الخميس، 9 مايو 2024

الحوار الباطني في رواية الأديبة جميلة بلطي عطوي "عند غروبها أشرقت" بقلم الأديبة لطيفة الشامخي

 الحوار الباطني في رواية الأديبة جميلة بلطي عطوي "عند غروبها أشرقت"


لقد كتب كثير من النقاد و الباحثين حول  الحوار الباطني و دوره في السرد القصصي أو الروائي.. و كما نعرف جميعا أن الحوار الباطني (interior monolague) هو حوار يُجريه الشخص مع نفسه، هو ذاك الخطاب الذي يتوجه به لذاته فيخلق من ذاته ذاتا يحاورها و تحاوره فالشخص هو الباث و هو المتقبّل.

و في السرد القصصي أو الروائي ينبثق الحوار الداخلي عندما تدخل الشخصية تحت دائرة الضوء في سياق سلوك انفعالي أو صدامي، فيجري الحوار حسب الأحوال الوجدانية و النفسية و حسب المواقف، حيث تكشف فيه الشخصية أفكارها و مواقفها في محاورة مع نفسها لتعطي الإنطباع أنها تقول ما اتفقت عليه أو ما يجب أن يكون. 

و الحوار الباطني هو صوت العقل الباطن وهو أحد مكونات الخطاب لكسر رتابة السرد. 

في رواية "عند غروبها أشرقت" في جزئيها و خاصة في الجزء الثاني كان الحوار الباطني حاضرا بكثافة و في ترددات كثيرة فكان بعد كل حوار مباشر تقريبا تدخل الشخصية في مجادلة مع ذاتها و الذات المنسلخة منها. 

و نلاحظ أن الأديبة جميلة بلطي عطوي قد كانت جد خبيرة بشخصيات روايتها حيث دخلت عوالمها الداخلية في عملية سبر لخوالجها و ما يجول في دواخلها من مواقف فتوافق نفسها أحيانا و تناقضها أحيانا أخرى أو هي تقوم ببناء مواقف آتية، و قد نجحت الكاتبة بكل حرفية في رسم السمات الداخلية لشخصياتها كأبرع ما يكون حيث قدّمت لنا الإضافة على تركيبة شخصياتها من حيث سماتها النفسية و مستوى التفكير و مواقفها و انفعالاتها. فشخصيات "عند غروبها أشرقت" هي شخصيات قريبة منا قد نكون التقيناها أو عرفناها في محطة ما من العمر. فشخصية المرأة "تونس" قد اختزلت في حواراتها سواء في المباشر مع الآخر أو في حواراتها مع نفسها كل مقومات شخصية الأمّ التونسية الممتلئة بالحب و التسامح و العطاء بدون حسبان، وهي قد تكون تونس الوطن بحضنها الدافىء هي السلام و الأمل هي المستقبل المشرق و هي الغد البهي.

        بقلم: لطيفة الشامخي



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق