الجمعة، 3 مايو 2024

قراءة نقدية في قصيدة الشاعر التونسي طاهر مشي بقلم:محمد المحسن

 فلسطين التاريخ والحضارة..في وجدان الشعراء ( قصيدة الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي-فلسطين العربية-نموذجا )

أسئلة لجوجة تقض مضجعي :
هل يعي الشاعر أن الحاجة إلى الشعر اليوم هي حاجة إلى حماية الإنسان نفسه من ثقل التسطيح وعمليات تفكيك الروح من جذورها بما يسمح بتحويل الأثر الإنساني إلى مجرد ديكور بلا روح ولا حياة؟ هل الشاعر معني اليوم بالحق في الكلمة ونحتها على نحو يساعد على فهم ترسبات تربك تلك القواسم المشتركة؟ ما معنى أن تكتب قصيدة شعر وهي لا تعبر نحو جغرافيات ثقافية وفنية أخرى؟ هل يمكن القول إننا نعيش تحجرًا غير مسبوق على مستوى التربية على الوجدان والذوق وإنسانية الإنسان؟ ما الذي يمكن أن يقوله الشعر اليوم عربيًّا خصوصًا خلال الفترة الراهنة التي تتعرض فيها فلسطين إلى الحرب الوحشية والقتل والتدمير، كما يتجسّد الأمر في قطاع غزة؟
الشعر في الأصل بوح ذاتاني يعبّر عن علاقة وجدان الشاعر بوجوده من خلال أحلام اليقظة واقتراح عوالم خاصة يصنعها الخيال الشجاع واللغة الجسورة الماكرة. فالشاعر يمثّل هويته الخاصة أولًا، حتى لو عاش في جزيرة معزولة فهو خارج عبودية الزمكان والإرادة الخارجية.فرسالته جمالية فنية في جوهرها. وبما أنه مرتبط بنسيج أمته وهموم مرحلته بالضرورة فمن الطبيعي أن يشارك شعره في الدفاع عن مأساة الجرح القومي فيرقى بشعريته الى فضاء إنساني يسهم في وقف محاولات الاستبداد
كل المحاولات العولمية الساعية إلى تفكيك الروح الجمعية وتذويب خصوصية الشاعر في ماء عكر هجين ستبوء بالفشل لأن كينونة الشاعر تأبى الاتباع والامتصاص.أما موقف الشاعر من محاولات طمس الهوية الفلسطينية فهو واحد في العالم كله.إنه الرفض الكلي.فالشعر دفاع فطري عن هوية الإنسان وخصوصيته، وهو ضد اقتلاع الجذور.وعليه فإن كل طفل فلسطيني يموت تطلع من قبره ألف شمس جديدة تنشر نور الفكرة،فكرة الصمود المفتوح.فالحرية فكرة قد تمرض ولكنها لن تموت.فالكنعانيون باقون وسيستمر الفينيق الفلسطيني بمواصلة الانبعاث من الرماد إلى أن تموت البشرية.
لفلسطين حضورها التاريخي الحضاري قبل من يحاولون سرقتها. الحياة نفسها تستغيث بأطفال فلسطين ليعلموها فن الأمل.ألم نلاحظ أن مئة سنة من التشتيت والتهجير والإبادة قد فشلت في ساعة واحدة فصحا العالم من غيبوبته الطويلة ووقف على الحقيقة؟ فلسطين قصيدة أزلية ينحني لها التاريخ احترامًا.
هي فلسطين تاريخ طويل من النضال وإرث خالد من البطولات،وسجل ناصع للشهادة،تتراكم عبر الشعر الذي قيل فيها معاناة الفلسطينيين وأحزانهم النبيلة وصمودهم المذهل،كما في القصيدة التالية-التي جاءت باللهجة العامية ذات الجرس الموسيقي التونسي-لشاعرنا الكبير د-طاهر مشي :
فلسطين العربية
فلسطين عربية وتبقى هي
رغم الخائن والرجعية
غزة من لوجاع تنين
وقلبي حزين
على حال عربنا راقدين
قنابل دفاقة
زرعوها في البر وهادة
كيف الصيادة
حتى م الجعبات ثنين
ولا كانوا رفاقة
ينوض عباره بالوجهين
غزة من دون العربان
يهدوا في كل السيسان
ولا خلوا انس ولاجان
ولا فلاقة لا حراقه
غزة صناديد وشجعان
وفزاعة في انهار الغاره
معروفين بناس احرار
لا يخافوا الروم الغدارة
ولا مدافع تضرب بالنار
ولا حلاليف الخشوا الغابة
ولا ذلوا للاستعمار
ولا صهيوني مكشر نابه
يرحمهم ضنوة لحرار
حصدوا في ايامات الصابه
ولبسوا الجبة والبنوار
وما جابوا طريق السلهابة
ولا حكام العملوا العار
باعوا لزرق شامخ نابه
لا نخوة ولا استنفار
سحابتهم في البر ضبابا
وداروا قمة في مشوار
وعملوا في التقرير اجوابا
ظني في التقرير احكار
وعملوا العار
وكلمتهم ماهي جيابة
تبقى فلسطين العز
رجال وكايد لا تتحز
بشارتنا صهيون اهتز
وضاع دليله في الميدان
نهار الغورة ذل وكز
معاها من تونس فرسان
عروبة وقت الضيق تبان
ثابت موقفهم بالنية
مع القضية
ما تترك لرض العربية
يصدر د-طاهر مشي في شعره عن رغبة واضحة،تشكّل مرتكزاً مهماً لفكره النضالي،وتقوم هذه الرغبة على تأصيل الاتّجاه المقاوم في الوجدان العربي،وصقله بالشخصية الفلسطينية،التي تنبعث في نصوص الشاعر نيران غضب في وجه المغتصب،وإشادة بالصمود الأسطوري المذهل للمقاومة الفلسطينية سيما بغزة..أرض العزة،لذلك كان التأكيد على ثبات الهوية الفلسطينية في مواجهة سياسة التهويد،وسلب الحقوق التي ينتهجها الاحتلال الغاشم.
ويبقى النص الحقيقي، هو النص المتحرّر من الخو ف،هذا النص هو الذي يمكنه مناوشة أعداء فلسطين الجريحة،وهم كثر.على غرار الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي.
محمد المحسن

الخميس، 2 مايو 2024

استعادة تفاصيلي المحضورة * شعر: جلال باباي ( تونس)

 * استعادة تفاصيلي المحضورة

* شعر: جلال باباي ( تونس)
إلى الشاعرة الفيتنامية: في هوآنغ(*) (1954) ،شجيّة باللغة والإحساس، عانت شظف العيش.
بمقدوري أن أُعيدُ
ضوء الشمس إلى السماء،
باستطاعة الغيمة أن تلتصق بالجبل،
الذي كفكف دمعتها
تلوٌح الحياة بالعدم.
ولا مناص من الغبار
سأدعني ولو لبرهة أعيدُ
هذا العشق القديم
متهالكا إلى البيت الأوٌل
خاوِِ من تذاكر السفر
عارِِ من ذاكرة القُبل
بارداً مثل أصابعي العليلة
كان سرير عزلتي
منكسرا بالصمت مثل قمر أيار
و كُرهاً، يتلاشى جسدي
أمام كومة الوقت اللعين
قد ضيٌعني هذا الريح،
واستبدٌت يي الموجة الغادرة
ساعيد المصيدة إلى العراء
وما تبقّى من نصف هذا الجسد النائم
إلى سرير يقظته
سأعيدُها جميع التفاصيل المنسية
و صخب الباعة في الأسواق
سأدعو البجعات إلى ضفة النهر
أجلسُ إلى قبر أمٌي برهة الغروب
أبكيها، أحدٌثها عن ألمي
يتلاعب بكهولتي
بات بمقدوري ،
أن أعيد الماء
إلى مجرى الأرض العطشى
وأستدلٌ بالنجوم
حتى أطرٌز من تراب الطريق
ملحمة السفر الأخير
أريد أن أجمٌل الرٌحيل
واتحيٌل على تقدٌم العمر
قَدر شِبْرِِ لأستعيد الطفل
التائه بين أضلعي...
....أضحى بمقدوري الآن
أن أناديك يا وطني
كم مرٌ من الكفاح
حتٌى تستردٌ غزٌة
دمها المهدور في الأقاصي.!!!
*أيار ٢٠٢٤
-----------------------------------------
(*): مدرٌسة وشاعرة من فيتنام ،فقدت والديها واخوتها في الحرب الفيتنامية.

هارب من الايام بقلم الشاعر السيد الشهاوى

 هارب من الايام

الشاعر
السيد الشهاوى
من قسوه الايام
وظلم الناس
والهجر والخصام
اغمضت عيني وقلت انام
واغيب عن الوجود
والدنيا والزحام
يمكن اصحي في يوم
الاقي الناس اتغيرت
او حتي اعيش الامل
في دنيا الاحلام
بعد ما فاض بي وتعبت
من عشره الناس
وقلوب مالياها القسوة
عايشه من غير احساس
يا ما قولت وياما اتكلمت
وزهقت
وعشقت السكوت والصمت
في زمن التفاهه
اصبح المال هو الوسيله
وهو الغايه
وتعدي كل حاجه حلوه وتفوت
حتي الامل بيموت
حتي الامل بيموت
******
وصحيت من النوم
فاذا الارض غير الارض
واذا السماء سحب ملبده
وغيوم
واذا كل شئ سراب ودخان
هانت علي الكل نفسي
والكل خان
ما اعرفشي ليه الليالي اتغيرت
ليه القلوب اتبدلت
اين المبادئ والقيم
ضاعت في زمن العدم
حتي الهوي ضاع وانهزم
والذكريات والعشق والجمال
باتت وكانها اطلال
********
هناك شئ في صدري يغلي
كيف اضعت في الوهم عمري
اهب حياتي التمس الحب
ازرع الورد في حدائق غيري
وغير الشوك ما تري قط عيني
اين مني اليوم اهلي اين اهلي
اين اولادي واصحابي وخلي
اين عمري وقد ضاع مني
اين عشقي واحلام الصبا
لقد خاب في الكل ظني
فنحن في زمن الضياع
الكل يعيش بوجهين
ولكل وجه قناع واثنين
شفاه تبتسم وتضحك
تتمني لو امتصت دمك
زي التماسيح عيونها تبك
وهي فرحانه تنهش لحمك
********
افقت من غفوتي
بعثت من موتي
فاذا كل شئ سراب
اغلقت الدنيا في وجهي
كل الابواب
الا من باب واحد
ليس من دونه باب
باب ربي دعوته فاستجاب
هو الوهاب
يرزق من يشاء بغير حساب
يرزق من يشاء بغير حساب
الشاعر
السيد الشهاوى

ق ق ج "خارجُ الإطارِ" بقلم الكاتبة فاطمة حرفوش

 ق ق ج

"خارجُ الإطارِ"
بقلم فاطمة حرفوش
أضافَ ليلاً صورةً جميلةً جديدةً لمجموعته ، لوَّنها بألوانِ الشغفِ والهيامِ ، وأخذَ يرسمُ إطارًا
لها على مقاسِ هواه .
غطى شعرها الذهبيُ بوشاحٍ ، مسحَ أحمرَ شفاهها، أسدلَ نقابًا على وجهها المشعِ بالبهاءِ وألبسها عباءةً سوداءَ ، وعلقها على حائطِ غرفةِ نومه .
مشى مزهوًا ينظرُ لإنجاره بسعادةٍ غامرةٍ وقلبه يخفقُ فرحًا . نامَ ملء جفنيه يحلمُ بالليالي الحمراءِ التي سيقضيها بأحضانها .
استيقظَ صباحًا ونهضَ ليطلَ على وجه محبوبته ويداعب مفاتنها كما اعتادَ مع سابقاتها . تعثرَ بقطعِ الإطارِ المتناثرِ بكل اتجاهٍ في الغرفة . الريحُ تعبثُ بدرفتي النافذةِ وستائرها تتراقصُ على أنغامِ لحنها الأثيرِ .
أسرعَ الخطا وصوتَ الريحِ يصفرُ بأذنيه أغلقَ النافذةَ بقوةٍ وغضبٍ شديدٍ ، وحانت منه إلتفاتةٌ للسماءِ ، فوقفَ مذهولاً .. فاغرًا فاه !!.
كانت صورةُ محبوبته تتراقصُ بخفةٍ ورشاقةٍ مع أنسامَ الريحِ تحلقُ عاليًا لتعانقَ السماءَ . فراشاتٌ ترافقها وغيمةٌ تظللها وقوسُ قزحٍ يزهو بألوانه بقربها .
تمتمَ بسره وهو يكتمُ غيظه .. ناقصةُ عقلٍ ودينٍ .
* * * * * *
Peut être une image de 1 personne et bijoux

__رصيف وحكاية__ بقلم الأديبة فائزه بنمسعود

 __رصيف وحكاية__

امرأة على رصيف محطة
المحطة موحشة خالية
إلّا من غبار وأوراق جرائد قديمة
تراقصها الرياح
ترفعها عاليا
تمزق أطرافها
وتطرحها أرضا خائرة القوى
ويسمع للريح قهقهات
امرأة على رصيف محطة
تلتفت يمنة
تلتفت يسرة
تتحسس كتابا بين يديها
تتمسّك به
كشراع مهترئ لقارب
داهمته العاصفة
امرأة على رصيف محطة
المحطة داهمها الظلام
المحطة تحت وطأة العتمة ترتعش
الليل شراع الرذيلة
تتمسك أكثر فأكثر بالكتاب
تلتصق اكثر بصلابة الرصيف
الرصيف بارد لا روح فيه
برودته تذكرها بصمت القبور
ولحظة انفصال الروح عن الجسد
امراة على رصيف محطة
تراودها أفكار
يمزّقها الخوف
الذعر بلغ فيها منتهاه
تتساءل كيف سولت له نفسه
تركها وحيدة على رصيف محطة؟
وفي حيرة تتمتم تحدّث نفسها
قد يكون هذا الرصيف أرحم
قد يكون هذا الرصيف أصدق من البشر
قد يكون هذا الرصيف قدرا…
وتسقط في جب اليأس
ولحظة نهاية الاحتراق
ينتشها الصحو
مواء قط ، نباح كلب بعيد
طائر تأخر عن الموعد وباغته ضباب المساء
من فوق رأسها يصفق جناحيه يعبر
ونعيق بومة وحشتها تؤنس
تفزع ترتعد
ومن بين يديها الكتاب يسقط
ودرجة حمّى خوفها ترتفع
ريشة في مهب ّ زوبعة
بالفراغ تتشبّـث
وألف رجفة أوصالها تسكن
وعمق الخوف حوّلها إلى صنم
نور خافت منها يدنو يقترب
يد توضع على كتفها
وأخرى تناولها الكتاب
وتمضي فتتابعها تبتعد وتبتعد
وفي العتمة تتوغّــل
تمعن في الخوف
امرأة على رصيف محطة
كانت تعشق هذه المحطة وعفة الرصيف
كانت تلبي نداء قرع الأجـراس
في كنائس المحطات
كم كتبت قدماها من قصائد
على تيه هذا الرصيف
وكم من ستار أسدِل على قلب
دهسه رصيف قبل أن ينعم بالحياة..
وكم تمنت موت هذا الرصيف
حين ولّى وجهه قبلة أخرى…
فائزه بنمسعود
25/4/2024
تونس المعرض الدولي للكتاب
Peut être une image de 2 personnes et texte