السبت، 25 مارس 2023

مقالات في رمضان ــــــــ عَبدِ الكَرِيمِ احمد الزيدي


 مقالات في رمضان

الدعاء في الدين :
…………………………
الدعاء هي عبادة تقوم على سؤال العبد ربَّه والطلب منه ، وهي من افضل العبادات التي يحبها الله خالصة لوجهه الكريم ولا يجوز ان يصرفها العبد الى غيره ، وجاء في الحديث ان الدعاء مخ العبادة ، قال تعالى " ربنا تقبل دعاء" .
وقبل ان ندخل في هذه العبادة التي يلتبس على البعض تعريفها ، فأنه لابد ان نتعرض لمعنى الدعاء لغويا وهو ان يمثل الشيء اليك بصوت وكلام يكون منك ، فيما اخذ معنى الدعاء في كتاب الله العزيز وجوها عدة منها :
١- النداء : فيقال دعوت فلانا اي ناديته وصحت به ، قال تعالى " فقل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم ".
٢- الطلب : فيقال دعا فلانا اي طلبه ، قال تعالى " وإن تدع مثقلة حملها" اي تطلب ان يحمل عنها .
٣- القول: بمعنى جاء ، قال تعالى " فما كان دعواهم اذ جاءهم بأسنا " اي قولهم اذ جاءهم العذاب .
٤- العبادة : قال تعالى " لن ندعوا من دونه الهاً " اي لن نعبد من دونه الهاً .
٥- الأستعانة : كقوله تعالى " وادعوا شهداءكم من دون الله " اي استعينوا واستغيثوا بهم .
٦- الحث على الشيء : قال تعالى " رب اني دعوت قومي ليلا ونهارا " اي حثثتهم على عبادة الله سبحانه وتعالى .
٧- النسبة : قال تعالى " ادعوهم لآبائهم هو اقسط " اي انسبوهم واعزوهم .
٨- السؤال : قال تعالى " قال ادع لنا ربك " اي سله .
فالدعاء في الدين بمعنى ابتهلت الى الله بالسؤال ورغبت فيما عنده من الخير ، وفي القرآن يأتي بلفظ ومعنى ( الاستعانة والاستغاثة ) .
والدعاء في العادة يبدأ بحمد الله والثناء عليه ثم الصلاة على النبي التي تختم بذلك ، ويتطلب الدعاء الى الله سبحانه وتعالى تذللا وخشوعا في القلب مقرونا بالايمان واليقين في الاجابة وتعلقا بالالحاح في السؤال وعدم العجلة وان يكون هذا كله في الحالتين الشدة والرخاء ، وفيه لا يسأل الا الله وحده مشفوعا بالاعتراف بالذنوب والاقرار بها والاستغفار منها والاعتراف بالنعمة والشكر عليها ، ويفضل استقبال القبلة والتوسل الى الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى وكذلك بعمل صالح فعله الداعي نفسه يرجو منه قبولا أو بدعاء رجل صالح له .
ولربما يغفل الناس عن فضل هذه العبادة العظيمة وترى البعض لا يلجأ الى الله الا في الشدائد
والمصائب والمرض وما يلم بالحوادث والضيق ، ولك الامر بها انما هي واجبة في الرخاء والنعمة على السواء وطريقا للحمد والشكر لله سبحانه على ما أنعم به على الناس وهي طلب للعبد من ربه في مسائل الدنيا والاخرة والتجلي باظهار العبد الفقر لله والحاجة اليه والبراءة من حول البشر وقوته ، وكان عليه الصلاة والسلام يأمر بها ويديم عليها ويذكر فضلها كما جاء في سيرته العطرة واحاديثه الشريفة ولعل افضل الدعاء حين يدعو العبد ربه بأسمه الاعظم الذي اذا دعي به اجاب ، وفي حديث ان رسول الله صل الله عليه وسلم سمع رجلا يقول ( اللهم اني اسألك بأني اشهد انك انت الله لا اله الا انت الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد ) فقال عليه الصلاة والسلام " لقد سأل الله بالأسم الذي اذا سئل به اعطي واذا دعي به اجاب ) ، وجاء في السيرة ايضا حديثه عليه الصلاة واتم التسليم ( اسم الله الاعظم في هاتين الآيتين : " وألهكم اله واحد لا اله الا هو الرحمن الرحيم " وفاتحة آل عمران " ألم ، الله لا اله الا هو الحي القيوم " ) وصدق رسول الله .
ولكي لا يفوتني في هذا المقال قول الله سبحانه وتعالى " واذا سألك عبادي عني فأني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان ، فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون " وهذه الاية الكريمة جاءت في وسط آيات الصيام فبعدها حديث عن الصيام وقبلها حديث عن الصوم وهذا يدل بعلم الله ان الدعاء في رمضان له مزية مع الصيام ، وذلك قول النبي صل الله عليه وسلم " للصائم دعوة مستجابة " والدعوة هنا نكرة في سياق الاثبات ، ولغويا فأن النكرة في سياق الاثبات بمعنى المطلق ، وبالرجوع الى الاية الكريمة فان العبودية صفة اهل الايمان واهل الاستجابة والطاعة فأضافهم الله سبحانه وتعالى اليه فقال " عبادي" وهي تشريف وخصوصية لهم ، وزاد هذه الاية الكريمة بأجابة سؤال العبد والله سبحانه وتعالى يقول له اني قريب اسمع الدعوة بقرب خاص ومباشر لا تحتاج يا عبدي الا ان ترفع يدك الى السماء فأجيبك بما دعوت دون واسطة او وسيلة ، فأني قريب ممن اطاعني وعمل بما امرته به ، اجيبه بالثواب على طاعته اياي اذا اطاعني ، والدعاء له احوال وأوقات يستجاب بها كالصوم ، واوقات السحر وبين الاذان والاقامة .
ومِن جميل حسن الدعاء ان يشتمل به المؤمنين عامة ومن سبق بالايمان الاحياء منهم والاموات ويخص فيه الوالدين والصالحين وعباد الله المتقين ، ويضاف فيه الدعوة للمظلومين والمستضعفين من الناس ، والدعاء بالهداية وحسن الايمان للأبناء ومن هم بحاجة لتوفيق الله وتأييده .
وقبل ان اختم حديثي هذا ، فأن الدعاء طلب وسؤال بين العبد وربه لايحتاج الى صيغة او قول
محدد ، وللعبد ان يسأل ربه بما يشاء ويتقرب اليه بما يحب من الطرائق والهدي وكل حسب قدراته وفكره وثقافته وعلمه وبيئته ، وقد جاء في الحديث الشريف عن ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صل الله عليه وسلم علمها هذا الدعاء " اللهم اني اسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم اعلم واعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم اعلم ، اللهم اني اسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك واعوذ بك من شر ما عاذ به عبدك ونبيك ، اللهم اني اسألك الجنة وما قرب اليها من قول او عمل واعوذ بك من النار وما قرب اليها من قول او عمل ، واسألك ان تجعل كل قضاء قضيته لي خيرا " . اقول قولي واستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين ، تقبل الله دعائكم .
……………………………………………………………..
عَبدِ الكَرِيمِ احمد الزيدي
العراق / بَغداد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق