الأربعاء، 17 نوفمبر 2021

مــــــرافـــيء/ السعيد عبد العاطي مبارك – الفايدي/جريدة الوجدان الثقافية


 مــــــرافـــيء

بقلم : السعيد عبد العاطي مبارك – الفايدي
------------------------------
[ اللحن في اللغة - وفساد اللسان و الكتابة ]
*قال تعالى :
" وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ " ٠
وقد أًعطي النبي العربي صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم ٠
* و من ثم قال النبي صلى الله عليه و سلم للأعرابي الذي لحن :
«أرشدوا أخاكم فإنه قد ضَلّ» ٠
وكان عمر بن عبد العزيزرضي الله عنه يقول:
«أكاد أضرس إذا سمعت اللحن».
٠٠٠٠٠
باديء ذي بدء الحديث ذو شجون عن جماليات اللغة العربية بداية من علومها وآدابها ولمَ لا إن اللغة العربية هى لغة القرآن الكريم و لغة أهل الجنة و النبي عربي ، و هي لغة ديوان العرب – الشعر الخالد – علمهم الذي يسجل و يحكي و يروي أيامهم و بطولاتهم ٠٠
ولذا نجد أهمية اللغة العربية " الفصحى " فهي لغة الأدب و التخاطب و ما أحوج المعلم و الخطيب و المحام و الإعلامي و الصحفي و السياسي الي سلامة اللغة في التعامل ٠
فهي لغة الضاد التي شرفها الله عز وجل تكريما بأن نزل بها القرآن الكريم بلسان عربي مبين ٠٠٠
فهى اللغة الشاعرة المفعمة بالإعراب و وبالبلاغة و بالإنشاد و الموسيقى ٠٠٠
يألفها كل عاشق للحياة العربية فقد حوت كل مظاهر العلوم و الحياة الثقافية في يسر ٠٠٠
و كان للحن ارهاصات وبدايات تم تسجيلها منذ عصر النبوية و الصحابة حتى الآن لمعالجة الأخطاء الشائعة ٠٠٠
قال الأصمعي:
أربعة لم يلحنوا في جِدّ ولا هزل: الشّعبي، وعبد الملك بن مروان، والحجّاج بن يوسف، وابن القِريّة.
وقال الإمام الشافعي رضى الله عنه :
فاللغة العربية لا يكاد يحيط بها إلا نبي ٠
نعم فما أجمل أن نطلع على أسرار اللغة العربية في إيجاز دون جهل عن طريق النحو و البلاغة وعلومها وآدابها المتعارف عليها من خلال النصوص الرصينة الجميلة لغة الضاد المميزة ٠
و لكن لتفشي ظاهرة اللحن نطقا و كتابة و فساد السليفة ودخول المصطلحات الاعجمية كل هذا ضيع الكثير من أهدافها السامية و انشغال الناس باللغة الأخرى الأجنبية على حساب العربية في العلوم و التجارة و الثقافة هلم جرا ٠٠٠
دون ضوابط وتوازن حتى في النقد الأدب العربي نشاهد طلاسم لا تفيد الإبداع إلا تعقيدا ٠٠٠
و من ثم يجب علينا فهم نقاط الضعف في تصفية الشوائب من الاخطاء الشائعة في الالفاظ و جمل الكلام و التحري الدقيق علي الحوار و التخاطب بسلامة في استعمالاتنا اليومية الحكومية و المدنية معا من خلال الواقع اليومي الملموس ٠
من أجل أن ننهض بلغتنا العربية هويتنا بين الأمم سجل التراث و الحضارة التي حفظت لنا كل ما نذخر به حتي اليوم ٠
و التخلص من الدخيل الذي كتب له الانتشار و الذيوع و الشيوع من لهجات عامية شعبية امتزجت بها فكانت النتيجة الركاكة و الابتذال ٠٠٠
و علي أية حال نجمل نطالعتنا نحو لغتنا العربية و أثر اللحن في نظمها سلبا ٠٠٠
و الحرص علي فهم الالفاظ في اطار النحو والصرف و ضبط الكلمات و تشكيل الحروف و بيان وظيفة المفردات في سياق الجملة من خلال الكلام و الارتقاء بالتعبير في التخاطب و التعامل و كتابة الموضوعات في روح راقية هكذ ٠٠٠ !!
و قد ذكر اللغويون أن للَّحنِ ستة معان: الخطأُ في :
( الإعراب، واللغةُ، والغناء، والفِطْنَة، والتعريض، والمَعْنَى).
بجانب ضياع جمالها نطقا و كتابة و انحرافا عن سلامة اللسان العربي لضبط منطوق و رسم الكلمات في الاستعمالات اليومية المختلفة ٠
و لذا حكي القرآن علي لسان موسي الكليم عليه السلام في سورة طه :
( رب اشرح لي صدري و يسر لي أمري و احلل عقدتي من لساني يفقهوا قولي )
الخطأ في الإعراب، أي الخطأ النحويّ
بما في ذلك ما قد يعتور الألفاظ من خَللٍ في ضبطها أو استعمالٍ لها في غير ما وُضِعت له. ومع ظهور المصنفات التي تحمل اسم «لحن
العامّة» و«إصلاح المنطق»، و«أوهام الخواص»، و«تثقيف اللسان» أخذ مدلول كلمة
«اللحن» يضيق حتى اقتصر على «الأخطاء اللغويّة الشائعة»، وقد عدّ بعض المعاصرين في
جملة الأخطاء تلك الألفاظ الدخيلة أو المعرّبة مما يمكن الاستغناء عنه لوجود ما
يقابله في اللسان العربي.
وأنّ اللحن بمعنى الخطأ في الإعراب واللغة، بدأ قليلاً خفيفاً منذ أيام الرسول، فقد لحن رجلٌ بحضرته فقال:
«أرشدوا أخاكم فإنه قد ضَلّ»، والظاهر أنّه كان معروفاً بهذا المعنى ٠
و قد روي عن النبي صلي الله عليه و سلم قوله:
«أنا من قريش ونشأتُ في بني سعد، فأنّى لي اللحن؟»
وعهد عمر أثبتت المصادر عدداً من حوادث اللحن، منها أنه وردَ إليه كتاب أوله:
(مِنْ أبو موسى الأشعري)، فكتب عمر لأبي موسى يأمره أن يضرب كاتبه سوطاً.
لأنه رفع المجرور ٠
ويلاحظ أن
اللحن في هذه الفترة بدأ يتسرب إلى قراءة القرآن، من ذلك قصة الأعرابي الذي قَدِم
أيام عمر وقال:
«من يقرئني شيئاً مِما نُزّل على محمد؟» فأقرأه رجلٌ من سورة براءة ٠٠ هكذا :
(أنّ الله بريءٌ من المشركين ورسولِه)
فقال الأعرابي:
إن يكن الله بَرِئ من رسوله فأنا أبرأ منه ٠ فأمر عُمر ألاّ يُقرئ القرآن إلا عالمٌ باللغة ٠
و حكاية بنت أبي الأسود الدؤلي تكون المَعْلَمَ المشهور في تاريخ النحو.
ما أجمل السماءُ تريد التعجب لا الاستفهام فارشدها إلى فتحها السماء َ ، و القصة مشهورة في سبب وضع علم النحو مع الامام علي رضي الله عنه ٠
ثم شاع اللحن في العصر الأموي حتى مسَّ ألسنة البلغاء من الخلفاء والأمراء، وكان مِما يُسقط الرجل في المجتمع أن يلحن
حتى قال عبد الملك ابن مروان وقد قيل له:
«أسرع إليك الشيب»
فقال :
" شيبني ارتقاءُ المنابر مخافة اللحن " ٠
وكان يقول أيضا :
«إن الرجل ليسألني الحاجة فتستجيب نفسي له، فإذا لحن انصرفت نفسي عنه».
وكان عمر بن عبد العزيز يقول:
«أكاد أضرس إذا سمعت اللحن».
و قد تعرضتنا في مقالات عدة من قبل عن ظاهرة " اللحن " و مدى تفشيها قديما و حديثا و أوردنا أسانيد كثيرة تبرهن على هذا ٠
و حتي لا نطيل الوقوف و الاسهاب في هذا المضمار قد أوجزنا الكلام كي يستوعب المتابع الكريم جوهر و خلاصة الموضوع في قضية اللحن و الدخيل من خلال الخطوط العريضة ٠
= الّلحن في اللّغة :
هو من الفعل لَحِنَ، ومعنى لَحَّنَ فلانًا:
أي خطّأه في الكلام، وعندما يُقال ألحن الخطيب في كلامه: فمعناه أنّه وقع في خطأٍ لُغويّ أو نَحْويّ أثناء إلقائه، حيث قال الله تعالى:
" وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ " ٠
ولحن القول هو مقصده، وما يفهمه السّامع، متأملًا فيه ليعلم هدفه من لفظه، فمفهوم اللّحن هو التّكلم بطريقة مخالفة للصّواب في قواعد اللّغة العربيّة ٠
* واللحن :
هو الميل والانحراف عن الصّواب إلى الخطأ ٠ = وأمّا اصطلاحًا :
فهو تلاوة القرآن الكريم بشكلٍ مخالفٍ لقواعد اللّغة العربيّة، كاستبدال حرفٍ بحرف أو حركة بأخرى، أو تلاوته بطريقة مخالفة لقواعد التّجويد، الذي يؤدّي إلى خللٍ في معناه فالقرآن الكريم نزلَ مرتلًا مُجوّدًا، وقد سمّى علماء القراءات القراءة من دون تجويد لحنًا؛ لذلك أفردوا له بابًا خاصّا؛ لحفظ مفردات القرآن الكريم التي نزلت على الرّسول-عليه السّلام- كما هي من غير خلل، وسيء
حفظ الله لسان ويد العربية من الانزلاق عن ضوابتها و بحرها الجميل المنبع الصافي ٠
مع الوعد بلقاء آخر إن شاء الله ٠
==================

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق