حين يصرخ سفاحو تل أبيب: صمتا... إننا نقتل
الاهداء : إلى أبطال المقاومة الفلسطينية الجاسرة في صمودهم الشامخ..إلى شهدائنا الأبرار..وإلى أحرار العالم ممن يساندون الشعب الفلسطيني الحر
.. قد لا أجانب الصواب اذا قلت إن اليهود لم يتعرضوا بتاتا لأي اضطهاد من العرب، بل كانوا جزءا من المجتمع العربي، ولكن الغرب العنصري أراد التخلص من اليهود بدفعهم الى تأسيس دولة تقوم على أساس ديني، وعلى أساس اختلاق تاريخ كامل عناصره الأسطورة ومعاداة المنطق، من هنا كان دعم الغرب الاستعماري، العنصري لقيام دولة اسرائيل ليس كخطيئة وجريمة في حق العرب عامة والفلسطينيين خاصة انما كخطيئة ايضا ضد اليهود بحشرهم في «غيتو» اتخذ هذه المرةشكل دولة، دولة تقوم على أساس عنصري المتميزون فيها هم اليهود لأنهم يهود وداخل اليهود أنفسهم تمييز آخر بين من هو غربي ومن هو شرقي.
اذن.. ما الفرق بين الفكرة العنصرية والفكرة الصهيونية، كلاهما يقوم على أساس الانتقاء العنصري، والتعصب لجنس ولفكرة. هكذا جنّد الغرب طاقته لإزاحة شعب كامل من مكانه، واحلال اليهود مكانهم، وما نراه الآن على أرض غزة من قصف بأحدث الاسلحة الامريكية لمنازل ومستشفيات وسيارات مدنية ما هو الا فصل من فصول المأساة التي أعلنت رسميا باسم دولة اسرائيل...
والأسئلة التي تنبت على حواشي الواقع:
كيف لم يفكّر العرب وأنظمة حكمهم طوال خمسين سنة من الوجود الاسرائيلي في الأسس الناجعة التي تسمح بالحد من سطوة اسرائيل وتتيح للكفاح الفلسطيني ان يحقق أهدافه العادلة، وللجماهير العربية ان تتخلص من التخلّف والتبعية والحكم الفردي؟
هل سينتظر العرب السقوط الامريكي الحتمي معولين على نظرية ابن خلدون حول صعود الامبراطوريات وهبوطها؟!
وهل سيستمرون على حتمية تصدع الكيان الصهيوني وانفجاره من الداخل وابتلاعه ديموغرافيا بالاعتماد على قوة الخصوبة الانجابية عند الفلسطينيين؟؟
ألم ندرك بعد ان الواقع في الغرب بدأ يتغير وبدأ الرأي العام يكتشف حقيقة جرائم الصهاينة، واستهداف العزل بالرصاص الحي.. لاسيما بعد ان أمطرتنا الفضائيات بمشاهد بربرية دموية لا يمكن لعاقل ان يصدّق وقوعها في القرن الحادي والعشرين.
فرق الموت تنزل من السماء وتحطّ على سفن محمّلة ب«أرغفة» في طريقها الى أفواه «غزاوية» جائعة، ثم تفتك بمدنيين عزل لا ذنب لهم سوى أنهم تعاطفوا مع شعب مسيّج بالأكفان...
قرصنة وقتل على مرآى ومسمع من العالم.. و.. يستمر الدم في النزيف.. ويستمر الشهداء في السقوط.. ويستمر «أحرار العالم» في مواجهة الكوموندوس الاسرائيلي المدجج بأسلحة الموت وبحقد دفين لا شفاء منه...
الى متى؟..
وكم يحتاج الامر الى مثابرة وزخم ودم ليضطر العالم الى سماع الصوت الفلسطيني الذي لا يصل إن لم يكن له هذا الثمن الفادح؟..
لن يصدّق العالم اليوم ان الديمقراطية الاسرائيلية هي ارستقراطية الأكثرية ودكاتورية الاكثرية وأنها في عالم قوام الديمقراطية فيه حقوق الاضعف وحقوق الاقليات، مختلفة عن العالم وعن العصر.
الفلسطينيون وحدهم يستطيعون ان يتحدثوا عن نصر ممكن ينبثق من دفقات الدم ووضوح الموت. المواجهة عندهم تعني الفعل الذي لا يقف عند حدود الكلام والنوايا، إنما هو فعل وجود يصرخ أمام كل العالم بأن الاستعمار غير مقبول وبأن الحرية والسيادة مبدآن لا يمكن التخلي عنهما مهما كانت سطوة الجيش الاسرائيلي وعماء الدول الكبرى المتفرجة على اسرائيل وهي تستعرض عضلاتها.
ولكن.. في مثل هذه الوضعية، كيف أقنع النفس بأن عدالة القضية ستحميها من وحشية الدين يمارسون سياسة اليد الطولى ولا يحترمون قوانين المنظمات العالمية؟
اكتفي بأن أتابع المشهد، أنام وأصحو لأحصي عدد الشهداء، وأرى بعيون دامعة الدم الفلسطيني مراقا وعلى الجنائز تخب كل يوم في مشهد قيامي مروّع باتجاه المدافن.
كيف يستعيد المنطق قدرته على اقناعي بأن هذه المواجهة غير المتكافئة لن تعرّض جزءا كبيرا من شعبنا هناك،للإبادة؟
لماذا الماسكون بزمام العالم يعبّرون عن تخوفاتهم من زعزعة دولة اسرائيل ولا ينادون بتصفية الاستعمار في فلسطين؟
من اي موقع اذن، أتكلم ويكون لكلامي معنى أو ثقل؟
أحس كأن حاجيات الوميض تنتصب من جديد،ودفقات الدم الفلسطيني،عبر الفضائيات، تذكّرني أكثر فأكثر،بهذا العجز الخانق. تضيف اليّ وجعا قاسيا و أنا أرى وجوه الشهداء مرفوعة امام سماء عمياء،فيما القذائف والصواريخ تواصل هجماتها، وليس هناك فعل عربي يساند بالملموس عظمة هذا الشعب الجبّار في صموده وتصديه.
لأكون صادقا أقول إنني الآن، وأنا غارق في عجزي، أحسّني على حافة ليل طويل، متخم بالدياجير،ولا أستطيع ان أعزّي النفس بأنني أنتظر فجرا أو قيامة.
محمد المحسن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق