الأحد، 3 سبتمبر 2023

*** مذكرة بطال *** بقلم الشاعرة زهرة الحوّاشي.

 *** مذكرة بطال ***

--- المرحلة الاولي ---
عِنْدما كنتُ صَغيرًا
كُنتُ أستفيقُ على صَوتِ أمِّي
،،هيا ّ...طَلعَ النّهارْ.. ،،
كانتْ أمِّي تستفيقُ على صوتِ صِياحِ الدِّيكْ
أخطأَ الديكُ أوْ أصابْ
فقدْ طلعَ النّهارْ
لاَ مَفرّ مِن الْقَرارْ
أُزيلُ الْغِطاءَ عنْ وَجْهيِ
فَيُهاجمُني برْدُ الشِّتاءِ
وَ قدِ اٌنْحدرتْ جُيوشُهُ منْ قاعدةِ جوڨورْطا
وِ جِبالِ وَرْغَةَ ليلاً
و باتتْ تَتربّص بِي
كالإعْصارْ
لكنْ لا مَفر
طلعَ النّهارْ
أَرْتدي ميدعتِي
أغمسُ سبّابتيَّ في الْماءِ
أمسحُ بهما عينيَّ
أهُبُّ لِلإفْطارْ
بعضُ كِسرَى
بعضُ بعضِ زيتٍ
و... اٌنتهى الإفطار!!
في ركنِ الْغرفةِ مِحفظتي
فوق مائدةٍ قديمةٍ تنيرُها،، لمبةُ بترولٍ،،
لا مكتبَ و لا كهرباءْ
لا أريكةَ و لا سِتارْ
أُكمِّلُ ما تبقىَّ منَ الْفروضِ
و أتهيأُ لبقيةِ الْمشوارْ...
أحملُ مِحفظتي
أخرجُ لمصارعةِ الأخطارْ
حذائي ،،بُوط"مَرْكبتِي
تصد عن قدمي عرق الامطار
و معطفي " قشابيتي *
درعي ضدّ رصاصِ الثلج
و الريح و الامطارْ
لكنني كنتُ صغيرا
غَضًّا رقيقَ الْعودِ
لا أُدركُ الْخُدعَ
وَ مكْرَ الأشرارْ !
وَ ها هُوَ الْعدُوُّ يُهاجِمُ وَجهيَ الْعاري
فيجرّحُه تجريحًا
و يزيدُه احمرارْ !!
ثمَّ يمرُّ إلى أصابعي
و يحاولُ افتكاكَ محفظتي
فأقاومٌُ و أقاومُ
دفاعا عن محفظتي
قائلا في نفسي:،،البردُ و لا العارْ!!،،
فأذا به يُحرّقُ أصابِعي
تماما مثل حرقِ النارْ!!
جريمةٌ مع سبقِ التّرصُّدِ
و الإصرارْ!!!
بَيني و بيْن مدْرستي
درْبٌ طويلٌ وَ وادٍ
تُحيطُه الأشجارْ
أَقطعُ الٌدربَ
أنزلُ الوادي
و أقتحمُ الأخطارْ
و كأنني السِّنبدادُ البحريُّ
يصارعُ أهوالَ البحارْ
.. فأتذكّرُ صديقي و صاحبَ دربي
لقد جرفَه هذا الوادي ذاتَ عودةٍ من المدرسة
فتستحيلُ مغامرتي رعبا و مَرارْ
لكنْ لا مفرَّ
لا خِيارْ.....
في القسمِ كنتُ ممتازا
و إن تجمَّدتْ أصابعي
و اعْوجَّ الخطُّ و الْمسارْ
فلا أخطاءَ
و لا تدليسَ
و لا استمرارْ ...
كنت أعودُ إلى أمي
كطيرٍ صغيرٍ
أطلبُ دفئَها
و بعضَ الطعامِ
فتحيطُني بروعةِ الأمومةِ
و الكانونِ ...و الدِّفءِ
و إخوتي الستة
و الصّخبِ الكثيرِ.
فانسى معاناةَ النهارْ....
--- المرحلة الثانية ---
أعوامٌ و ظروفٌ و صروفٌ
و ذكرياتٌ تابى الإندثارْ
مجاملاتٌ و تبجيلٌ لأبناءِ السيادةِ
و لنا الحيفُ و التّجاهلُ
و الإحتقارْ
فما زادنا الْعسرُ إلاّ شدةٓ
و عزيمةٓ
فكان الإنتصارْ...
و هلَّتْ مرحلةُ المعاهدِ
ابتعدنا عن الدّيارْ
و أصبحتِ المبيتاتُ ديارَنا
و الأوكارْ
و من لا يعرفُ ما يخلِّفُ المبيتُ من آثارْ
إسألوا المطابخَ عن ولائمِ التَّعفّنِ و الاخطارْ
تكشف لكم الأسرار
أمّا الأساتذةُ فقد ندرَ الشريفُ
و تكاثرَ السِّمسارْ
ترغيبٌ و ترهيبٌ
حصصٌ و تسريبٌ
و استهتارْ
و الويلُ لمنْ لا يملكُ الدينارْ !!
فاشتدتِ الْهممُ
و احتدّت القممُ و إلى العُلا
انطلقت الأفكارْ
و رُغم الفقرِ و القهرِ
و الحيفِ و الإحتقارْ
ها هي الجامعاتُ في الانتظارْ
--- المرحلة الثالثة ---
الْجامعات : دورُ العلومِ و الرياضياتْ
و الفلسفةِ و الإنسانياتْ
موطن الذّكاءِ و الإبداعِ
و الإبتكارْ
و النّقدِ و "حَجرةِ سقراط"
و تعدُّد الأفكارْ
و علومِ الطِّبِّ و التشريحِ
و البيولوجيا و الجيولوجيا
و الأنتروبولوجيا و الحفرياتِ
و علمِ الآثارْ
خَبرْنا دواليبَ التاريخِ
و خلفياتِ الحروبِ و تقسيمِ العالمِ
و مرارَ الإستعمارْ
و قرأنا تاريخَ الثوراتِ و العبيدِ
وبطولاتِ الزنوجِ و الهنودِ و الأقلياتِ
و مدى ظلمِ الظالمينَ
و الماغولِ
و التاتارْ .....
و علمنا طبَّ ابنِ سينا و زريابٍ و الرازي
و باستور و البنيسلّين
و أمراض الكوليرا
و ما سببته من دمارْ
و اّطلعنا على علوم اليونانِ و الإغريقِ
و فلاسفةِ الظنة و فلاسفة العربِ
و ابن رشدٍ و فلاسفةِ الأنوارْ
و ارتوينا بقيمِ الإنسانِ
و اتخذنا العقلَ بوصلة ً
و العدلَ ميزانًا
و العدالةَ منظارْ
تحدَّيْنا هُزالَ مناقِدِنا
و شدَدنا أحزمةَ بُطوننا
و كمْ عذّبنا غَلاءُ العيْش
و سكنُ الإيجارْ
كانت شعلةُ الأملِ في عيوننا
و كان حبُُّ الوطنِ ملءَ قلوبنا
حلمًا بغدٍ مزهرٍ
وأمنٍ و استقرارْ ...
ـــ المرحلة الاخيرة ــــ
أَحرزتُ الشهادةَ العليا
فعمَّتِ الأفراحُ و المسارُّ
أبي عاملٌ بسيطٌ
لا املاكَ لا عقّاراتٍ
ولا دفاترَ ادِّخارْ
و بعضُ إخوتي هجرَ المدارسَ
لتمكيني من الإستمرارْ
تذكرتُ و أمِّي تضُمُّني
يومَ باعتْ لأجليِ حَليَّها
خلخالاً و خُرصيْنِ و 'تيڨارْ'
و عدتُه...و عدتُهم ...و عدتُها
بالعمل و الجِد.ِّ
و ردِّ الإعتبارْ
لكنّ الوعودَ ضاعتْ و تبخَّرتْ
غبارا في غبارٍ
في غبارْ
فأنا منذُ سنينَ باحثُ بحَّاثٌ
و شهادتي الرّسمية
و إسمي و تعريفُ هويتي ::
متخرِّج . الإمضاء : بطالْ .
زهرة الحوّاشي.
من كتاب *رأسي في قفص الاتّهام*
Peut être une image de 7 personnes et personnes en train de nager

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق