عُوْدَه والدكتورة جِيهان .. رواية / رضا الحسيني (19)
الفصل الرابع {عُوْدَه في المدرسة }
_ يا دكتورة جِيهان .. دكتورة ، تعالي بسرعة فيه مريض بينزف بالعنبر 2
_ فين يا فاطمة ، مين هو ؟
_ الولد هادي اللي خرج من الزايدة الصُّبح
_ يلا بسرعة نشوفه و جهِّزي كل حاجة و بلَّغي غُرفة العمليات يستعدوا
هكذا أكون دائما و طيلة الليل في مناوبتي هنا لا أملك رفاهية الاسترخاء أو الجلوس حتى و لو لنصف ساعة إلا نادرا ،
و بحسب الحالات المتواجدة داخل العنبرين ، و هل هما بكامل طاقتهما أم تُوجد بعض الأَسِرَة غير مشغولة ، و وجدتني أتذكَّر المرة الوحيدة التي دخلتُ فيها مُستشفى و أنا صغيرة ، كان ذلك لإجراء عملية اللِّوَز ، حيث كانت مُلتهبة بشكل مُتتالي كل شهرين تقريبا ، وقتها نصح الطبيب أُمي بضرورة إجراء هذه العملية قبل أن تتسبَّب لي في مُضاعفات بساقي أو قلبي ، و بالفعل بقيت ليلة بالمستشفى بدون أُمي التي لم تبرح مكانها طِيلة هذه الليلة من أمام بوابة المستشفى حتى بزغ الصباح و جاء الطبيب الذي أجرى لي العملية فكتب لي خروج و هو يضحك قائلا :
_ يلا يا سِت جِيهان قُومي روَّحِي عشان تلحقي تبقي دكتورة
وقتها ضحكت أُمي ، و نحن بطريقنا للبيت عرفتُ أنها قالت للطبيب عن رغبتي في أن أُصبح طبيبة
الفصل الخامس
العريس
عندما تدق ساعة جامعة القاهرة مُعلنة بدقاتها الثامنة صباحا يرتجف قلبي و جسدي و كأنني سأذهب لملاقاة حبيبي ، نعم هو صار حبيبي ، و لا أعتقد أن أحدا سوف يحتل مكانه أبدا بداخلي ، فهو عُوْدَه الغالي ، و دائما ما يأتي أحد الزملاء الأطباء قبل موعده بنصف ساعة على الأقل ، في البداية لم أكن أُلاحظ شيئا ، و لم أكن أهتم بالأمر كله ، فقط كل ما كان يُهمني هو أن أرجع لعُوْدَه بسرعة ، حتى ترامت لأسماعي
و عيني جُملة مُصاحبة لضحكة غريبة من فاطمة الممرضة هُنا و هي تقترب من سلوى فينظران كلتاهما نحوي ، لحظتها فقط فهمت ما يحدث من حولي
_ جالها بدري زي كل يوم هههههههه
و كانت التفاتتي نحوهما بُمنتهى الحِدة التي عوَّدتني عليها أُمي ، فما كان منهما إلا الانصراف بسرعة من أمامي ، بل وصل الأمر للتلاشي التام من المكان كله
عند عودتي للبيت لاحظت أُمي من الوهلة الأولى مابي ، فانتظرت وتركتني أنتهي من كل شيء و مددتُ جسدي على سريري لأستريح حتى يحين موعد ذهابي للمدرسة لإحضار عُوْدَه
_ مالك ياجِيهان خير يابنتي ؟!
_ مفيش يا أُمي ، شوية إرهاق في شغلي النهارده
_ هو أنا مش بعرف أفرَّق بين شكلك مُرهقة وشكلك متضايقة !
_ لما أرجع هحكيلك يا أُمي ، أمر تافه و انتهى خلاص ، اطمني حبيبتي
كان لابد و أن أذهب لإحضار عُوْدَه من المدرسة ، فأنا أعرف كيف ستكون حالته إن خرج و لم يجدني أقف أنتظره أمام بوابة المدرسة التي عِشتَ فيها أجمل سنوات طفولتي ، حتى أنا لن أعرف أي راحة إن لم أذهب بنفسي لإحضاره ، فالمسافة ما بين المدرسة و البيت نقطعها دائما سيرا على الأقدام ، و دائما نقضيها في كل ما عاشه عُوْدَه داخل المدرسة منذ دخل و حتى خرج ، وكنت أحب أنظر إليه و هو يحكي لي أدق تفاصيله بالفصل ، و دائما يتعمد أن لا يحكي شيئا عن سندوتش ماما ،
و كأنه يريد أن يلغي فكرة ارتباط شطارته بوجود سندوتش ماما ، و لأنني فهمت ذلك بسهولة فكنت أتعمد إثارته :
_ و سندوتش ماما أكلته إمتى؟
_ أكلته في الفسحة طبعا بس كنت أخدت النجمة خلاص يا جِيهان ، اطمني بقى
_ انت بتزعل لما بكلمك ليه عن سندوتش ماما ؟!
_ عشان أنا شاطر بالسندوتش و من غيره
_ طب ما أنا عارفة يا حبيبي إنك أشطر عُوْدَه بالدنيا كلها ، يا جماله حبيبي لما بيتغاظ هههههههههههههه
وغدا ينتظركم عُوْدَه والدكتورة جِيهان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق