نص تجريبي
* مرايات غير قابلة للكسر *
...............
بهوٌ طويل يمتد من اللانهاية إلى اللانهاية، تتصارع فيه بقايا الظلمات وارهاصات نور.
رجلٌ يقف منتصبًا حاد الملامح - يروي شجرةً عارية، أغصانها بلا أوراق وبلا ثمار - في صوته غلظة، يعاتبها مؤنبا
- ألم أقل لكِ مرارًا من قبل أنه يكذب؟!
آلاف السنين مضت، ولم تصدقيني، لم ؟..لم ؟
مطاطئة الرأس يكسو بشرتها حمرة خجل، فبدا خداها جذوتين من لهب، تجيب
- بلى قلت لي، ولكن..
يقاطعها وقد اشتد غضبه
- ولكن ماذا؟..أراه قد سحركِ بطلاوة لسانه، وسم كلماته المحلاة بشهد..ولكن ماذا؟..قولي أيتها المسحورة، أنت بلا شك مسحورة وعمية أيضا.
تتدفق دموعها سيولا
- كان يجب أن أتيقن بنفسي أنه مخادع.
البهو يضيق وتضيق أنفاسه، والضوء يتسلل خلسةً ، تاركًا خلفه ظلمة ليل استفاقت من سباتٍ طويل، وشجرة ينعت ثمارها.
يدنو منها يسبقه شبقٌ تتدافع أمواجه؛ تحيطها من الجهات الست والزمن الأعمى، فتغلفها كشرنقةٍ تتلمس ممزقًا لخيوطها
- اشتاقكِ..
البهو يتسع ويتسع ويتسع، يتهافت على جدرانه ضوءٌ ساطع كأنه الشمس، وفي زاوية قصية تبدو للعيان شجرة
- لم هجرتني وأنا أحبك كل هذا الحب؟
هل بدر مني في أي لحظة ما يسوءك؟!
أخبرني..أخبرني.
.........
حدث عايشته في السادس عشر من أغسطس للعام الثاني والعشرين من الألفية الرابعة، ولا زلت أذكره
محمد البنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق