الجمعة، 21 نوفمبر 2025

سنوات العمر بقلم الكاتبة هادية آمنة تونس

 سنوات العمر

كان الناس من حولها يحسبون العمر كما تُحصى  مع التقويم الزمني . 

لكن هي تؤمن بنبض الخلايا ، تؤمن أنّ الرقم لا يقول الحقيقة، وأنّ السنون لا تُقاس بما مرّ منها، بل بما بقي في الجسد من قدرة على التجدّد. كانت قد قرأت عن العلماء الذين يفحصون الخلايا ليعرفوا “العمر البيولوجي”، ذاك العمر الذي يكشفه التيلومير حين يقصر تحت وطأة التدخين والسهر والهمّ. وربما لهذا كانت ترى بعض الشباب يشيخون قبل وقتهم، بينما تمتد في وجوه آخرين نضارة تُكذّب أعمارهم.


أمّا هي، فقد تربّت في حضن وعيٍ مبكّر؛ عرفت أنّ الجسد أمانة، وأنّ العقل إذا صفا صفت معه الملامح. لم تكن تركض خلف الزمن، بل كانت تسير معه بخطى ثابتة، وكأنّ بينهما عهداً خفيّاً على الرفق.

ذلك النضج الذي اكتسبته من تجارب الحياة، من انكسارات صغيرة وانتصارات لم يصفّق لها أحد، منحها حضوراً لا يستطيع الرجال تجاهله. شيء يشبه السحر الهادئ، لا يُرى بالعين، لكن يُشعَر به في النظرة الأولى.

كانت تعرف أنّ الجاذبية ليست في  الملامح فقط، بل في اكتمال الوصفة: عقلٌ يعرف ما يريد، وجسدٌ يحسن الإصغاء لصاحبه، وتجربةٌ تنضج مثل ثمر في شمس طويلة.


وهكذا كانت، كلما مشت، تترك خلفها سؤالاً خفيا 

هادية آمنة تونس



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق