الأحد، 31 أكتوبر 2021

وقت الذروة/ عفاف الجربي /جريدة الوجدان الثقافية


 وقت الذروة ، غصّت الطريق بالمارة و العربات ، كان ابن المدرسة الخاصة الأنيق مستعجلا و رمق صديقا له ، و استفزته هيأته الرثة و بشرته المتأثرة بأشعة الشمس فحدجه بنظرة أقل ما يقال أنها لا إنسانية .

و كان الصبي ينزلق و يحث الخطوات بين عربات التاكسي يكتري العربة الواحدة و يدلّ عليها رجلا وقورا أو امراة أثقلتها الأكياس و سلال المشتريات أو واحدة أخرى ذات كعب و آخر حاملا لحقيبة يشعر بإجهاد ، و تمر الساعات ، و يصل للمساء و قد اجتمعت بجيبه بضع دنانير ، فيسدد منها للمكتبة دينا ثمنا للكتب و يعطي ما تيسر له لأخته الصغيرة ثمنا لابتسامة منها و يمسح على قلب أمه بثمن لوجبة عشاء تسد رمقا .
و تمر الأيام و تتعاقب السنون ...
يزدحم الموظفون و المواطنون ببهو إدارة أمام مكتب فخم على بابه غلاف جلدي سميك و على يمينه لافته كتب عليها "فلان ابن المرحوم فلان "
الكل ينتظر حلا لمشكلة عميقة ، يتطلعون للدخول لمقابلة المدير .
في لقاء حميم قال الصديق للصديق : مبارك عليك المنصب ، و مرحى لك حب الناس و قربهم منك ، أنت بحجم المسؤولية ، أرى وجهك مشرقا مضيئا و عهدته داكنا من تأثير الشمس و اللهو زادك المنصب وقارا .
و أنت يا أيها الصديق العزيز ماذا حدث لك ؟ ماذا غيرك ؟ كنت في وضع تحسد عليه . ردّ : لم افهم الدنيا ، استعجلت الزمن كعادتي ، فلا واصلت التعلم و لا عرفت الاستقرار بعمل من الأعمال .
بقلم ✍ عفاف الجربي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق