الأربعاء، 9 أغسطس 2023

صاحبة الرسالة بقلم الكاتب محمد بن سنوسي

 صاحبة الرسالة

أطلت العذراء من خذرها ذات غروب باحثة عن أنوار الشروق مثقلة بجراح لم تندمل بالرغم من رحيل وأفول الدهور فطافت بزوايا الرسم الجديد متسائلة عن الشعث الغبر المصطفين بالأسواق على جمر إنتظار تفتح قطاف الدينار وحصائد المكائد والكمائن و الأفخاخ.
تضاربت المشاهد بوجدانها و تراشقت نقوش الزمن الجميل الذي لا يزال نسيمه يهب على مواقع الحنين ليتلاعب بالمخزون و ينفض الغبار عن بقايا أساطير زرعت و حصدت و ورثت.
فبالأمس فقط خلت المدينة من أهلها لحظة النداء وإصطفت الجحافل إستجابة للعماد وتولت الفانية بحقارة وصغار فأنار سنا الحضارة الأركان و برق بين الدفات ديوان العلوم ملزما القاصي و الداني بأسس السراج و نبراس الأصول و دروب الفلاح على إيقاع إنكسار دائم للملك الجبار فتبوأ القوم القمم و بثت الطرقات و الصوامع و أماكن العبادة خرائط الصلاح والفلاح و النجاح.
خطت العذراء بين موتى العصر بحيائها المكتنز غاضة طرفها على لوحات الحضارة المزعومة التي جردت الأصيل وتلاعبت بضوابط الحشمة والوقار ورفعت الوضيع بالتأسيس لآليات الهدم الممنهج فتزعم المشهد الطغاة ورسم اللوحة العراة وأقام صرح الأواصر الوشاة وتنحى جانبا الهداة فغدت القوى المحلقة في بطون الكتب من المشاة وتحول دهاة الإنتصارات الى حفاة وتراكم الجمع بين الأمم في زاوية الرفات.
وعند قمة زاوية المدينة جثمت صاحبة الرسالة مذهولة من هول حصاد اليوم بعدما وخزتها نداءات التاريخ وتطاولت عليها دعوات الحنين لإعادة نسج الرداء من رماد عطور البريق الذي يصدح بألوان اللبنات وهي تخط مسار الصلاح وتوقظ الأمجاد.
متعرجة الخطى المترنحة بين بريق مشرق وواقع جارح خذل جهاد أهل الفخر و إمتهن الطعن في سير النبلاء من القوم تلفتت الراحلة بعبق الأسى و ندامة الأسير مرسلة صرخة ألم على التصادم في المعاني وتغييبا للجوهر وتحييدا لدرب الخلاص بعد الغوص بشراهة في وحل الملهيات و رفعة التفاهات و تعظيم السلبيات على حساب الأندلس و قرطبة و أنوار المدينة المنورة و مسك مكة المكرمة.
محمد بن سنوسي
من سيدي بلعباس
الجزائر
Peut être une image en noir et blanc de 1 personne, brouillard, route et horizon

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق