الأحد، 4 أغسطس 2024

رسالة "وداع"..من كاتب*..احترق بلهيب الحرف عبر سنين عجاف..! بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 رسالة "وداع"..من كاتب*..احترق بلهيب الحرف عبر سنين عجاف..!


"اقرأ وغربل الحروف إنصافا..فليس لحر القصيد أعرافا.."


قد لا يحيد القول عن جادة الصواب،إذا قلت  أننا نعيش الآن..وهنا،و في هذه الحياة أدواراً مختلفة وأحياناً مختلطة على أمل انتظار القادم الأجمل فكلنا (بانتظار غودو**) الذي لا يأتي،نظل ننسج الآمال والقصص والحكايات في فصول حياتنا بانتظار هذا الغامض الذي سيأتي ومعه خلاص لمشكلاتتا..! باعتقادي أن (غودو) هم الشباب المبدعون حيث يعيش داخل كل مبدع درجة من الشغف بانتظار شيء ما،وهذه الدراما الإنسانية كفيلة بأن تدفعنا للأمام في الحياة.

قرأت ذات مرة أن سقراط كان همّه اليومي هو التساؤل فقد كان يلقي أسئلة لا تنتهي على كل من يقابلهم،فهو يسعى إلى أن يتعلم من الآخرين ما كان يزعم أنه تعلمه،وهنا عدم ركونه إلى وجهة واحدة في التعاطي مع البحث الخلاق عن أجوبة لأسئلته الكثيرة عن الحياة جعلته مختلفا..بداخله إنسان مبدع لا يهدأ،وهذا ما يجب أن نفعله،هو تهيئة الفرصة للشباب المبدعين وعدم سجنهم وتقييدهم بقوانين المجتمع وبالأحكام المسبقة والمسقطة.

يقول (هارول أندرسون) في الابداع: في كونه عمليّة إنتاج تشهد كلّ لحظة من لحظاتها ولادة جوهرة ذات قيمة آنية،ليس ذلك فحسب بل تكمن الأهميّة في كون الإبداع ضرورة من ضرورات الحياة.وجدت الموهبة والابداع لتكون مقياساً للتنافس بين الأفراد والعقول والدول،وإلى تحقيق أعلى درجات التمدن الإنساني والسيطرة بين الدول،وبلوغ ذلك حقيقة قد لا يدركها إلا فئة محدودة ومتميزة في المجتمع..

هذه الموهبة نعمة من الخالق عز وجل وهبها عباده لتكون أمانة فيصقلها وينميها سواء كان الفرد او الاسرة او المجتمع،فهي قدرة بشرية طبيعية وطاقة متجددة متطورة وذات قيمة متميزة بحق. ومن هنا يظهر التمدن والتحضر الحقيقي واحترام وجود الانسان والتعامل معه كثروة لا تقدر بثمن بالتمييز بينهم بحسب ابداعاتهم وقدراتهم وخدماتهم لمجتمعاتهم وللإنسانية.

والموهبة-في تقديري-خلط بين الإدراك الحسي والمعنوي والعقلي تحتاج من يرعاها وينميها لأنها لا تورث ولا تكتسب فقط بل هي خليط من كل شي بشكل متفرد تختلف نسبته من انسان لأخر..

ومن هنا،أرفع قبعتي عاليا أمام المبدع التونسي الكبير د-طاهر مشي،هذا الشاعر والكاتب السامق مافتىء يبذل جهدا جبارا في سبيل توفير أرضية خصبة للإبداع،من خلال المؤسسة الثقافية الرائدة ( مؤسسة الوجدان الثقافية )..هذه المؤسسة الواعدة نراها اليوم بفضله تحتضن الأقلام والطاقات سيما الشبابية منها وتدفع بها نحو تفعيل المشهد الثقافي التونسي،وتؤسس لخلق جيل يحمل راية الإبداع بشموخ في المدى المنظور..وشاعرنا الكبير دطاهر مشي يؤمن بما لا يدعو مجالا للشك،ان قضية الابداع والشباب قضية هامة وحيوية للغاية لأن الابداع-في تقديره-طاقة فطرية ذكية تميز بين الافراد والمجتمعات وهي لا تنضب ولا تفنى او تزول فهي باقية ببقاء الانسان.أوجدها الخالق عزوجل في النفس البشرية لعمارة الأرض ولمزيدٍ من التمتع ببهجة الحياة وروعتها.

وعلى هذا الأساس،فالإبداع يولد حيث يكون هناك حب واحتضان واحترام..والابداع ينمو معنا ونحن ننمو في مراحل حياتنا.. والابداع يقتل حين يقمع خيالنا وتحجر عقولنا وتربط ألسنتنا..

وهذه الحقيقة أدركها الشاعر الفذ د-طاهر مشي،إيمانا منه أنّ الإبداع لا ينهض ولا يزدهر إلا في مناخ مناسب ومشجّع،وثمة الكثير من ضروب الإبداع تتقلّص وتندثر حين يكفّ المجتمع عن العناية بها ولا يبدي حاجته لها..

كونوا..يا أحبتي ( الكاتبات الفضليات والكتاب الأكارم ) أعتى الروافد الإبداعية لصرح مؤسسة الوجدان الثقافية ولرئيسها المتألق تونسيا وعربيا د-طاهر مشي،فهي خير حاضن لأقلامكم،وهو ( د-طاهر مشي) خير مشجع لإبداعكم..وأذكروني بخير إن ظلت بعض كتاباتي في ذاكرتكم مثل رف جناح..

لا أقول وداعا لرفاق القلم..فقد نلتقي يوما في رحاب الإبداع،إن بقي في العمر بقية..!


محمد المحسن


*التعريف بالكاتب:

ناقد وكاتب صجفي تونسي.

- حائز على الماجستير في اللغة العربيّة وآدابها.

- حائز على رتبة أستاذ بروفيسور من الجامعة اللبنانيّة بعد تصنيف عدّة أبحاث له( سنة 1988).

- لديه عدّة أبحاث ومقالات منشورة في صحف تونسية وعربيّة.

- مُشارك في العديد من المؤتمرات،والنّدوات،والأمسيات الشّعريّة، والمحاضرات الأدبيّة. 

- كُرّم في الجماهيرية العظمى ( جامعة الخمس) عام 2008.

-لديه تسعة كتب وستة مخطوطات أدبية وفكرية..نشر ما يزيد عن ثمانية آلاف مقال،بصحف تونسية وعربية وباللغتين : فرنسية وعربية،توزعت بين الشعر،النقد والمقال الرائي والدراسات الإستراتيجية والفكرية المعمقة..

-ثلاثة من كتبه تمحورت حول النقد الأكاديمي ترجمت  إلى الفرنسية والإنجليزية والإسبانية.

**في انتظار غودو :مسرحية تستلهم الوجع الإنساني وتحتفي بالذي لا يأتي..! وغودو (بالإنجليزية: Waiting for Godot)‏ (بالفرنسية: En attendant Godot) مسرحية كتبها الكاتب الإيرلندي صمويل بيكيت.تدور أحداث المسرحية حول رجلين يدعيان «فلاديمير» «واستراغون» ينتظران شخصًا يدعى «غودو» لا يصل أبداً.وفي أثناء انتظارهما،ينخرطان في مجموعة متنوعة من المحاورات ويقابلان ثلاث شخصيات أخرى.في انتظار غودو،هي ترجمة بيكيت لمسرحيته الأصلية باللغة الفرنسية،وهي مترجمة"بالإنجليزية فقط" "ملهاة مأساوية من فصلين ".



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق