الأحد، 16 نوفمبر 2025

مفارقات فلسفية حافات الوعي: الإنسان بين وهم الوجود وظلّ الفناء بقلم الكاتب أيمن أصلتُرك

 بقلم .Ayman Asıltürk 

مفارقات فلسفية 

حافات الوعي: الإنسان بين وهم الوجود وظلّ الفناء

مقدمة

عند حدود الوعي، حيث يتقاطع الإدراك مع العدم، يتشكّل الإنسان كمعادلة مفتوحة على احتمالات لا تنتهي. وفي المسافة الفاصلة بين حياته الداخلية ووجوده الخارجي، يظلّ معلّقًا بين حقيقة يحاول الوصول إليها ووهمٍ يلوذ به اتقاءً لصلابة الوجود. وهكذا يبدأ صراع الإنسان مع ذاته: من يكون حقًا، وما الذي يشكّله؟ وهل هو ما يظهر أم ما يخفى، أم ما يتوهم أنه عليه؟

النص

الإنسان، في جوهره الأول، معنى وصِفة لكل من يحمل العقل والهيئة البشرية. لكن الشكل وحده لا يكفي ليكون الإنسان إنسانًا؛ فهناك من يعيش مادّةً وروحًا، يترك أثرًا حسنًا في غيره، ويمنح الوجود قيمة إضافية. وفي المقابل، هناك من يختار بإرادته موضعًا سلبيًا بين البشر، كأنه لا يشعر بوجوده إلا عندما يترك أثرًا معكوسًا أو يُحدث اضطرابًا في توازن الآخرين.

وهناك فئة أخرى تمضي في الحياة دون أثر، تمرّ كعابري طريق؛ لا مبالاة، لا اهتمام، ولا حضور داخلي. حياتهم مجرّد دورة بيولوجية: أكل وشرب وشهوة، بلا بصمة ولا فكرة ولا رحلة تأمل.

وعلى النقيض، يأتي أولئك الذين يرون الحياة تجربة وجودية عميقة، يدخلون عالم البحث والقراءة والمُطالعة، يركضون خلف كل غامض، ويدققون في كل فكرة، لا لأن الحياة تُجبرهم، بل لأنهم يريدون أن يمنحوا ذواتهم صفة مختلفة، متطورة، تتجاوز الشكل لتصل إلى عمق العقل والروح.

أما الوهم، فهو ظلّ ملازم لكل البشر. بعضهم يحتضنه ويقبله، ليس ضعفًا، بل انسجامًا مع ما يريدونه من ذواتهم. وآخرون يجعلون الوهم تجربة عابرة تشبه أي فعل نقوم به دون تفكير. لكن الوهم يبقى قوة خفية، يتسلل إلى العقل، ويُعيد تشكيل الإنسان كما لو أنه يبني ذاته من دخان. فإذا نُزعت عن الإنسان القيود الدخيلة، لانكشفت حقيقته: قلب، وعقل، وأخلاق. ولكن الكمال ليس من نصيب البشر، ولذلك يبقى الإنسان معلّقًا بين نقصه ورغبته في أن يكون كاملًا.

خاتمة

يبقى الإنسان، في كل محاولاته للهروب من ذاته أو الاقتراب منها، كائنًا يخطو فوق خيط رفيع بين وهم يصنعه وموت ينتظره. وبين البداية والنهاية، يُعيد تعريف نفسه آلاف المرات، باحثًا عن معنى يختبئ خلف كل فكرة، وكل خوف، وكل حلم. وفي النهاية، لا شيء يرافق الإنسان أكثر من مفارقته: أنه يحيا بوهم، ويموت بحقيقة، ويتأرجح بينهما على حافة الوعي.

 ملاحظة هامة

 كتاباتي وجهة نظر خاصة بأسلوب فلسفي لا غير ..  

"وفي النهاية، كل إنسان جزء من هذا الوجود، والله الواحد، الأول والآخر، يمنح لحياته معنى."

وانا لله وانا اليه راجعون

بقلم الأديب والشاعر Ayman Asıltürk. 

15/11/2025.  .أيمن أصلتُرك


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق