زائر من العالم الافتراضي
كانت لي اطلالة خاطفة على واقعهم، فلم اجرؤ على مزيد الغوص فيه. افزعني مثلكم ما يعانون. و رافت على اجسادهم المنهكة التي تغطيها اسمال من الروبافيكا او المواد المكررة التي تاتيهم من الصين.
مر قرب مخبئي احدهم، فهمست له بلطف:
- هاه، يا اخانا. هل لا يزال الحال على ما عليه؟
- عن اي حال تتحدث، يا هذا؟
- حال البلاد، طبعا، وصولات وجولات الثورجيين التي عهدنا.
اجاب:
- بالله عليك يا غريب. هل جئتنا من عالم اخر؟
- ابدا، اضنني اقرب اليكم منكم. اقرا عن اخباركم والتفاعل معها بالتنويه والنقد والتشفي، واقترح الحلول ولا من مطيع.
- وما يجعلك تخوض في مشاغلنا؟ هل يهمك فعلا ما نحن نقاسي؟
- اظنني كذلك منذ ان وضعت قناعي الجميل ورتبت لي بيتا وزينت جدرانه بكل ما يوحي بذوق راق في فنون التصوير بالالوان والحروف.
- لكن ماذا قدمت لخدمة قضايانا غير الانشائيات والمقولات اللاذعة والمتهكمة؟
- تلك هي اسلحتي، اقارع بها ظلم الظالمين وافضح نوايا وافعال الفاسدين.
- يا لغباءك! ومن تظنه يسمع ويتاثر بما تقول وتكتب. انت تختار برجا عاجيا، يشرف على معاناتنا من اعلى ولا يتجاوز دورك توصيف ما ترى. اما حلولك فهي اثغاث احلام.
اجبت و قد صدمني الرجل برايه:
- لو اردت ان تفهم مقصدي، انا اقارع الاهوال بقلمي وريشتي و استحث همم الغاضبين للمبادرة بتغيير الاوضاع. انا صرختك وصرخة امثالك امام ظلم الظالمين.
- لمن تنفخ مزمارك يا داوود! هل تظن ان نحن سامعون؟
- الخطا خطؤكم اذن. انا قمت بدوري
- انت وامثالك، اشبه ما تكونون بغربان ناعقة في الخلاء، وقد تبتهجون لكل مصيبة او كارثة، تطلق العنان لقريحتكم حتى تنتج نصوصا و صورا جميلة تضيفونها لمحتوى كتبكم التي لا تقرا.
- يا لخمولكم! انتم لا تتفاعلون معنا ولا تقرؤون ما نكتب، كيف اذن يمكننا مساعدتكم؟
- نحن لم نعد بحاجة لابواق اضافية ، بعد الاذاعات والتلفزات وتجمعات الشارع، بتنا لا نفقه ما تردد الابواق بعد ان تصدعت اذاننا بالتحاليل والخطب. لن نعد نصدق احلامكم الوردية ولا وعودكم الذهبية ولا دموع التماسيح التي تذرفون. نحن عدنا نجتر مرارة واقعنا ونتناسى ماساتنا بالانقطاع عن الحلم وتقليص سقف الامل واشجع من بيننا، اصبح يلوذ للعزلة قبل ان يرتب له طريقة ليفر ويترك لنا الدنيا وما فيها من معاناة.
-محمد المهدي حسن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق