أعمى ..
من قال مرآة الحب عمياء
ليس صحيح كما نسمع أن هناك من يفكر بقلبه و من يفكر بعقله. كما يقول البعض فكر العقل راحة بينما فكر القلب شقاء . و المقصود الأعمال بالمنطق و الواقع و ليس بالعواطف و الأحاسيس . حتى أصبح الكثيرون يتهمون أصحاب المشاعر و القلوب المرهفة الحس بالخيال و الأحلام و قلة الحيلة و احيانا يصفونهم بالجنون .. لا يا عزيزي القلب هو الذي يفكر و يسيطر و ليس العقل .. علميا و دينيا و حياتيا و بالإثبات القاطع القلب هو محور التفكير .. أثبت العلماء أن القلب يفكر من خلال الأبحاث و دلائل القرآن مثال . قوله تعالى .. "أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها " . و أثبتت الأبحاث وجود خلايا عصبية للقلب لها دور مهم في التفكير و الإدراك و السلوك و أن القلب له القدرة على توجيه العقل و التذكر لمعظم الأشياء .. هذا إذا تحدثنا بالعلم و الدين و ذلك شرحه يطول .. أما بالنسبة لتبسيط الموضوع .. كالآتي .. كل ما يؤثر على حواسنا و نشعر به يؤثر فينا بطريقة ما على مشاعرنا سواء كانت المؤثرات مادية أو معنوية .. كمثال في الحب .. أعمى من قال إن مرآة الحب عمياء .. لأن للحب بصيرة و القلب بصيرة حادة لا تخيب أبدا .. العيب في الاختيار و سوء فهم الأشخاص .. فالحب الحقيقي أن تحب و أنت تعلم عيوب من تحبه .. و هذا يوضح الصدام الذي يحدث دائما بين الازواج بعد الزواج بفترة قصيرة .. بحجة أنه ليس فارس أحلامي الذي كنت أحبه أو ليست فتاة أحلامي التي تمنيتها .. هذا و ذاك كان مجرد حب تملك لا غير .. فالحب الحقيقي أن تحب بدون أي ملكية خاصة لك لدى محبوبك ..و أن تحاول أن تصلح من عيوبه أو تتغاضى عنها و أنت على علم بها .. عندما تنجذب لشخص ما بطريقة ما أو بأخرى تتمركز ذاكرتك في تفاصيله نتيجة احساس لامس قلبك ثم يثبت بالعقل فتظل تفكر فيه دائما .. و هذا يوضح لماذا لا نستطيع نسيان من نحب بسهولة .. لأنه احتل مكان بداخلك و بعقلك .. و ليس قلبك فقط .. ثانيا اذا كان العقل هو الأساس فلماذا أقوام الرسل و الانبياء لم يؤمنون بهم مباشرة بمجرد نزول الرسالة أو الدعوة .. فهم يملكون عقول و فطنة و ذكاء .. لأن الايمان محله القلب فأنت لن تؤمن بشي و تدافع عنه بشدة و يشكل لك معتقد ثابت و راسخ الا إذا آمنت به كليا حتى و إن كان على خطأ .. و هذا يوضح مدى التعصب في الجاهلية و إلى الآن و التمسك بالعادات و التقاليد و الإنتماء لجماعات و أحزاب .. أتعلم أن معظم قراراتنا ليس العقل مسؤل عنها بنسبة ٩٠% بل المسؤل عنها العقل الباطن .. أتعلم أن ذاكرة القلب أقوى من العقل .. فما العقل الباطن سوى ذاكرة مختلطة بالطباعة في صومعة المواقف و الأحداث منذ الطفولة .. فلو كان العقل المسؤل فلن تستطيع تذكر كل المواقف المؤلمة و المفرحة إلى الآن منذ طفولتك و لن تستطيع تذكر الأشخاص الذين أثروا في حياتك لأن حجم ذاكرة العقل مهما بلغت فلن تستطيع استيعاب كل ذلك .. و من الخطأ أيضا أن نطلق على المخ اسم العقل لأن المخ عضو له تركيب خاص بينما العقل شي معنوي .. ميز الله به بين البشر و بقية المخلوقات .. اتعلم ما هي لحظة الضعف التي يقع فيها الكثير من الناس .. هي لحظة استسلام الإنسان لشهواته و رغباته و نزواته .. فأين العقل إذن يا صاحب العقل .. احيانا ينتابك لحظة تشويش أو فوضى حواس كما اسميها أنا .. بل و هي لحظات الملل و الإحباط و الشرود الذهني و هكذا .. هي لحظة عقلك فيها فارغ تماما من الأفكار الإيجابية غير مستقر مع احساسك .. في هذه اللحظة المسيطر عليك هو العقل الباطن بكل صندوق الذكريات بداخلك .. اكيد سمعت عن المثل الشعبي الطبع يغلب التطبع أو المثل .. الجذر يمتد لسابع جد .. أو كما يقولون بالعامية مفيش حد هيتغير و هكذا .. كلها كلمات قالوها من سبقونا عن خبرات سابقة للمواقف و الأشخاص .. و هي بالطبع صحيحة نوعا ما .. فمهما غلفت حياتك و جملتها بكل ألوان الحياة و الماديات المحسوسة .. إلا أنه ما زال بداخلك هذا الطفل أو هذا الإنسان الذي تختبئ خلفه بقناع مزيف .. هكذا طباعك هكذا جيناتك هكذا تربيت و تعلمت .. و أخيرا ليس معنى كلامي التقليل من شأن عقولنا .. أو التمجيد لقلوبنا . بل للتوضيح و نصيحتي لك هي .. ارتقي بفكرك و اسمو بعقلك و قم بتغذية قلبك بكل مشاعر الإنسانية الجميلة التي خلقنا الله عليها .. و عامل نفسك و عامل الناس بروحك لأن الروح انقى و أصفى من اي شي اخر .. اذا فعلت ذلك تكن انسان بمعنى الكلمة .. فكر بقلبك اولا و تعلم كيف تفكر .. ف للقلوب أعين و آذان و ألسنة لن يشعر بها سوى من يملك قلب صادق مؤمن ايمان حقيقي بالله اولا ثم بنفسه ثانيا .. اذا كنت تملك مشاعر و احاسيس بريئة نقية فلا تتنازل عنها أو تقوم بالمساومة مع عقلك لمجرد انك تدعي انك انسان واقعي و لا تريد أن تعيش في الخيال .. بهذا الشكل تكون أصدرت حكم الاعدام على. مشاعرك و أحاسيسك قبل أن تسعد بها .. و اصبحت مجرد دمية متحركة في مدينة الحياة .. فالانسان السوي هو الروح فيه طهارة الجسد و القلب حياة . فيها العقل ميزان و الضمير حارس
د/هاني الجبالي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق