الذين يربتون على الهواء
سلسلة
بريد السعادة
الرسالة الثالثة
"الذين يربتون على الهواء"
...
مرحباً بك في الرسالة الثالثة من "بريد السعادة"،
حيث لا نُعلمك كيف تكون سعيداً، بل نُذكرك أنك كنت كذلك منذ البداية..
هنا تُصافحك الكلمات كما يربت الضوء على قلبٍ مُرهق،
وتُدرك أن السعادة ليست وعداً، بل طريقة نجاةٍ ناعمة.
...
تمهيد:
أحياناً تأتي السعادة متخفية في هيئة هدوءٍ غريب،
كأن العالم قرر أن يصمت لحظة ليمنحك فرصة أن تسمع نفسك.
في تلك اللحظة الصغيرة، تُولد أشياء لا تُرى،
ويحدث ما يشبه المعجزة:
أنت بخير دون سببٍ واضح.
أحياناً لا يحدث شيء عظيم.
تستيقظ، تشرب قهوتك، تنظر إلى السماء،
وتتنفس دون معنى محدد.
لكن هناك من يراك من بعيد، ويقول في نفسه:
"هذا الكائن الذي ينجو دون أن يدري..
هو أحد أنبياء البهجة الخفية."
السعادة لا تُقاس بعدد الضحكات،
بل بعدد المرات التي لم تنهر فيها رغم أنك كنت تستطيع.
تتسلل الحياة إلينا بأشكالٍ غريبة:
في رسائل لم تُرسل،
في نكاتٍ لم تُفهم،
وفي وجوهٍ تُشبهنا أكثر مما ينبغي.
هناك من يتقن التواطؤ مع الصمت،
ومن يتعلم كيف يبتسم في اللحظة التي يُفترض فيها أن يبكي.
هؤلاء لا يصنعون ضجيجاً،
لكنهم يُرممون العالم بطريقةٍ غير مرئية.
فقط توقف عن مطاردة الضوء،
لأن الضوء الذي تهرب منه غالباً يركض خلفك.
يكفي أن تلتفت قليلاً،
لتكتشف أن نصف السعادة يكمن في الالتفات لا في الوصول.
ابتسم عندما يختبرك الهدوء،
واضحك حين تتألم قليلاً،
فالعفريت الحقيقي هو من يربت على الهواء ويقول:
"ما زلت هنا، ولن أتوقف عن التجمل أمام الفوضى."
وفي آخر الليل، حين يصير الصمت أكثر صدقاً من الكلمات..
ستصل رسالةٌ بلا طابع بريد،
كأنها من صديقٍ لم تعرفه قط..
لكنها تعرفك أنت تماماً.
حين تفتحها،
لن تجد كلماتٍ كثيرة،
بل رائحة قهوةٍ قديمة، ودفء ضوءٍ صغير،
وهمساً يقول لك:
"الرسائل التي كتبتها للحياة عادت إليك، وقد فهمتك."
...
بقلمي: وسام طيارة السوري
Wissam Syrian

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق