الاثنين، 4 أبريل 2022

يحترق القلم بقلم د. ربا رباعى

 يحترق القلم

بخيوط لهيب عشقك
وتصبح الأحرف تشدوبغرام عينيك
اني ابحث عن حريتي
لاهرب لوطن سكن الفؤاد
وقيدني بمتاهات
صمت طيف
عشقك
انت من اغتال
هواجسي ووجداني
ونزف بالجراح
فؤادي وارتحل
غابت خطوة الخلود
واستجمعت تراتيل الهيام بك سيدي
اني لا أدري
متى يجمعنا ذاك المصير
اني ارقبه بلهفه
وها هو القلم ينزف
بوئام عشقك المخلد بدمي
فهل يسمع المحبوب عشقي
ويرحم
د. ربا رباعى
Peut être une image de 1 personne et étendue d’eau

ثالث رمضان إِلَـــــهِـي بقلم الأديب عبد المجيد زين العابدين

 السلام عليكم وإفطارا شهيا

03
ثالث رمضان
إِلَـــــهِـي
تَدَهْوَرَ قَوْمِي وَأَنْتَ تَرَاهُ **وَشَاعَ الْخِلَافُ وَلَسْنَا نُجيِدْ
قَضَاءً عَلَى الْمُشْكِلَاتِ لَدَيْنَا **نَرَاهَا عِيَانًا بِدُونِ حُدُودْ
نَرَاهَا كَأَنَّا نَرَى مهْرَجَانًا **يَلُوحُ إِلَيْنَا كَبِيــــرًا عَتِيــــدْ
فَلَسْنَا نَثُورُ عَلَيْهَا اِبْتِدَاءً **كَمَا لَوْ نَمِيلُ إِلَى أَنْ تَعُــــودْ
******************
كَأَنَّا سُلِبْنَا الْإِرَادَةَ سَلْبًا **فَلَسْنَا لِنَفْعَلَ مَا قَــــــــدْ نُرِيدْ
وَمَا قَدْ نَرَاهُ وَلَوْ لَا يَرُوقُ **وَلَوْ كَانَ نَهْجَ فَسَادٍ يَسُودْ
وَلَوْ قَدْ أَخَلَّ بِأَخْلَاقِ قَوْمِي**وَنَهْجٍ سَلِيمٍ وَرَأْيٍ سَدِيدْ
وَأَخْلَاقِ نُبْلٍ كِسَاءِ الْجَمِيعِ** فَلَيْسَ يَهُمُّ وَلَيْسَ يُفِيـــــدْ
******************
فَقَوِّ إِلَهِي الْإِرَادَةَ فِينَـــا **عَسَاهَا تَصِيرُ كَمِثْلِ الْحَدِيدْ
لِنَسْطِيعَ رَفْعًا لِشَأْنِ بِلَادِي**وَنَحْتَازَ وَضْعًا رَفِيعًا جَدِيدْ
وَيُصْبِحَ شَعْبِي يَعِيشُ الْأَمَانِي**وَيَنْسَى الْعَنَاءَ الَّذِي قَدْ يُبِيدْ
بِشَهْرِ الصِّيَامِ وَشَهْرِ الْقِيَامِ **وَأَنْتَ الْعَظِيمُ الْقَوِيُّ الْعَتِيدُ
******************
فَشَهْرُ الصِّيَامِ وَحِيدُ الشُّهُورِ **لَدَيْنَا وَمَنْ عِنْدَنَا مِنْ جُدُودْ
عَلَامَةُ تَقْوَى الْإِلَهِ لَدَيْنَا **وَفَخْرٍ وَعِــــــــــزٍّ وَكَنْزٍ تَلِيـــدْ
وَقُرْآنُنَا فِيهِ أَكْبَرُ ذُخْــرٍ **يُعَلِّمُ أَسْرَارَ عَيْشٍ رَغِيـــــــــــــدْ
فَمَنْ لَمْ يُفِدْ مِنْهُ إِمَّا تَلَاهُ ؟**أَلَسْنَـــــا بِهِ دَائِمًــــــــا نَسْتَفِيــدْ.
عبد المجيد زين العابدين
يوم الإثنين الرابع (04) مِنْ أَفْرِيلَ(04)
سَنَةَ اِثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَأَلْفَيْنِ ( 2022)
الْمُوَافِقُ لِلثالث (03)من رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ
وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ وَأَلْفٍ (1443)

رحيل بقلم أ. محمدالهادي الصويفي تونس

 رحيل .

ليس بعده رحيل.
وفقد ليس مثله فقد
كل الدموع تسيل ..
والليل طويل
رحلوا عنا
وافتقدناهم .
ليس لنا عنهم مثيل
أو بديل............
تركونا ..ورحلوا.
وذقنا بعدهم الأمرين والويل
لا زالت أماكنهم تذكرهم ..
ولا زال حبهم في القلب دفين
رحيل ونحيب وعويل
فارقونا في غمضة عين
دون علم أو سابق إنذار
تبا للموت الغدار ترك القلب حزين
محمدالهادي الصويفي تونس
Peut être une image de 2 personnes et plein air

أحلام تنمو بقلم د عبد الحميد ديوان

 أحلام تنمو

إنها أحلام عمري قد بدت
في مراقي الحب ترجوه الظفر
غمرت قلبي شآبيب الهوى
واعتلى فيها جمال يستعر
إن في آفاق نفسي نغمة
تنشد الوصل وتعطيه الثمر
يا لشوقي من ترانيم الهوى
بسطت فيها حياءً وصور
وقف القلب على شط النوى
فتنادى في حميّاه الجمر
نثرت نفسي على همس الرّجا
دمعة تحيي الأماني والسهر
يالقبي كم شربنا في المسا
من كؤوس الحب ما يحيي الفِكَر
وزرعنا في مآقي بوحنا
نسمةً اللقيا فكانت تنتظر
إن في آمالنا شوقَ اللقا
يتبدّى في الأماني والنّظر
روعة الحب تلاقي همسنا
فالهوى يسمو إلى دنيا الزهر
ننشد القرب ونحيا همسه
فبه نحيا وفيه نستقر
جمرة الحب تلاقي عزمنا
فبها كلّ القلوب تنفطر
كم نعمنا في بساتين الرضى
وعبرنا بالهوى شطٍّ القمر
همسة الحب تعالت وارتقث
فبها نحيا وفيها نزدهر
د عبد الحميد ديوان

قصيدة من رواية "الأمواج البرّية" 1988 للكاتب إبراهيم نصرالله

 ---- ثوب فلسطين...

(هذه القصيدة من رواية "الأمواج البرّية" وتدور حول مشهد على الجسر بين امرأة فلسطينية وجندي ص..ه..يو..ني"
كانت تتنقَّلُ نظرتُها ما بين سكونِ النهرِ وبين اليابسةِ
وكان الجسرُ الخشبيُّ هنالكَ لا يُوصِل أحدًا!
كان الجسرُ يدًا تضمُرُ
والأرضُ على بُعْدِ ذراعٍ تَنأى
والمرأةُ كانتْ تتنقّلُ ما بين الضفّةِ والضفةِ حزنًا
لكن خيوطًا من عُرسٍ سوفَ يجيءُ تُعَرِّشُ في عينيها
وأشار الجنديُّ إليها
كانت تَزهو بالثوبِ
امرأةٌ في الستين وأجملُ من أزهار الدّنيا
يانعةٌ كالعشبِ على سطحِ البيتِ الأولِ
هادئةٌ كالسّاحلِ، كالنّصرْ
- يا امرأةً، أنتِ!
أشار الجندي إليها
والعالمُ يزحفُ كي يتفيّأَ في رِدْنَيْها
صرخ الجنديُ كأنَّ حمامَ الثوب الهادئ باغتَ رشاشًا في يده
فانتفضَ هنالك مذعورًا
- يا امرأةً!
كانت تتأمَّلُ
من أَبْصَرَها بالثّوب القرويِّ هنالكَ واثقةً بالزيتونِ،
وبالشمسِ الجالسةِ على أطراف "أريحا"
من أبصرها في تلكَ اللحظةِ كالحقلِ وكالمهرةِ
أو موجةِ قمحٍ طائرةٍ
رفع الكفِّين إلى اللهْ.. تمنّى أن تُصبحَ أُمَّهْ!
كانتْ خمسةُ آلافِ سنةْ
من سيرةِ أمواج البحرِ هنالكَ فيها مُلتَمَّةْ
وانتفض حمامُ الثوب الهادئ ثانيةً
فارتجفَ الجنديُ القابع في الكاكي المبتلِّ بدمِّ صغيرٍ من بيروتْ
وتقدّمَ يتعثرُ
- يا امرأةً.. هذا الثوب لنا!
وأشار إليها
فانتفضتْ أزهارُ الّلوزِ
وحوَّم في الأفق حمامٌ وانقضَّ على المدفع في يدهِ
وابتسمتْ أمُّ محمد
فارتجف الجنديُّ .. تقدَّمَ أخرُ
فانتفضتْ مثل حمامِ الثوبِ
أحاطوها بالأسلاكِ
فالتفتتْ باسمةً قالتْ:
قبل تَفَجُّر عينِ النهرِ وقبل تكوُّنِ أول غيمٍ
كان الزَّهرُ أليفًا في هذا الأرض
ولم يتسلَّحْ بعدُ بهذي الأشواكِ
خاطتْ أُمي هذا الثوبَ
وخلق الله الغاباتِ الأمواجَ وأطلقَ ضوءَ الأفلاكِ
هذا الثوبُ لنا من قبل هبوبِ الريحِ
وبعد هبوبِ الدباباتِ
يا جندي،
هذا ثوبُ فلسطينَ
وثوبُكَ هذا الدَّمُ النّاشفُ في الكاكي
الأمواج البرِّية 1988
إبراهيم نصرالله

الأحد، 3 أبريل 2022

The Wicked and Honest // Omatee Ann Marie Hansraj

 The Wicked and Honest

Wicked people are always starving
Their endless needs make them always hungry
Wanting more never satisfied
Greedy for what is not even theirs
Craving the things of others
Empty-handed and cold-hearted
They are introverts in everything
In all that they do
Their wicked ways and habits to
It is a pity that they have everything,
Yet they have nothing
Their cries never end
On the other hand,
The not greedy gentleman,
Never cries of hunger and never tells
He never fears his hunger
But makes what he has to do
And is always satisfied with what he has
Even when he eats an improper meal
He never complains
And never tells anyone that he is hungry
That is why it is said
That the life of an honest and honorable man
Is the best and always good
Their lives are never incomplete
And never dissatisfied
They are contented with what they have
No matter where they are,
They will always be there because
They are guided by conscience.
Even if they don’t have
They still find a way to give
And to reach out to others
Omatee Ann Marie Hansraj
Motivational Author. Poet. Novelist. Journalist
Wordsmith International Editorial
Peut être une image de route, ciel et texte

السبت، 2 أبريل 2022

رؤية الفكر..نمذجة الفن : قراءة-متعجلة- في قصيدة-هنا كنا..- للشاعرة التونسية فائزة بنمسعود بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 رؤية الفكر..نمذجة الفن : قراءة-متعجلة- في قصيدة-هنا كنا..- للشاعرة التونسية فائزة بنمسعود

"مازالت كتاباتي يافعة،غضة وتبحث عمن يضعها في المسار الصحيح..كما مازلت أنحت دربي الإبداعي على الصخر بالأظافر..لكن حين لامست أنامل النقاد حروفي..أدركت أني في المدار الصحيح..(الشاعرة فائزة بنمسعود)"
يعدُّ العنوان عتبة مهمَّة من عتبات النص،سواء كان هذا النص نصًّا شعريًّا أم نصًّا نثريًّا،ولقد اختارت الشاعرة التونسية فائزة بنمسعود عنوان قصيدتها "هنا..كنا"،وهذا يؤكد على اختيار هذا المكان وأهميته لتجاوره للقلب في المكانة والأهمية،ولدمج المكان مع القلب؛للتدليل على حبِّ العشق في أبهى تجلياته،سيما إذا كانت "الحبيبة"ترقد في الماوراء حيث نهر الأبدية ودموع بني البشر أجمعين..
كما سرَدت لنا الشاعرة بكل حِرفية،وترَكَتنا نقرأ وكأنها تتحدث عن معشوقة أبدية..تركت عطرها وتوارت خلف الغيوم :"ضمها القبر/وترفق اللحد وطواه/وما رف جفن الموت خجلا/من لوعة العاشقين/ما قاسمني لوعتي ومصابي/سرق مني حبيبتي/ورماني على رفوف الفاقدين.."
إنّ القصيدة هي عبارة عن حلم عميق لا شعوري،يجب قراءة هذا الحلم بما يتناسب مع كمية الجمال المنبعث من داخله ، وتقديمه بصورة تكشف للمتلقي جميع مغاليقه،وتشير الى مواطن الجمال فيه،والإمساك بيد المتلقي وأخذه الى ضفاف هذا الحلم .
لذا على الناقد ان يقوم بتفكيك وإعادة تركيب وقراءة الأفكار فيه حتى يصل الى معرفة الغايات التي جعلت من الشاعر يصرّح بمكنونات ذاته،والغوص في اعماق هذه الذات .
ومتى ما تعاونت فيما بينها مكونات الذات ( الهو / الأنا / الأنا الأعلى ) ، تمكّن الفرد من أن يمارسَ نشاطاته الفعّالة والحيوية بطرقة مجدية في البيئة التي هو فيها..
إنّ الغاية من هذه النشاطات هي من أجل ارضاء الحاجات واشباع الرغبات الاساسية ، أما اذا اضطربت حينا ستضطرب هذه الاجهزة الثلاثة للشخصية،وأصبحت متذمرة وغير راضية عن نفسها وعن العالم الذي تعيش فيه .
ان المتلقي الابداعي لا يقبل من الشاعر بأي شيء على أنه شعر وجمال وابداع ما لم يحرّك فيه الذكريات البعيدة ، وتستفزّ حاضره، مما يجعل المتلقي يقوم بتحليل وتقييم ما يقرأه بروية وقياس كمية الابداع فيه ، وهذا ما لمسناه في قصيدة الشاعرة التونسية القديرة- فائزة بنمسعود .
وبالعودة الى قصيدة الشاعرة : فائزة بنمسعود /هنا..كنا/ , من ارتباك الصوت نستشعر بوجود الذات الشاعرة , مما يجعله صوتا متميّزا بالعذاب والخيبة والخسران والتشظّي , وحينها سنتيقن بحضورها القوي والمميّز , فربما هناك مفردة او عدة مفردات سقطت في بئر المتلقي العميقة تمكّنه من لملمة ما يستطيع لملمته وحسب ذائقته , فتثير فيه الكثير من الصور والمشاعر والاحاسيس , ودون ان تستنفذ طاقاتها او تخبو اشعاعاتها .
انّ جوّ النسيج الشعري عند الشاعرة نجده مشحونا بزخم شعوري عنيف وذات قلقة تبحث عن الخلاص , فمثلا نجد بأن الشاعرة قامت بتكرار المفردات التالية لأكثر من مرّة /القلب :ثلاث مرات/حبيبتي: سبع مرات/العشق..والعاشقين : أربع مرات/الشوق : مرتان..
ليس اعتباطا الشاعرة هنا استخدمت وكرّرت هذه المفردات , فربما لا شعوريا سقطت وتكررت داخل نسيجها الشعري لا شعوريا أو عن قصد , لشحن هذا النسيج بزخم شعوري عنيف , فلو دققنا النظر في هذه المفردات واستمعنا بهدوء الى ما ينبعث منها ويشعّ في نسيجها الشعري وخصوصا من ايحاءات العنوان: هنا..كنا.. لكشفت لنا القصيدة عن مكنوناتها الملغزّة وباحت لنا بكلّ بوحها دفعة واحدة .
من خلال العنوان نجد هذا الزخم الشعوري متمثلا بلغة تجريدية مدهشة , فالعنوان هنا لا ينقل لنا معنى صريح وواضح , ولكنه ينقل لنا كمية هائلة من المشاعر والاحاسيس ,كما يعبّر عن الحالة النفسية والمزاج ,نتيجة ما تعانيه في واقعها الأليم , فربما هو يعبّر عن حالات من التذمر والحزن , ومن خلال نبرات ونغمات نستشعرها بين ثنايا القصيد هذا-الحزن الهاجع خلف الشغاف- نستطيع ان نعرف ماذا يعني وماذا وراءه من مغزى ومن دلالات , هل هو دليل عن الحزن او الفقد او الغربة والضياع , هل هو الشكوى مما تعاني من آلام أو هو البحث عن العزلة والانطواء على الذات في ظل غياب"حبيبة"خطفها-قسر الإرادة-موت عديم الرحمة ..؟؟ .
وتبدأ الذات الشاعرة بعزف أشجى موسيقى تعبيرية تحاول من خلالها بثّ مواجعها وأحزانها-بضمير الآخر (هو) , من خلالها تحاول ان تعبّر عن الجانب الشعوري العميق المتغلغل في روحها المنكسرة , فمن خلال مفرداتها تتهادى إلينا نغمات موسيقاها شجية , هذه المفردات استطاعت ان تنقل لنا هذا الشعوري الداخلي لديها , نقلت لنا هذا الزخم الشعوري العنيف بصدق ووعي , مما جعلها تغزو اعماق المتلقي وتستفزّه..
لقد جاءت هذه المشاعر تحت تأثير حالة نفسية ونتيجة ظروف قاهرة خارجة-حتما- عن إرادتها: "وكنت/أناديها حبيبتي/والى هناك رحلت/وما زلت أناديها حبيبتي لا شيء تغيّر/عدا قلبي المفجوع تجمّد نبضه/واختلت دقاته/قلب فرّ من سجن الضلوع/وتاه في الدروب والميادين/يتصفح وجوه العابرين/ويتهجأ العناوين/وببراءة الحيارى وعفوية المعتوهين/يسأل:هل رأيتم حبيبتي/حبيبتي شامة وخال/على الكتف اليمين/كنا هنا بين الخمائل/والبساتين/كنا نؤوب مع النوارس/ونشدو مع الحسَاسين كنا نوضب الشعر باقات/بعطر الياسمين/ونهديها لليائسين كنت أناجيها/و حبيبتي أناديها/وتجيب بين قبلة وامنيه/زدني عشقا/يا سلطان العاشقين/هنا كنا/هنا شربنا دموع الشوق/والقدر راضٍ عنا/وكنا له من الشاكرين/كنا هنا/واختارها الموت حبيبة/من بين الآلاف والملايين/وقلبي يحدثني انها أشعلت الجنه حبا/واخمدت نار الجحيم/ضمها القبر/وترفق اللحد وطواها/وما رف جفن الموت خجلا/من لوعة العاشقين/ما قاسمني لوعتي ومصابي/سرق مني حبيبتي/ورماني على رفوف الفاقدين/دثّرني بالأحزان/وعمّدني بالشوق والحنين/خدعتني ساعات الصفاء/وما كنت الا من زمرة الغافلين/الذين أمِنـوا شر الزمان/وما كانوا من المحترسين/ولغدر الزمان أنياب/إذا كشّر عنها/أصابت من الروح مقتلا/فاحذروا أيها العاشقين…"
لقد جاءت قصيدة الشاعرة التونسية السامقة فائزة بنمسعود بأنظمة نصّية متعددة ومتناسقة ومتناغمة فيما بينها , وكذلك بزخم شعوري عنيف وبعمق تجريدي وتعبيري وحّد مكونات القصيدة .
تناوبت في هذه القصيدة السردية التعبيرية لغة التجريد واللغة التعبيرية والسرد المشحون بالزخم الشعوري , وبلغة قاموسية بألفاظ تعكس ما في روح الشاعرة وما في روح القصيدة , فخلقت لنا بذلك صوراً حيّة برّاقة وببوح عميق .
اللغة هي الوسيلة الأولى لعملية التواصل مع الآخرين، غير أنها تتعدَّى وظيفتها الاجتماعية المحدودةَ هذه، فتشكِّل الأساس في عملية بناء القصيدة؛ إذ تمثِّل الطريق الموصلة بين المبدع والمتلقِّي،فتؤدي بذلك وظيفةً أخرى، تتمثَّل في إيجاد روابطَ انفعالية بينهما، فتتَجاوز بذلك لغة التقرير إلى لغة التعبير،وتسعى للكشف عن العواطف والأحاسيس،والانفعالات الكامنة في قلب الشاعر، ومحاولة إيصالها في نفس المتلقي. تختار-فائزة بنمسعود-من اللغة وإيحاءاتها، وتولّد منها ما قدرت على التوليد، لا لتأتي بمعانٍ يجهلها الناس تمامًا، ولكن لتصور الواقع كما تراه من زوايا متفردةٍ تدهش المتلقي وتجعله يعيش إحساسات جماليةً لا تنتهي، وحجارة هذا البناء الموضوعيِّ الألفاظ،إلا أن الألفاظ في الشعر تومئ إلى ما وراء المعاني، فتُضيف إليها أبعادًا جديدة، وبذاك تتجدد وتحيا، وبغير ذلك تذبل وتموت؛إذ نجد ألفاظها تقدِّم صورة إنسانية وفنية بغرَض إماطة اللِّثام عن هذه الألفاظ.
تعد العملية الإبداعية في حقيقتها نفاذا إلى واقع متخيل، أين يستطيع الشاعر تحويل أخيلته إلى نوع جديد من الحقائق التي تكون انعكاسات قيِّمة لواقعه الذي يمثل مسرحا لتجربته الفنية، فتكون رؤية الشاعر لهذا الواقع مختلفة تماما عما يراه الناس، فهو لا يكتفي بحدود واقعه، بل ينفذ إلى عمقه متخطيا النظرة السطحية إلى نظرة مرتبطة بالكشف والتجاوز،و"هنا..كنا" هي صورة أليمة تترجم بعمق أحاسيس من فقدوا أحبتهم في زمن مفروش بالرحيل..
في هذه القصيدة تظهر لنا الشاعرة التونسية فائزة بنمسعود كما لم تظهر لنا من قبل ،ولأن الأحداث المفجعة تجبرنا على الابداع، فإن قريحة -فائزة-قد اجترحت أفضل ما يمكن لشاعر ان يكتبه ،فكتبت بحبر الروح..ودم القصيدة ..
وأترك للقارئ الكريم أحقية التفاعل والتعليق..
محمد المحسن