الأربعاء، 5 نوفمبر 2025

العرب ومآسي فلسطين والسّودان بقلم الكاتب رشدي الخميري/ جندوبة/ تونس

 العرب ومآسي فلسطين والسّودان

تطرّقنا في نصّ سابق إلى دور الصّهيونيّة والعنصريّة في مأساة الدّول العربيّة، وخاصّة ما تعيشه فلسطين والسّودان من معاناة متواصلة تحت وطأة الوحشيّة الإمبرياليّة، الّتي ما فتئت تستنزف الطّاقات والموارد البشريّة والماديّة في هذين البلدين بوجه خاص.

ولسائل أن يسأل: هل لبعض الدّول العربيّة يد في هذه المأساة الإنسانيّة؟

والإجابة – للأسف – هي نعم. فبعض الدّول العربيّة لا يهمّها سوى مصالحها الضّيّقة قبل أيّ مسعى وطنيّ أو إنسانيّ، ولها يد مباشرة أو غير مباشرة في تعميق هذه الأزمات.

لكن كيف ذلك، ونحن لا نكاد نسمع سوى تصريحات عن "تدخّلات عربيّة" لحلّ هذه الوضعيّات الكارثيّة؟

الواقع يظهر أنّ أغلب الدّول العربيّة منغلقة على حدودها الوهميّة، تظنّ أنّها بمنأى عن الأخطار الّتي تعصف بفلسطين والسّودان وسوريا واليمن وليبيا وغيرها، وهذا الهروب هو تدخّل ومساهمة غير مباشرة . أمّا البعض الآخر، فقد أوهم النّاس بأنّه يتدخّل – مثلا في السّودان – من أجل فضّ النّزاع القائم بين طرفي الأزمة، بينما دوافعه الحقيقيّة سياسيّة واقتصاديّة بحتة.

فدول الجوار، وإن أبدت حرصها على "استقرار المنطقة"، كانت تخشى في العمق امتداد النّزاع إلى حدودها أو إلى البحر الأحمر، فسعت إلى دعم أحد الأطراف ماديّا ولوجستيّا، لتأمين مصالحها الاستراتيجيّة. كما شاركت دول أخرى في تمويل أحد الجانبين، ظاهريّا باسم الوساطة والسّلام، وباطنيّا حفاظا على مصالحها المتعلّقة بالزّراعة والذّهب والنّفط والموارد الطّبيعيّة.

وهكذا تحوّلت القضيّة السّودانيّة – كما الفلسطينيّة – إلى ساحة صراع نفوذ عربيّ وإقليميّ، تدار فيها المآسي بدم بارد وتغذّي فيها الحرب من حسابات ضيّقة لا علاقة لها بالإنسانيّة ولا بالأخوّة العربيّة الّتي طالما تغنّينا بها.

فلتنهض الأمّة العربيّة من سباتها، ولتدرك أنّ النّجاة لا تكون بالتفرّق ولا بالحياد، بل بالموقف الصّادق والفعل الجماعيّ.

إنّ التّاريخ لن يرحم المتفرّجين، ولن يغفر لمن جعل من المآسي العربيّة مجالا للرّبح والنّفوذ.

فلنعد إلى الكلمة معناها، وإلى العروبة جوهرها الإنسانيّ الأصيل، قبل أن تطوى  آخر صفحة ثمّ نندم بعد أن فات الأوان.

رشدي الخميري/ جندوبة/ تونس


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق