الجمعة، 1 أكتوبر 2021

بعد 21 عاما على إغتياله المتوحش.. محمد جمال الدرة جرح غائر في ضمير العالم بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 بعد 21 عاما على إغتياله المتوحش.. محمد جمال الدرة جرح غائر في ضمير العالم



«يعشعش في حضن والده طائرا خائفا.. من جحيم السماء، احمنى يا ربى..من الطيران إلى فوق! إن جناحى صغيرعلى الريح.. والضوء أسود.. محمد.يريد الرجوع إلى البيت، من دون دراجة.. أو قميص جديد.. يريد الذهاب إلى المقعد المدرسى إلى دفتر الصرف والنحو، خذنى.. إلى بيتنا يا أبى..كى أعد دروسى.. وأكمل عمرى رويداً رويداً.. على شاطئ البحر، تحت النخيل “
محمود درويش
طفلٌ أعزل يدافعُ بالحجارة عالَما لما رأى الأقصى يُباعُ ويُشترى!


يا درّة الشهداء كيف يضمه صدر الزمان؟ وكيف يحويه الثري؟ تلك الكلمات من قصيدة “درة الشهداء” كُتبت عقب استشهاد الطفل الفلسطيني محمد الدرة في مثل هذا اليوم 30 من سبتمبر عام 2000 في ثاني أيام انتفاضة الأقصى الثانية، ليصبح “الدرة” أيقونة الانتفاضة الفلسطينية ومُلهمها، وصورتها الإنسانية في مشهد لن ينساه العالم.
فقبل 21 عاماً، كان “محمد” الطفل البالغ من العمر 12 عامًا، يسير بجوار والده في شارع صلاح الدين بقطاع غزة، ويختبئان خلف برميل إسمنتي بعدما فوجئا بوقوعهما وسط تبادل إطلاق النار بين الجنود الإسرائيليين وقوات الأمن الفلسطينية، تلك اللحظات التي رصدتها كاميرا قناة فرانس2.
حاول الأب “جمال” أن يحمي ابنه بكل قواه، اخترق الرصاص يد الوالد اليمنى، ثم أصيب محمد بأول طلقة في رجله اليمنى وصرخ: أصابوني الكلاب، فوجئ الأب بعد ذلك بخروج الرصاص من ظهر محمد. الصغير يردد: اطمئن يا أبي أنا بخير لا تخف منهم، رقد الصبي شهيداً على ساق أبيه، في مشهد أبكى البشرية وهز ضمائر الإنسانية.
حاولت إسرائيل التبرؤ من قتل الدرة الصغير، الذي اختصر استشهاده آلاف المشاهد والمآسي التي سجلها الاحتلال في حق الشعب الفلسطيني، كاشفاً لطبيعة العدو التي نسيها أو تناساها البعض، عدو يغتال الأطفال والأحلام ولا يجدي معه أي سلام.
بعد استشهاد الدرة الصغير بأكثر من عامين، رزق والده جمال الدرة ولدًا آخر عوضًا عن فقيده، أطلق عليه “محمد” أيضاً تيمناً بأخيه، فكان مولده رحمة من الخالق، ورقأ لجراح العائلة بأكملها.
جاء المولود الجديد “محمد” إلى الدنيا، في آخر جمعة من العشر الأواخر من شهر رمضان، التي صادفت “يوم القدس العالمي” لذلك العام، ليأخذ بجانب اسم أخيه، ملامحه أيضاً.
وعائلة “الدرة” كباقي عائلات فلسطين، بسطاء طفحوا الكيل في مخيم البريج للاجئين بقطاع غزة، فالوالد “جمال” كان نجارًا، عاش مع زوجته “أمل” ربة المنزل التي عانت كثيرًا في تربية أطفالها العشرة في ظل ظروف البلد العصيبة.
هذا،واندلعت شرارة الانتفاضة الفلسطينية الثانية، يوم 28 من سبتمبر عام 2000، عقب اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل-غير المأسوف على رحيله- أرئيل شارون، المسجد الأقصى، ومعه قوات كبيرة من الجيش والشرطة.
وتجوّل شارون-غير المأسوف على رحيله- آنذاك في ساحات المسجد، وقال إن “الحرم القدسي” سيبقى منطقة إسرائيلية، ما أثار استفزاز الفلسطينيين، فاندلعت المواجهات بين المصلين والجنود الإسرائيليين.
ويعتبر الطفل الفلسطيني “محمد الدرة” رمزاً للانتفاضة الثانية، وأثار إعدام الجيش الإسرائيلي له مشاعر غضب الفلسطينيين في كل مكان، وهو ما دفعهم للخروج في مظاهرات غاضبة ومواجهة الجيش الإسرائيلي.
وتميزت الانتفاضة الثانية، مقارنة بالأولى، التي اندلعت عام 1987، بكثرة المواجهات، وتصاعد وتيرة الأعمال العسكرية بين الفصائل الفلسطينية والجيش الإسرائيلي.
ووفقا لأرقام فلسطينية وإسرائيلية رسمية، فقد أسفرت الانتفاضة الثانية عن مقتل 4412 فلسطينياً إضافة لـ 48322 جريحاً، بينما قتل 1069 إسرائيلياً وجرح 4500 آخرون.
.ويظل في الأخير محمد جمال الدرة-أيقونة فلسطين-جرحا غائرا في ضمير الإنسانية

محمد المحسن

ملحوظة:سجل المصور طلال أبورحمة شهادته عن الحادث فقال: «بدا لى جلياً أن إطلاق النار ناحية الطفل محمد وأبيه بشكل مُركّز ومتقطّع باتجاه مباشر ناحية الاثنين (الأب والطفل) وناحية مراكز قوات حفظ الأمن الفلسطينية، وكانت الطلقات التي أودت بمحمد الدرة وأصابت أباه من أبراج المراقبة الإسرائيلية لأنه المكان الوحيد الذي من الممكن إطلاق النار منه تجاه الأب والطفل.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق