ما كانوا وما كنا..
..بل خلٌدتنا دواوين الكلام
جلال باباي(تونس)
١
كان عليّ حقا
أن أرمم ما تبقٌى
من وقتي الزائف
وجدت الزمن يهرب منٌي
تتلاشى المفردات حبٌات رمل
تحت كثبان قديم
يكاد الضوء ينفذ
إلى أطراف الصوت
حتى تداهمه مبكرا تلك العتمة
اسمع قصٌتها المبحوحة بداخلي
يتدفق وجعي على مسامعها
لماذا أكتب..
..عن فراقها المباغت؟
عن خيانة وطن؟
عن غربة خانقة ؟
عن أنثى جائعة إلى العشق ؟
لم أشأ أن ألتفت إلى الأسئلة
حتى لا تسقط عذريتها
كان وجهي يتصبٌب مطرا
فكتبت باحمر الشفاه
قصة غرامنا المفكٌكة
على الحيطان
٢
لم تثمر اراضينا
شقائق النعمان
لم نعثر على حُجُراتِ الشعراء
جرف أوهامنا الباذخة لؤلؤا
ذلك الطوفان
قالوا :
سنفك القيد
سنغطٌي اشعة الشمس
برداء أيادينا الواجفة
نرجم بحصيٌات النار
بهتانه ذاك الشيطان
واستدرج فصلا
من ألف حكاية ورواية
فما كانوا وما كنا...
قالت شهرزاد :
حرْروا العبيد
أطلقوا سراح حريم السلطان.
٣
يسرق ضوء القمر من ظلالنا
سعف النخيل في الجريد
أثمرت تلك الرطب
أهزوجة الوطن السعيد
ما كانوا وما كنا
بل خلٌدتنا دواوين الكلام
نقيشة على قبورنا
قبيل الموت الموعود
صرنا بفهرست الراحلين
اهملتنا دروس القراءة
اقتادوا أعناقنا إلى المقصلة
وروينا لللاحقين الهزيمة من جديد
لقد جرٌمونا
فمتى نصالح أشبالنا
مع الهوية؟
ونخبر العالم
أننا هنا قابعون
لن نغادر ابدا خيامنا الأولى .
٣
أنا سليل إنسان
تكسوه عشبة السعادة
أوقظ إكسير نجواي
النائم فيٌ كل صباح
وأشذب أغصان الحزن
من جسدي المتهالك
ثم أنزوي شطر اليمين الثابت
لآمرٌر حبر دمي إلى مجرى ممشاي
أنا الفتى
كنت أتدرٌب على رفرفة الخطاطيف
أُراقصُ الدٌِيكَة بفناء الدٌار
أنا مجرٌد نبضة
فوق رصيف المارة
ضاجٌا بقمر الليل
أهرع إلى خلوتي.
٤
عيون كل المدن مقفلة
ليس للشوارع لون
ولا عطر طبيخ
يخيٌم على الممرٌات
انتفض بجسدي
فوق سرير مهجور
أعدٌل مسار خطاي
أبكي يسار وجهتي
المحتدم بالشظايا
قلبي جرس معلق
بباب الصلاة
استعيد قامتي
في حضرة الله
ذات فجر.
٥
أمرُ هشّا على فوضاي
أعيد ترتيب التفاصيل
أحاول التحليق مع الفراشات
بحثا عن السعادة
وأحياناً اقتفي أثر الغيمات
ليلا مع المتصوفة
ألحق بعزلتي
بلا آهات مدوْية
التقط ملامح وجهي القديم
قال لي ثملا
بماء الروح :
تزهر وحدك
دهشة في الأقاصي.
٦
وحدي أشعل جمر نومي
أهتدي الى سبيل الغواية
تنبت داخلي
أقضمها عشبة الكلأ
أحرٌر دمي
من دَرَنِ الشهوة الكاذبة .

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق