين دجا ...
جِ الخُمِّ ثَعلَبَةٌ تَنعى دَواهينا
هذا المنافقُ قد حازَ الرِّضا وَسَعًا...
مِن خِدمَةٍ لِعُبيدِ النُّورِ تَخْمينا
ثلاثةٌ لعُبيدِ النّورِ جاء بها ...
من المدينة مستاءً ثعابينا
عشرون..عشرون تعطى له قسرًا ...
بلا مذاكرةٍ زانت ضواحينا
ثلاثةٌ..سبعةٌ في الفِيزْيا لزمت ...
كشف النّقاط بإهمالٍ لوالينا
سبحان من غيّر الأحوال في عجلٍ ...
وسيق من آخر التّرتيب حادينا
لأوّلٍ دون فوزٍ راتبٍ سلفًا ...
عجابةٌ أن يصير الحِجْلُ شاهينا !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأستاذ محمد جعيجع "علوم فيزيائية" – 25 ماي 2019
متوسطة عمر بن الخطاب بحمام الضلعة
أحداثها (1987/1997م)

أنتِ قصيدتي ـــــــــــــــ نجوى عزالدين تونس


 أنتِ قصيدتي...

قال:ماذا لو غافلنا الكبرياءَ...
والتقينا خلفَ سَطْرٍ مَا...
أعانقُ طيفكِ بالخفاءِ...
ونكتبُ قصيدةَ حُبٍّ....
قالت:تعالى نسافرُ....
في ثنايا القصيدةِ...
نجدِّدُ مواعيدَ اللِّقاءِ...
نسقي الحروفَ...
من نهرِ أشواقنا.....
ونسكبُ عطرَ الحنينِ...
على قارعةِ البيان.ِ..
قال: تَدَفَّقي عشقا في شرياني..
اسكني خلجاتَ هَمْسي...
ارقُصي على إيقاع نبضي...
رِقصةً فيها موتي...
ولكِ فيها حياةْ..
قالت: تعالى أسقيكَ شهدَ حُرُوفي...
نتحرَّقُ بلهيبِ الغرام.ِ..
نولدُ من تحتِ رمادِ الكلماتِ..
ونَنمُو معًا على ضفافِ... القوافي...
قال: تفتّحي يا زَهْرَتي..
في بساتيني...
تناثري كحبَّاتِ لُؤلُؤٍبينَ..
سُطُوري..
التحفي ألوانَ السِّحْرِ والفتنةِ..
يا منْ أشرقَ قلبي بهواها...
ما زالَ عبقُ جنونكِ يغويني...
يأخذني إلى حُدودِك الآسرَهْ..
يُمِيتُني حينًا...
وحينًا يُحّييني...
إن شئتِ تمرَّدي...
على مدادِ حِبْري...
تحرَّري منْ غزلي...
ومنْ قيودي....
تجاوزي حدودَ بُحُوري...
لكنْ.... ضفافَ قلبي...
لا تهجري...
كلُّ قصائدي أتلفتها..
لتكوني في محراب عشقي...
قصيدتي الوحيدَه...
بقلمي✍️ نجوى عزالدين تونس

صمت العتاب ـــــــــــــ نعيمة سارة الياقوت ناجي


 صمت العتاب///

وعتاب على جسر الصمت
في منتصف الطريق
يتلفني العشق
فأتلف عصاي.....
كيف أنش على شوقي بين المتاهات و عماي؟ عتاب....وصمت يلفان أناي
أتوسل الريح العابرة:
خذيني أيتها المالكة سر الوجود
اعشقيني لحظةثم
اهجريني
ثم ضميني فكسري مسيري بين ثناياك...
لعلي أسقط ملكة...بلقيسية الهوى
فوق كرسي العشق
أو أعانق المغيب
في عيني ظبية أتاههاوحش الليل...
أو لعلي أصادف محرابا عتيقا
أحتمي بين زواياه قديسة
أهديه أسراري عربون وفاء
وأقلب كتب السماء
بين رفوفه
أمسح عنها غبار السنين العجاف
وأتلو على مسامع الأطياف
أسرار التنزيل
يخشع يقيني
وأركن عابدة متعبدة أعيد قراءة التكوين
في الخلق
وأسبح بين تراتيل الأنبياء
فلا مداد يكفي كلمات الود ونكهة الصبر.....
فياناظما همس الدياجي بين بحور الشعر والكلام
هل تعلم أن الكون سر
وأن السر حب
وأن الحب شوق
وأن الشوق عشق
وأن العشق يقين يطل بين شرفات
أسدلت ستائرها
تدلت بين السماء والأرض...
سافرت مع الريح...
إلى أرض بور
أنبتت براعم من شجر اليقطين
تناسلت مع رحيق الياسمين
وتوضأت بمائها الزلال ....
وعلى بساط الصخرة الصماء صلت...وأطالت سجود العشق بلا سهو
فانتشر الحب ...
يرسل رسائله القديمة
كقصص الأنبياء والفراعنة
كقصةعاشق مجدوب...
أو كحكاية عاشقين على صهوة جواد
وله و كبرياء
وغرام بين النساء
يشهد أن لا امرأة
ضمدت جراح العشق
غير تلك التي زينتها النيازك
بين شهب العشق...
كقصة الأرض الأولى
باسم قابيل وهابيل
وغراب يخفي سواَتهما
كأننا بين مقصورات قطاربلا رصيف...
حكايات الليل ممتدة
والسرد أنهكته أقلامي الجافة...
فهل نلتقي لنكمل أسرار الحكاية
وفلسفات منهكة؟
تئن بين زفيرالحياة
وشهقة الفناء؟
نعيمة سارة الياقوت ناجي

أبتاه ــــــــــ عبد الكريم حكيم يوسفي


 أبتاه

خشخشة الأرض كانت تلقي قصائدها تحت قدميك
ومطرة الربيع كانت تدفق من بين يديك
والبئر الذي كنا منها ننسل
كموعد النبي كنا نأتيها..
الأثر هنا
كسنا البرق
لا فرق
وعيناك نار
تصطلي بهما الحرة بلا تيه
الجذوة علم لا ينطفي
والرسالة كالثمرة
جنيتها بأصبع وخبأتها في معطفي
والشيح يفوح
كأنه وشاح
مذكى بريحها
ينادي فينا لا كالغرقد
هذا المن تحتي
يا سيدي
والوساد والمرقد
هذا المشهد
يا أبي مزروع لم يزل
على الجلد
تغربت به من بلد لبلد..
وأينما كنت ظل يسكنني
نكهة شعري أنت
وقاموس الأرض الذي يدلني

قراءة في قصيدة الشاعرة بلقيس قاسمي بقلم الشاعر طاهر مشي

 قراءة في قصيدة الشاعرة بلقيس قاسمي:

لَطالما شكّلت قصيدةُ النّثر حواراتٍ جدليّةً خاصة في الآونة الأخيرة خلال القرن الأخير، وقد عبّر العديد من النقاد عن آرائهم، إزاء هذا المولود الأدبيّ الذي ما فَتِئ ينمو ويكبر، بسرعة فائقة، إذ شهِدتْ قصيدةُ النثر انتشاراً كبيرا بعيداً عن أعمدة الشعر وكوابيس القوافي وبحور الشعر.
فهذا التحرّر الأدبي، لا يُشكِّل أزمةً في الشعر، بل فُسحةً خيالية، وكتلة من المشاعر الفيّاضة، تجاوزت حدود القوافي ؛ لإثراء الساحة بطرحٍ فنِّي، ذي خصائصَ فريدةٍ ومُتقنة، حيث باتت محورَ التّحرر خاصة بعد ظُهور قصيدة التفعيلة وانتشارها.
ومن هذا المنطلق، اخترتُ قصيدةَ الشّاعرة المتميزة بلقيس قاسمي؛ حتى أقاسمَكم هذا الطّرح.
حيث اعتمدتْ شاعرتُنا النثر كوسيلةٍ تعبيريّة، جمّلتْها بإيقاع سخيٍّ بالمقاطع الصّوتيّةِ الرائعة،
كما أنّ لِهذا النَّص، مُثُلاً جماليّةً إبداعيّة بتكاثف الصُّورِ البنّاءة  واللغة البلاغية السلسة،
فقد اشتمل على العديد من الاستفسارات بنقاط استفهاميّةً خاطبتْ بها الشاعرةُ ذاتَها وشخصها الباطنيّ ؛لِتُردفَها بإجابات عميقة، أبلَغتْها للمُتلقي على شكل لوحاتٍ فنية إبداعية؛لتُضفي على القصيدة صبغةً شعريّةٍ بِبَديهةٍ
 وحنكةٍ في الصّياغة والتعبير، حيث وضعت النّقاطَ على الحروف وحمَلتنا في رحلة استكشافية لِما يجول في مخيّلتها، من مشاعِرَ وأحاسيس وما نتج من مخاضٍ لهذه الأحداث:
قالت:
إلى أين المسير؟
إلى ترهات الزمن العسير؟

فالقصيدة نثريّةٌ ذو طابع بديع بلغة شعريّة، غلبت على تركيبها الاستفساراتُ والتشابيه الحية ،لتبليغ رسالتها .
ولقد اعتمد هذا الأسلوبَ الشّاعِرُ الرّاحل والمدرسةُ الأديبة العريقة "محمود درويش" في العديد من نصوصه الشعرية.
من قولها:
إلى أين المسير؟
سؤالٌ نازفٌ بِحقّ مَن غلت حُمى الأوطان في عروقهم ،
بمن تشبّثوا بوَهْمِ الأرض كحلم أبديّ.
يزاحم شتات الذاكرة...
هنا سيدتي لمحتُ بريق فنٍّ وإبداع، كأنك تُبصرين من وراء سدٍّ منيع؛ لِتصلَ الصورة ُمتكاملةً، متزامنةً لا خُدوش يَعتريها، فتُبدعين الولوج إلى ما لا وجود للإبحار معك.
قالت الشاعرة:
خلْفَ رفاتِهم أطاعت أجسادهم وهْمَ الموت.
وأطعنا نحن طابور المسير
هكذا تكمن المُفارقة بين الحياة والموت، فعندما ينتهي المسير يُقبلُ الموت.
هذا الجمال المفقود، وهذا المشهد الكامنُ وراء الستار، شكّل بحثاً روحيّا؛لتكتَمِلَ الصورة الشعريةُ، وتنفرد القصيدة
بِلوْحةٍ فريدةٍ من شاعرة متميزة، أتقنت خبايا الحرف والكلمات،
غاصت شاعرتُنا في البحث ؛لتكونَ لها كلمتُها الخاصة، ومسار ُها المنفرد الذي حدّدته القصيدة،
إن قصيدة النثر قد تجاوزت جوهر القصيدة العربية، وخطيبها، فكان لها  رونقٌ خاص، وحسٌّ وجودي متميّز كبقية الأجناس الأدبية، كقصيدةِ التّفعيلة، والقصيدة العمومية وغيرها من الأنماط الأدبية.
إني أرى هذا الكيان يكبر ويغزو ميدان الساحة الثقافية بشدة، ورغم هذا يبقى لكلّ نمَطٍ ولوْن إبداعيٍّ روادُه ومحبّوه ومُتقِنوه.
دمتِ شاعرتَنا المتميّزةَ بهذا العزم والعطاء!
الشّاعر طاهر مشّي.

ألقصيدة:
ربما نحن العابرون إلى أحقاب زمن غابر
ربما نحن ما ورثنا هذا القلق الدائم
إلى أين المسير؟
إلى ترهات الزمن العسير؟
و نعلو كموج في مدى هذا الوقت العصيب
ربما احتجنا إلى حروف زئبقية مائية
لنملأ رئانا بأكسجين القصيدة
و تتطهر أجسامنا من ثاني أكسيد....قلق حياة لعينة!!
إلى أين المسير؟
سؤال نازف
بحق من غلت حُمى الأوطان في عروقهم
بمن تشبثوا بوهم الأرض كحلم أبدي
يزاحم شتات الذاكرة...
إلى أين المسير؟
خلف رفاتهم أطاعت أجسادهم وهم الموت
و أطعنا نحن طابور المسير
ربما كان الفناء لهم حياة
و كانت حياتنا دونهم فناء
إلى أين المسير؟
و ملح الأرض من دمعنا يسيل
ومن عرق كل جبين كادح يهيم
إلى أين المسير؟
على بساط الريح...
أوزّع سعادة المحبين على من خذلوا
كنبي للعشق أطير...
أو أشرع كل أماني العمر بحق من تألموا
كإلهٍ للأمل أصير...
إلى أين المسير؟
سؤال نازف
من عمق جرحنا تُراق حيرته
و من أمل كاذب فينا ربما تُستطاب محنته...
بقلمي
بلقيس قاسمي