الأحد، 20 أغسطس 2023

عُوْدَه والدكتورة جِيهان بقلم الروائي رضا الحسيني (26)


ا لفصل الثامن { مابعد أمي }
من بعد أُمي كان من الطبيعي أن تتبدل حياتي من أجل عُوْدَه ، لابد و أن يكون عملي في مثل مواعيد مدرسته في الصباح ، فلم يكن بمقدوري أبدا أن أبيت كما كنت أفعل من قبل في المستشفى و أتركه وحده بالبيت
و كانت أول الخسائر وقتها تَبخُر فِكرة ذهاب عُوْدَه للنادي ثلاث مرات أسبوعيا من بينهم يوم الجمعه ، فما عادت أُمي موجودة لتفي بوعدها لكابتن صلاح و لعُوْدَه ، كل
ما استطعت فعله هو أنني طلبت بشكل رسمي تغيير مواعيد عملي لتصير فترة صباحية و وافقت جهة العمل على ذلك مُراعاة لظروفي التي يعلمونها جيدا ، فكنت أخرج في الصباح بعد أن أتناول الإفطار مع عُوْدَه وأغادر البيت بسرعة لألحق بعملي ، و كان زميلي الذي أستلم منه النوبطجية ينتظرني على مضض و يكاد ينفجر في وجهي ، إنه ماجد الذي رفضت عرضه للزواج ، حيث كلَّفوه هو بالمبيت بدلا مني
_ مينفعش كده يا دكتوره ، مش كل يوم هفضل أنتظرك
_ و الله يا دكتور غصب عني ، المترو هو بيأخرني
_ كل يوم تقوليلي نفس الحِجَّة
_ ما هو كل يوم الصبح المترو زحمة و بيتعطل و اسأل اتأكد حضرتك
و كان عُوْدَه للأسف يظل وحيدا داخل شقتنا ينام
و يصحو فلا يجدني ، و لا يجد أُمي التي كانت لاتجعله أبدا يشعر بغيابي ، و كنت أُكلفه بعمل بعض الواجبات حتى أرجع إليه ، ثم اضطررت لأن أجعل جارتنا بالدور الأعلى منا تنزل لتجلس معه بعض الوقت أو تأخذه عندها أحيانا يلعب مع أولادها
و جارتنا هذه هي أم زغلول بذات الوقت صاحبة البيت و هي صديقة أمي الُمقرَّبة منها كثيرا
أما عن فرحة عُوْدَه حين أرجع إليه فتكون لامثيل لها ، حتى أن شارعنا كله يعرف أنني قد رجعت من صوت عُوْدَه حين يراني
_ ههههههههه جِيهان جَت ، جِيهان جَت
ثم يجري نحوي من أي مكان هو فيه ليرتمي في أحضاني و لايرتاح حتى أحمله و أُقبِّله ويضع رأسه على كتفي و هو يُقبِّلني كثيرا ، حتى أن جارتنا الُمندهشة مما يفعله معي عُوْدَه قالت لي ذات مرة :
_ و الله يا جِيهان يا بنتي لو كان ابنك ما كان هيحبك بالجنون ده
_ إحنا يا طنط أكتر من علاقة أخت بأخوها ، أو أم بإبنها ، إحنا حاجة تانية مختلفة خالص
و ذات مساء و نحن نجلس معا فاجأني بسؤال :
_ مش انتِ اسمك جِيهان ؟
_ أه
_ و أنا اسمي عُوْدَه ؟
_ آه
_ طب هي ماما كان اسمها إيه ؟
_ ههههههه بتسأل ليه بقى عن اسمها ؟
_ عشان عاوز أقول اسمها كل ما أقول ماما
_ ليه بقى انت ماسألتهاش عن اسمها ؟! مش كنتم أصحاب و بتلعبوا كتير سوا ؟
_ كنت بتكسف ، و هي كمان كانت تحبني أقولها ماما
_ خلاص خليك على طول تقول ماما عشان تبقى فرحانة كل ماتسمعك
_ و هي هتسمعني ؟
_ طبعا ياحبيبي هتسمعك
_ يبقى عاوز أعرف اسمها
_ اسمها فردوس
_ الله اسمها حلو ، من هنا و رايح هقول ماما فردوس
_ الولد الحِليوة ده يقول زي مايحب هههههههه
انتظروا عُوْدَه والدكتورة جِيهان



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق