••••••••••••• ( الثقافة والفنان ) •••••••••••
كتب / ايمن عزالدين سكورى ٠
عرّف علماؤنا الأوائل " الثقافة " بأنها : " الأخذ من كل فن بطرف " ومعنى ذلك أن الإنسان المثقف هو الذى لديه المام بالعلوم المختلفة من خلال قراءاته واضطلاعاته وتعلمه وتزوده بتنوعات المعرفة والتى تشمل مثلا الدين والتاريخ والجغرافيا والأدب وعلم النفس وعلم الإجتماع وغيرها من العلوم الإنسانية والتجريبية وذلك دون الإستغراق بتلك العلوم كالمتخصص إنما يلم بها إلماماً يجعله على إدراك بها ؛ أما فى مجال تخصصه فليستغرق كما يشاء ؛ وتلك القضية تذكرتها حينما شاهدت مؤخراً على قناة " ماسبيرو " حوار مسجل أجرته إحدى المذيعات مع الفنان " عبد السلام النابلسى " فى عقد الستينات من القرن الماضى ؛ ودار الحوار حول " الثقافة والفنان " فكان مما قاله " النابلسى " : " إن الفنان لابد وأن يكون مثقفاً ولابد وأن يطور نفسه باستمرار " وممن شهد لهم " النابلسى " بتحليهم بالثقافة من الوسط الفنى " يوسف وهبى " و " عماد حمدى " و " أحمد مظهر " ؛ وقال إن : " الفنانة صباح لايمكن أن تنام ليلة قبل أن تقرأ نصف ساعة على الأقل " وتطرق فى حديثه إلى وجوب تلازم بين الفنان والثقافة ؛ وهذا ماقاله " النابلسى " كان ينطبق بالفعل على فنانى زمان الذين -- عبر الثقافة -- اتسعت مداركهم وتناولوا أعمالا تتسم بطابع الإستمرارية والبقاء حيث خاطبوا عقل ووعى المُشاهد بعمق وتطرقوا إلى أغوار النفس البشرية بكل انفعالاتها ؛ ولذلك مازلنا نشاهد أعمالهم ولانمل منها ؛ أما الأغلبية العظمى من فنانى اليوم قد عزفوا عن الثقافة بمعناها الشامل ولم يدركوا أهميتها ؛ إذن فكيف لهم أن يشكلوا فكر المجتمع ويرتقوا بذوقه !!
فنجد الآن الممثل مثلاً اكتفى بقراءة " النصوص " التى تعرض عليه وهذا كل عهده بالقراءة والإضلاع ؛ ونجد المطرب يكتفى بقراءة مايعرض عليه من كلمات أغنية إن قرأها أصلا ولم تأته جاهزة ملحنه !! وليس لديه استعداد مثلا أن يتذوق شعرا كما كانت تفعل أم كلثوم لينقى ذائقته ويكتشف مواطن الجمال بالكلمة ؛ وليس لديه استعداد للإستمتاع بقراءة الأدب بأنواعه أو يتعلم التجويد ليتعرف على مخارج الحروف وصفاتها وتنافرها أو انسجامها مع بعضها البعض ؛ لذلك جاءت أعمالهم باهتة لاتؤثر على المشاهد وإن أثرت فترة وجيزة تنطفأ سريعاً •••
الروائي والشاعر
والمحرر الصحفى
ايمن عزالدين سكورى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق