الثلاثاء، 22 فبراير 2022

قراءة في كتاب” العلامة محمد البشير الإبراهيمي وآفاق الحداثة «سؤال التنوير» للدكتور محمد الصادق بلم رحمه الله). بقلم : شنافي زين العابدين / جامعة الجزائر2

 «إننا لا نتعلم الفكر إلا حينما نطبق المعايير النقدية على فكرنا أيضا، وهذا ما لا يمكن تحقيقه دون عمومية ودون الاختبار الذي ينتج عن احتكاكنا بتفكير الآخرين”حنة آرانت.

قراءة في كتاب” العلامة محمد البشير الإبراهيمي وآفاق الحداثة «سؤال التنوير» للدكتور محمد الصادق بلم رحمه الله).
بقلم : شنافي زين العابدين / جامعة الجزائر2
صدق الفيلسوف الألماني ايمانويل كانط حينما قال: “الاستعمال العمومي لعقلنا يجب أن يكون دائما حرا ، وهو وحده الذي يمكنه نشر الأنوار وإشعالها بين البشر”.
يعد هذا الكتاب الذي بين أيدينا من الدراسات الفكرية المتفردة في مسألة فكر الابراهيمي التنويري خاصة من زاوية فلسفة الأنوار، كأُفق جديد يتيح لنا فرصة المسألة والمراجعة لسؤال التنوير ، بغية ترسميه وتمثله داخل نصوص فكرية وفلسفية وأدبية متخارجة عما أنتجه العقل الغربي، المنطلق في ذلك ضرورة التأكيد على أنه لا يمكن اعتبار التنوير تجربة استثنائية ارتبطت أنطولوجيا بقومية و جغرافيا معينة.
يندرج كتاب العلامة محمد البشير الابراهيمي وآفاق الحداثة ضمن مسار جديد وأفق طريف وكإضافة جديدة ومهمة تثري المكتبة العربية التي تفتقد إلى طرح إشكاليات فلسفية تناولت قضايا الأنوار، فتبرز أهمية هذا الجهد الفكري الفلسفي من زاويتين اثنتين: الأولى تتجلى في مسؤولية الإشراف التي تحمل أعباءها الدكتور” محمد صادق بلم “رحمه الله ،الذي يُعدُّ من المتفردين بفتح حوار ونقاش فلسفي عميق حول فلسفة التنوير عند الإبراهيمي، أي أن نفكر فلسفيا مع الإبراهيمي، فكان له الجهد الوافر في أن يخرج هذا العمل إلى الوجود بالفعل، من خلال التقديم والتنسيق لفصوله ومتونه.
وتكمن الأهمية الثانية : كون هذا الجهد الفكري المغاربي هو ثمرة جهد أكاديمي جماعي، بذله المتعاقدون في النهوض بالفكر الفلسفي والثقافي، من خلال استئناف سؤال التنوير والتفكير من جديد في روح الأنوار والممارسات الاستعمارية ،خاصة عندما يتعلق الأمر بسؤال التنوير العربي الإسلامي الذي يظل مُغيبا منذ اللحظة الرشدية بسبب أحكام القيمة المسكونة بذاتية مغشوشة لا تدرك الآخر إلا كعدوّ أبديّ مُفرغ من كل قيمة، أو يمكن أن نصفه باللغة الكانطية : “وهم العقل الذي يدعي حيازته على كل معرفة، وهو ذاته العقل الكسول الذي يصبح مكنا للحلم لا للتفكير”. فسؤال التنوير حسب الدكتور “ محمد صادق بلم “ يمكن اعتباره أُفُقا للمستقبل لا نريده زينة لفظية، وإنما نريد أن نجعل منه مضمونا فكريا وثقافيا حافلا بأسئلة الراهن، المؤسسة على قاعدة حرية النقد التي بدورها تبقي على الإنسان في العالم.
أول هذه الأسئلة الحارقة بلغة “البشير ربوح” رحمه الله التي طرحها هذا الكتاب الذي بدوره احتوى العديد من الأبحاث والدراسات المتميزة المقدمة في الملتقى المغاربي الأول المنعقد بمدينة رأس الوادي ولاية برج بوعريريج، الموسوم “الإبراهيمي و آفاق الحداثة”: سؤال التنوير أيام 10-11-12 أفريل 2015، كيف يمكن أن يكون التنوير فعلا وجوديا يروم تغيير نظرتنا إلى ذاتنا وإلى العالم؟، وبأيّ رؤية يمكن استثمار قيمة التنوير في واقع مأزوم يعاني الكثير من الأعطاب والأعطال؟، هل بالإمكان أن تكون نصوص العلامة البشير الإبراهيمي حاضنا لسؤال التنوير بكل مضامينه النظرية والعلمية ؟ ، وكيف يمكن أن يكون التنوير عند الإبراهيمي مُستنبتا من داخل الإنسان؟ ، وفي أفق الإصلاح والتغيير ، كيف يمكن أن تسعفنا رؤية الابراهيمي التنويرية في أن ندشن مشروع التقدم؟.
وفق هذا المنظور لا يغدو التنوير سوى قدرة على النقد والمراجعة الذاتية، ونبذ كل أشكال التسلط الأبوي وذلك لا يكون إلا من خلال استنطاق نصوص الإبراهيمي كمنطلق لفتح دروب جديدة تنتشلنا من الإعياء الأنطولوجي، تخرجنا من الإقامة داخل كهوف محجُوب عنها النور، بذلك يكون التنوير محكوما بالعود الأبدي الذي ليس له سوى إمكانية أنطولوجية تحول دون المماهات بين حقبة تاريخية معينة وسؤال التنوير. هكذا يُقحمنا الإبراهيمي حسب توصيف الدكتور محمد الصادق بلم داخل مشروع تنويري تقدُّمي يؤسس لدرب العلم والعمل، وفي منأى عن الأقوال الفارغة التي تُكرّر ذاتها دون أن تحول الصحراء إلى واحدة بلغة المفكرة الألمانية “حنة آرانت” ، فالإبراهيمي يمتلك عينا فلسفية بتعبير كانط، تدرك و تؤكد التأكيد والإلحاح الدائم للذات العربية الإسلامية في وحدتها المستمرة، بما أن الوجود داخل العالم هو دأْب على الوجود والبحث عن كوجيتو النقد والجراءة في اتخاذ القرار والاحتفاظ للذات بزاوية نظر...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق