أَمَلٌ فِي ثَغْرِ المِيلَادِ
---
عَانِقْ وُرُودَ الفَجْرِ مُؤْتَلِقًا،
وَاشْرَبْ رَحِيقَ العُمْرِ مِنْ ثَغْرِ الصَّبَاحِ.
ضَوْءُ النَهَارِ اصْطَفَاكَ،
وَاللَّيْلُ غَادَرَ مُذْ رَآكَ،
مُسْتَسْلِمًا،
فِي كُمِّهِ لَفَّ الجِرَاحْ.
فَاكْتُبْ —
بِنُورِ الضَّوْءِ — مَلْحَمَةَ الخَلَاصْ،
وَاسْكُبْ شُعَاعَ الشَّمْسِ
فِي طَلْعِ الأَقَاحْ.
إِنِّي أَرَاكَ اليَوْمَ مُخْضَرًّا،
وَأَرَى البِلَادَ بِكَ تَهِيمُ،
مَفْتُونًا بِأَعْرَاسِ الحَصَادْ،
مَسْكُونًا بِآيَاتِ اليَقِينْ.
فَاشْرَحْ نَشِيدَكَ لِلرِّيَاحْ،
وَاقْرَأْ قَصِيدَكَ — كَيْ يَفُوحَ اليَاسَمِينْ.
لَمْلِمْ دُمُوعَكَ فِي الغُيُومْ،
فَالنَّبْعُ جَفَّ،
وَالأَرْضُ حُبْلَى،
فَمَتَى سَتُمْطِرُ؟
كَيْ يَحِينَ مَخَاضُنَا،
كَيْ يُولَدَ الطِّفْلُ الَّذِي
مِنْ نَسْلِهِ نَحْنُ نَكُونْ.
لَا تَكْتَرِثْ —
تِلْكَ خِرَافُ الأَمْسِ،
أَرْهَقَهَا التَّطَلُّعُ لِلطُّلُولْ،
مَاضِيهَا حَاضِرُهَا،
وَوِجْهَتُهَا الأُفُولْ.
وَقِنَاعُ،
مَنْ مَنَحُوا الغَرِيبَ، وُجُوهَهُمْ!
سَهْمٌ يَشُقُّ الصَدْرَ!
أَطْلَقَهُ الغَرِيبْ!
لَا تَكْتَرِثْ —
مَا مَرَّ عَصْرٌ
دُونَ أَقْنَانٍ، عَبِيدْ،
لَقِّنْ، إِذَنْ،
لَقِنْ، حُرُوفَ الأَبْجَدِيَّةِ وَالكِفَاحْ،
هَذَا الَّذِي، مِنْ نَسْلِهِ،
سَيَكُونُ إِشْرَاقُ الصَّبَاحْ.
فَغَدٌ سَيُولَدُ مِنْ جَدِيدْ،
وَغَدًا يُوَحِّدُنَا مَعًا،
فِي حِضْنِهِ الوَطَنُ — القَصِيدْ.
---
بقلم سلَيْمَان بن تمَلِّيسْت
جَرْبَة، 30 أُوتْ 1996
الجمهوريّة التونسيّة
(من الأرشيف)

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق