من حياة البؤساء
خبّرتني الأيّام عن ماض ليس ببعيد براءة شعب بسيط يتاجرون مع اللّه في أرزاقهم و مكتسباتهم.
لا يحقدون لا يبغضون و لا ينافقون يتمنّون الخير لأحبّتهم و أقربائهم.حزنهم واحد فرحهم واحد شعارهم الحبّ و الوفاء و المودّة و الصّفاء.أتذّكر جيّدا إلتفافهم و تكاتفهم في زرع بذرة الوّد و الإخاء و تبادل التحايّا و القبل.ما أجمله من زمن غير هذا الزّمن الّذي تشعبّت فيه الحِيل و اختلفت فيه السّبل و انتشرت فيه الأوبئة و العلل.صرنا عن فعل الخير نبخل و لا عن قريب نسأل نعرف الجار إذ يرحل.قريبنا بعيد و عيشنا رغيد و جاهلنا عنيد.قلوبنا مقفلة و عيوننا مغشية نعشق الريّاء تحسبنا أغنياء.الفقر في عقولنا و الجوع في بطوننا.القطع في أرحامنا و تفشي خصامنا، حلالنا محدود،حرامنا موجود سلامنا مفقود.
آه..من زمن أضحت فيه عيوبنا مرئية،أسرارنا مفشية،سعادتنا الإجهار،همّنا القُمار ومصاحبة الأشرار.
جنائزنا مظاهر حياتنا ظواهر.كم أعشقك أيّها الزّمن الجميل،علّمتنا المودّة و حبّ الإتجار شعارنا المحبّة
و الصّدق في القرار و مرافقة الأخيار.
يا له من زمن شبيه بالورود عبقه الفوّاح يعمّ الأرجاء بالنّصح و الثناء و البذل و العطاء.حتّى ألعابنا مختلفة عن هذا العالم الغريب و الزّمن العجيب.ألعابنا فكرية نقيّة،ألعابهم جسدية شقيّة.في زماننا لا نلعب "الفريفاير" بل نلعب لعبة "الغميضة".نغمض أعيننا لنتذّكر عواطفنا و ما اقترفناه من أفعال لا تليق بنا لنتدارك مخلّفاتها مستقبلا.
فهل بقيت درجة من الوعي و الإدراك ليتدارك أبناء الأجيال القادمة ما عصفت به الأقدار لتصحيح مسار المبادئ و القيم؟ أم أننا سنظل رافضون اللاوعي مع اكتشاف الوعي؟
بقلم جمال الشوشي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق