الأحد، 16 مايو 2021

الاِعترَافْ بقلم الشاعرة ياسمينة أحمد بوشوارب

 الاِعترَافْ .... ياسمينة أحمد بوشوارب

قِف هُنَا
وَضَع سَطرًا تَحتَ هَذَا العُنوَان
أنَا عَربِيٌّ مَوجُوعٌ
أنَا اِبنُ هَذِهِ الأَرض الجَوعَى
بِالمَطَر
أَعتَرِفُ وَقَلبِي يَرُجُّهُ الوَجَع
ضَجَّت مَشَاعِرُنَا بِالوجَم
وتَلِهَت فِي فَوضى الشَّتَات
فَلَمْ نَعُد نَشعُرُ بِالأَلَم
وتَنَاسَينَا شَكلَ الوَهَج
مُنذُ أَنْ نَفَقَتِ العَصَافِيرُ
عَلَى أَسطُحِ مَنَازِلِنَا
وَتَشَيَّعَتِ الكُرُومُ بِأَطيَافِ الكَفَن
وَزُفَّت أشجَارُ الزَّيتُونِ
جوفِي مَوكِبِ الجَّدبِ
فَلَم تَعُد تَطمَحُ لِأَن تَفُكَّ إِزَارَهَا
فِي عُرسِ الضِّبَعِ
فَقُلنَا لَعَلَ الصُّبحَ يَنتَفِض
فَيُزِيحُ الرَّمَادَ عَن أَرصِفَتِنَا
لعَلَ الموتَ يَنكَسِر
فَيَكُفَّ عَن مُضَاجَعَة أَحلَامِنا
لَكِنَّ الجِيفَ لاَتَزَالُ تَتعَرَّى
وَتُسَيِّجُ أقبِيَةَ الرّذيلة
عَلَى عَتَبَاتِ القَصِيدَة
أَتَرَى ذَاكَ العِقَال؟
فَقَد أَضحَى رَسْمًا بِلاَ هُوِيَة
مَاعَادَ يَقدِرُ أَنْ يَتَطَهَرَ مِن السَّدَم
ولاَ أَنْ يُعِيدَ لِلعَبَاءَة
صَوتَهَا المَقمُوعَ فِي الوَحَل
وَلاَ أَنْ يَمتَشِقَ مِن حَوَافِرِ الإِعصَار
مَسَارَات لِلتَّجَلِي
هُو مَشهَدٌ آخَر لِجَرجَرَةِ بَعِيرٍ مُنهَكٍ
منَ الزَّحَفِ خَلفَ السَّرَاب
هَذِي أنتِ يَافَلسطِين !
ياجُرحًا !
مَازَالَ يُفَتِّشُ عَن مَوْطِنٍ لِلتَّعَافِي
يَاجُرحًا !
مَازَالَ يُفَتِّشُ عَن الطِّفلِ القَابِعِ
فِي جُثَّتِي مُنذُ بَدءِ الحَضَارَات
يُفَتِّشُ عَن الطِّفلِ الثَّائِرِ
الذِّي أَبَى أَنْ يَعتَرِفَ بِرُجُولَتِه
فِي وَطَننَا العَرَبِيِّ .
عَابِسٌ قَلبُكِ يَافَلسطِين !
تَجتَاحُهُ ظِلاَلَ المَقَابِر .
عَابِسٌ قَلبُكِ
ومَاعَادَ يَستَوعِبُ صَمْتَ الجُدرَانِ
وَعُزُوفَ اللَّهِ عَن صَلَواتِك
وعَن ذَاكَ اليُتمِ الغَافِي
فِي حَدقَاتِ المَنفَى .
كُلُّ أَعدَائِكِ يَنتَظِرُونَ سُقُوطَك
فِي لُجَجِ الخِطَابَات .
يَنتَظِرُونَ مَوتَكِ بِالسُّمِ أو بِالطَّاعُونِ .
هُم يَنتَظِرُونَ
وَأنتِ يَافَلسطِينُ !
يَاأُمَّ الشَّهيدِ ، وَالجَريحِ !
يَامَوطِنَ القَذِيفةِ ، وَ الحجَارَة
والأطفَالِ العَابِرِين
مِن هُوَّةِ الغَضَب
والشُّعرَاءِ المُذَبحِّينَ
فِي مِحرَابِ الكَلمَات
رَغمَ العُقمِ الذِّي يَقتَاتُ مِن قَمحِكِ
المُغمَّس بالوَحَل
رَغمَ أَنوَاعِ الغَمَام الذِّي يَجتَاحُ أهدَابَك
بِشَفَة مُعَتَّقَة بِالغِوَايَة
فأنتِ بَاقِيَةٌ شَامِخَةٌ كالصَّقرِ
عَلَى فُوَّهَة بُركَانٍ مُستَعِرّ
بَاقِيةٌ كَغُصَّةٍ جَارِحَة
تَجتَاحُ مَوَاقِدَ الفُجُور
بَاقِيَةٌ رَغمَ الأَلَم
مَادَامَ أَنَّ هُناكَ قَلبًا يَنبُضُ بِالأَمَل
بَاقِيةٌ لِأنَّ الرَّذَاذَ مَازَالَ يَهطِلُ
يُوقِدُ مَشَاتِلَ الرُّوح
ومَازَالَ القَمحُ يُحَاولُ أَنْ يُعَانِقَ
أسرَابَ الحَمَام
وَيصنَعَ رَغمَ سَطوَةِ الخَوَاء
وَتَشَظِي الرَّصَاص
طَريقًا لِلسَّلاَم
وَالحِجَارَةُ تُلَملِمُ جِرَاحَاتهَا
لِتُعلِنَ يوما آخرَ لِلتَّحَدِي
هَذَا اعتِرَافِي وَمَازَالَ قَلبِي
يَرُجُّهُ الوَجَع
باتنة / 2021
الجزائر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق