الاثنين، 1 نوفمبر 2021

هَكَذا تَكَلّم شعري بِجبل سَمّامة /صالح سعيد / تونس /جريدة الوجدان الثقافية


 هَكَذا تَكَلّم شعري بِجبل سَمّامة.

رَكبْتُ العَزْمَ فِي سَفَرٍ إِلَى الشِّعْرِ،
وَكَانَ عُدَّتِي الأَمَلُ..
وَجُبْتُ البَرَّ مُلْتَحِفًا لَهِيبَ الحَرْفِ يُطْرِبُنِي،
وَكَادَ الجُرْحُ يَنْدَمِلُ.
وَصَلْتُ الشِّعْرَ بالجُرْحِ عَلَى شَبَقٍ..
فَهَاجَ الشِّعْرُ...طَفَا كَالمَوْجِ يَرْتَطِمُ..
رَمَيْتُ نَغْمَتِي فِيهِ فَكَانَتْ لُجَّةً حُبْلَى بِوَهْجِ النُّورِ تَلْتَحِمُ..
وَنَغْمَات كَثِيرَات سَمِعْتُ طَيْفَهَا السَّاجِي عَلَى أَشْوَاقِي تَزْدَحِمُ..
طَربْتُ مِلْءَ أَفْئِدَتِي وَقُلْتُ "الشِّعْرُ يَنْتَصِرُ"
وَكَانَ الشِّعْرُ يَتَّقِدُ، إِلَى أَنْ حَلَّ ذُو لَعَجٍ بِوَهْجِ النُّورِ يَنْتَثِرُ،
إِذَا مَا غَامَ مُبْتَسِمًا بِرمْشِ الغَمْزِ يَنْهَمِرُ،
يَهُزُّ رَبَّةَ الشِّعْرِ فَيَغْدُو عَرْشَهَا الخَوَرُ.
وَحَلَّ الطَّيْشُ وَالنَّزَقُ فَكَادَ الشِّعْرُ يَنْتَحِرُ..
يَقُولُ الصَّحْبُ أَجْمَعُهُمْ وَقَدْ لُدِغُوا مِنَ الجُحْرِ:
مَتَى تَتَعَافَى يَا وَطَنِي مِنَ السُّمِّ الذِي وَطَّنْ؟
مَتَى تُرْمَى مِنَ الكَأسِ بَقَايَا البَغْيِ فِي الجَوْشَنْ؟
مَتَى يَتَآكَلُ الصَّدَأُ؟ مَتَى يَنْزَاحُ كَالمُزْمنْ؟
يُجِيبُ الشِّعْرُ مُنْشَرِحًا وَقَدْ عَادَتْ مَلَذَّتُهُ:
أَنَا أَحْيَا بِصَوْتِ البُلْبُلِ الشَّادِي،
أَنَا فِي النّار، فِي الوَادِي،
أَنَا فِي المَوْجَةِ الثَّكْلَى، أَنَا كَالسّفِ بِالضَّادِ.
فُؤُوسُ الهَدْمِ أَهْدِمُهَا أَقُضُّ رَوْحَهَا الهَادِي،
وَرَبُّ الشِّعْرِ أَقْتُلُهُ إِذَا مَا مَسَّ أَوْلاَدِي..
رُبُوب الشِّعْرِ مَرْسَاةٌ لِأَشْرِعَتِي،
مَرَافِئُهَا غَدَتْ مَاءً مِنَ الدَّرَنِ،
أَحُطُّ فِيهَا مُلْتَحِفًا بِوَهْجِ الشَّمْسِ فِي دَفَقِي،
لِكَيْ أُشْفَى مِنَ العَفَنِ."
ضَمَمْتُ الشِّعْرَ مُشْتَاقًا وَسَيْفِي سَامِقُ الطَّعْنِ،
لِرَبِّ الشِّعْرِ مَزْهُوًّا بِتَاجِ الوَهْمِ كَالعِهْنِ.
لِيَحْيَا الشّعرُ يا وَطَنِي بِرَبٍّ عَادِلِ اللَّحْنِ.
صالح سعيد / تونس الخضراء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق