*** تصنّع السّؤال ***
لا تسألوا إن اختفيت... أين تواريت.. ولا تنبشوا في جرابي وفي أكيسة الجيران عن أسباب غيابي.. فلا تفرحوا كثيرا، ولا تذرفوا دمع من يمشي خلف جنازة وهو من أشعل الفتيل ويعرف قاتل القتيل..
لا تسألوا عن اختفائي.. فأنا مشغولة وجدّا...
مشغولة بكنس لوثاتكم عن ريش الحمام، وبجبر كسور أجنحة العصافير الوديعة، ومسح دمعات من عيون الغيمات الفتيّة وعلاج ندبات عضّاتكم على أغصان الزيتون، الكروم هي الأخرى ترتجي يدا بيضاء حتى يكون النّبيذ كعين جارية عذراء... وماذا عن الدهر الذي يئنّ من طعناتكم، وخدوش الأرض التي تستغيث والقيح الذي تتقيّؤه البراكين.... والجثث التي ابتلعتها زلازل الدّمار..
مشغولة.. وجدّا... بمحو كلّ نقطة سوداء رسمتموها على جدران القلب بحبر البغضاء، وبزرع شتلات من زهر الأرنج، فعطره دواء... وبجمع حبيبات ندى لأغسل بها أيادي لطْختها عناكب الدماء.. ولأشعل أنامل الشّوك ففي احتراقها ينتفي الكره ويعود الوئام..
مشغولة.. أنا وجدّا... وإن عدت فليس لأقرئكم السّلام.. بل لأودّع الدّنيا.. وأترك في عهدتها مشعل السّلام... فلا خير فيمن يحفرون جبّا ويزرعون لغما ثم يلبسون براءة الأطفال وبتصْنعون السّؤال..
سونيا عبد اللطيف
قليبية 09/ 11/ 2025

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق