الجمعة، 8 سبتمبر 2023

... وسـواسُ قَـهريْ .بقلم.. الشاعر حسن علي المرعي

 ... وسـواسُ قَـهريْ ...


أرى جَـبَـلَـيـنِ مِـنْ عـاجٍ وتِــبْـرِ 

 ونَهـرًا لـيـسَ يـدري أيـنَ يَـجـري 


فَمِـنْ أعلـى كـما شَـوقـي تَـوالـى 

 عـلى اليـاقـوتِ مَـنحـوتًا بِـصَبْـرِ 


ومِـنْ أدنـى إلـى مـا قَــرَّ عَـيْـنًا 

 تـواضـعَ بَـحـرةً مِـنْ خَـمـرِ ثَـغْـرِ 


فـأبـحـرَ لا شِــــراعَ ولا صَـواري 

 بِـريـحِ جُـنـونِـهِ تَـيَّـارُ عُـمْـري 


وحـالـفَ أنـمُـلِـيْ صَـوَّامُ كـأسٍ 

 تَـفَـلَّـتَ مَـنْ دواويِـنِ الـمَـعَـرِّي


رهـيـنُ مـحـابِـسٍ بالـمُـرِّ يـزكـو

عـلـى ظُـلْـمِ الأحِـبَّـةِ بـالأمـرِّ


وخـالـفَ كـلَّ ما في الزُّهـدِ نَـجْـوى 

 وعانـقَ وردَ ديـكِ الجِـنِّ عِـطـرِي 


فَـخـبَّـأَ كـلَّ ما المـيمـاسُ بـاحـتْ 

 مِـنَ السَّــــراءِ صـدرًا للأســــرِّ 


فَـمـسَّ الثَّـوبَ فَضْفـاضَ النَّـوايـا 

 بـهِ عَـدوى مِـنَ الأزهـارِ تُـغْـري 


وحـلَّ رِبـاطَ جِيـدِ الفُـلِّ يُـرقِـي 

 مَريضًا ضاقَ في خُـنّاقِ صَـدرِي 


ومـا أبـقـى عـلـى قَـفَـصٍ رِتـاجًا  

إلـى مـا كـانَ مَـوجـوعًا بِـزِرِّ 


فَـنـفَّـضَ رِيشَـهُ وانـسـاحَ عِـطـرٌ 

 وجَـفَّـفَ جـانِـحَيـهِ بِـنـارِ حَـرِّي 


فـأوصـالـي بـلا وصـلٍ تـصـالَـتْ 

عـلى كـأسٍ تَـثلَّـجَ فـوقَ جَـمـرِ 

 

لـطـيـفٌ بالزجاجـةِ مِثْلُ شِـعـري

تــشــاكَـلَ بـيـنَ زهـرِيٍّ ودُرِّيٍّ   


يُـســــرِّي هَـمَّ أفـئـدةِ الـنـدامـى

عـلـى فَـرَحٍ وهـمِّـي لا يُـــسـرِّي                     

                          

ومَنْ في ضَـيْعَــتي لـم يـدرِ أنِّـي 

 سَـكِـرتُ وأولُ المَلَكـوتِ سُـكْـرِي 


فَـفسَّـرَ شـاعـرٌ وجـعـي حُـروفًا

عـلـيهـا كُـحـلَ عَـيـنَـيْـهـا أُذَرِّي


وأوَّلَ نـاقِـدٌ لُـغـتـي سُـــــلافًا

بهـا مـنْـكِ الـذي مـا لـيـسَ يـدري


وقـالَ حكيـمُ أهـلِ الحَـيِّ سلـوى

عـلى سـطـرٍ وليـلـى تحـتَ سـطـرِ


وكـيـفَ جُـنـونُـهُ جـعـلَ الـمـعـانـي                                         

تُـبَـرعِـمُ ناهِـدًا مِـنْ هَـزِّ خَـصـرِ !


و شَـكَّـكَ نـاصِـبٌ بِخُـصـورِ وردٍ 

 تَعـرَّى حـدَّ مَـمـنـوعِ الـتَّـعـرِّي


فصالـحْـتُ الجمـيـعَ وقُـلْـتُ لكـنْ

عـبـيـرُ نُـهـودِهـا وسـواسُ قَـهْـري 


ولا أدرِي بِـمـا فَـتَّـحـتُ مِـنْـهـا  

كَمِ اشـتَـعـلَـتْ شُـموعٌ في الممـرِّ !


وكَمْ رَقَـصَـتْ زنابِقُ في كلامِي !

 وطـارَ مِـنَ التَّرائـبِ زوجُ فِـرِّيْ !


وكم هـدأتْ على العاصي قَـطـاةٌ

تُـبـرِّرُ مـا رأتْ حـتَّـى تُـبَـرِّي !


وكمْ مِنْ لَـثْـمَـتي سَـكِـرَتْ شِـفـاهٌ !

وكمْ ؟ حـتَّى الشَّـذا ما عـادَ يَسْـري !


وغَـلَّـقَ كُـلَّ أبـوابِ السُّـــكـارى

عـدا سِـرِّي ومـا أفـضـى بِـسِــرِّي


وقَـرَّرَ فـي مـراشِـــــــفِـهـا ثَـواءً  

بـهِ فـي جـنَّـةِ الـمـأوى مَـقَـرِّي


فـمُـرّي رُبَّـمـا أفـرحْـتِ رُوحـي

كـمـا كـانَـتْ تُـغـرِّدُ إنْ تَـمُـرِّي   


الشاعر حسن علي المرعي 

٢٠٢٣/٨/٣٠م 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق