الجزء الثاني عشر من قصيدتي
"رهينُ النَّكبات"
المكوَّنة من 320 رباعية
276-300
276
تحَوُّلُ الْمَرْءِ إلى الأفْضَلِ
ليْسَ إلى الأَدْنى أَوِ الأْرْذَلِ
أَلا اذْكُرَنَّ كيْفَ كُنتَ أَخي
كُنْتَ كما اللَّيْثِ وَكالْفَيْصَلِ
277
أخْرجتَ في السابِقِ مُسْتعْمِرا
قدْ خرَّبَ الَأوْطانَ بلْ دمَّرا
ما بالُكَ الْيَوْمَ بلا عِزَّةٍ
ألا تَرى الدِماءَ قدْ أهْدَرا
278
لقدْ غَدوْتَ مثلَما الْحَجَرُ
لا لستَ حتى النِّدَّ أَعْتَذِرُ
لأَنّهُ أَشَدُّ مِنْكَ هُدىً
أَما جرى مِنْ حَجَرٍ نَهَرُ
279
حتى مِنَ الْحجارةِ الصَّلْبَةِ
ما مِنْ مخافةٍ أَوِ الرَّهْبةِ
يهْبِطُ راكِعًا لِخالِقِنا
وساجِدًا مِنْ حُرْقَةِ التَّوْبةِ
280
يا مُتْرَفي النَّفطِ ألا انْشَغِلوا
بِعُهْرِكُمْ وَفُسْقِكُمْ واعْمَلوا
ثانيَةً كلَّ خياناتِكُمْ
إنْ يمْهِلِ الرَّحْمنُ لا يُهْمِلُ
281
عِنْدَئِذٍ سوفَ نرى نَفْطَكُمْ
والْمُنْتِنَ الحامي لَكُمْ وَسْطَكُمْ
إنْ ينْهَضِ الثُّوارُ لنْ يُنْقِذَنْ
عُروشَكُمْ حتى ولا رَهْطَكُمْ
282
إنْ يُطِلِ الرحمنُ أعْمارَكُمْ
يَزِدْ ذُنوبَكُمْ وأوْزارَكُمْ
فيَكْبُرُ الْعقابُ بلْ يَعْظُمُ
وَمِثْلُهُ يَنالُ أنْصارَكُمْ
283
تَمتَّعوا يا مُتْرَفي الْعَربِ
حُثالَةَ الأَعْصُرِ والْحِقَبِ
لنْ تَجْعلَ الأَنْذالَ أبراجُهُمْ
حتى وَإنْ كانتْ مِنَ الذَّهَبِ
284
أهلَ حَضارَةٍ مُشَرِّفَةِ
تبًا لَكُمْ وللْمُزَخْرَفَةِ
بالماسِ مِمّا في مراحيضِكُمْ
سُحْقًا لِسَهْراتٍ مُكَثَفَةِ
285
بالْخَمْرِ والْفُسْقِ وحتى الزِنى
والْقادِمينَ مِنْ بِقاع الدُّنى
حتى مِنَ الْعُربانِ مِنْ مشْرِقٍ
لِمَغْربٍ وَلِلْأعادي الْغِنى
286
وَنَفْطُكُمْ تذْهَبُ أمْوالُهُ
لِيَغْنَمَ الْغازي وَأَمْثالُهُ
جميعُنا نعْرِفُ جامِعَها
كذلكُم ما هِيَ أفْعالُهُ
287
الْحَفَلاتُ دونَما خَجَلِ
أوْ خَشْيّةٍ حتى ولا وَجَلِ
يُقيمُها الزَّنيمُ مُعْتَقِدًا
أنَّ بِها الْخُلودَ للرَّجُلِ
288
والشَّعْبُ أصْلا لا وُجودَ لَهُ
اسمٌ فقطْ وَكَمْ نَرى مِثْلَهُ
ثمَّ نَرى ماذا نَرى؟ دوْلَةً
ورَّثَها مُغْتَصِبٌ نَجْلَهُ
289
تاريخُنا يذْكُرُ مُعْتَصِما
خليفةً ما كانَ مُسْتَسْلِما
بلْ كانَ حُرًا أبيًا عادِلًا
ولمْ يَكُنْ يا عُرْبُ مُنْهَزما
290
بلْ هبَّ للْعَجوزِ مُنْتَصِرا
بِطَرْدِهِ الرّومانَ والْقَيْصَرا
ما أنْ أتَاهُ الْخَبَرُ الْمُحْزِنُ
حتى الْجُنودَ للْعِدى سَيَّرا
291
فَأيْنَ مَنّا الْيَوْمَ مُعْتِصِمُ
وَوضْعُنا الْيَوْمَ تُرى مُؤْلِمُ
مُعْتَصِمو الْيَوْمِ عبيدُ الْعدى
تَحْسِدُ إِذْلالَهُمُ الْغَنَمُ
292
يا لَعْنَةَ الرَّحْمنِ حلّي بِهمْ
وكُلِّ مَنْ سارَ على دَرْبِهمْ
تبًا لِعُصْبَةٍ بلا شَرَفِ
همْ وَجميعِ الرَّهْطِ مِنْ صُلْبِهمْ
293
يا ربُّ هلْ تُرْضيكَ أوْضاعُنا
أَلْمْ تَصِلْ إليْكَ أوْجاعُنا
بلى لَقدْ سِمِعْتَها إنَّما
النَّصْرُ متى يَرْجِعُ قَعْقاعُنا
294
أضْحَكْتَني يا زَمَنَ الذِّلَةِ
يا زَمَنًا يسْخَرُ مِنْ ملَّتي
لُعِنْتَ مِنْ عصْرٍ مُهينٍ لنا
وَلي أنا بالذّاتِ يا ويْلَتي
295
أنا الْكَريمُ الْحُرُّ والصّادِقُ
أنا الَّذي لِلْوَطَنِ الْعاشِقُ
أقْضي الْحَياةَ تائِهًا ضائِعًا
في حينِ مَنْ يَحْكُمُني مارِقُ
296
فَكُلُّ ما يَقولُهُ كَذِبُ
وَكُلُّ ما يفْعَلُهُ يُشْجَبُ
وَيدَّعي الْإسلامَ دينًا لَهُ
والْقَلْبُ واهٍ فارِغٌ خَرِبُ
297
أُقْسِمُ أنَّ الْغَرْبَ حُكامَهُمْ
إنْ وقَفَ الْعبيدُ قُدّامَهُمْ
يُفَضِّلونَ الْكَلْبَ رُؤْيَتَهُ
وَحَلْبَهُمْ بالطَّبْعِ أَغْنامَهُمْ
298
لولا حليبُهُمْ لَما انْطَلَقوا
لِحَلْبِهِمْ حتى وَما وافَقوا
على الْجُلوسِ معْ كُبوشٍ لَهِمْ
بالخِزْيِ والعارِ تُرى الْتَحَقوا
300
وَيَحْسَبونَ أنَّهُمْ سادَةُ
فَمِنْهُمُ الأميرُ والْعُمْدةُ
وَمِنْهُمُ الداعِرُ والْعاهِرُ
مِمَّنْ لَهُ في الْغَرْبِ أَرْصِدَةُ
د. أسامه مصاروه