كان أبي يخشي علينا الموت..ذلك الخوف الذي يمنع من الحياة..وقد كنت أحب أبي ..وأكره الموت ...تماما..مثله..وأجفل من ذكر اسمه...ليس كما يجفل منه سائر الناس..وإنما... بفارق بضع درجات أخرى..أو يزيد..ولكن ...
فيما بعد... علمت أنه لم يكون خوفا من الموت..بل كان خوفا من الحياة...أن نتيه فى الزحام...ألا نستطيع مجابهتها...لذا فالأحرى أن نتجنبها..هكذا ارتأى..
بعد أن صدمته الحياة...فلم يملك..حيالها دفاعا..خلا العزلة...فطوقنا..بسياجها...بمعنى ألا نحادث أحدا أو يحادثنا أحد..فمن الأفضل..حسبما تراءى له...أن نكون ...على أطراف الحياة..كى لا نتألم كثيرا..
ولقد التزمت منهج أبي فى الحياة..وظللت أراقب الحياة..ولا أحياها..مخافة أن أتألم..
لكنى أدركت أخيرا...بعدما مضي قطار العمر...أننى أخطأت وأبي...من قال أن تجنب الألم ..يعنى...اعتزال الحياة...قد كان بالحياة مسرات كثيرة.. لكنى..قتلت مشاعر الفرح..مخافة مرارة التعلق وألم الفقد..
إن الحياة...كما الأمواج...مد وجزر .. تلاقى وفراق..منح ومنع...لكننى...لم أعمل عقلى ولو ذرة واحدة..وفرحت بسياجى..وظننته برجا عاجيا..لكننى لم أنتبه يوما إلى أنه لا أحد استطاع الصعود...وأننى كنت فى عزلتى..أشبه بملكة..بلا وطن...ما أفعل؟!
مضي قطار العمر...أألوم أبي؟!...معاذ الله..لا يجدى نفعا...فلترقد روحه بسلام...وليمنن الله عليا بالسلام!
****ا****
صورة وحكاية
ولاء الدسوقى

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق