"تراتيلُ الغياب"
تَعَالَتْ رِيَاحُ الذِّكْرِ فِي أُفُقِ الْمُنَى
تُفَتِّشُ عَنْ وَجْهٍ تَبَدَّدَ نَائِيَا
تَخَالُ لَهَا أَنَّ المَسَاءَ مُجَاوِبٌ
فَتَرْسُمُ مِنْ صَدَاهُ طَيْفًا خَافِيَا
سَكَنْتُ لِحُزْنِي، وَالطُّرُوقُ مُوَارَبٌ
وَيَسْكُنُنِي صَوْتُ الرَّحِيلِ نِدَائِيَا
تَهَاوَتْ نُجُومُ الحُلْمِ حَوْلَ مَسَامِعِي
فَأَوْقَظَتِ الصَّخْرَ الْقَدِيمَ شَكَايَا
أُرَاجِعُ مِرْآةَ الزَّمَانِ، فَيَنْعَكِسُ
عَلَيَّ سُؤَالٌ: مَنْ أَنَا؟ وَأَيَايَا؟
أَيَا طَيْرَ وَجْدٍ، كَيْفَ غَادَرْتَ عُشَّهُ
وَتَرَكْتَ فِي رِيشِ الحَنِينِ بَقَايَا؟
تَفَرَّقَ نَبْضِي فِي الدُّرُوبِ كَأَنَّهُ
يَجُوسُ وِعَاءَ الوَقْتِ يَسْتَجْدِيَايَا
أُحَدِّثُ صُبْحِي عَنْ مَسَاءِ غِيَابِهِ
فَيَصْمُتُ، كَالْغَيْمِ الثَّقِيلِ بُكَايَا
فَإِنْ عَادَتِ الأَيَّامُ يَوْمًا نَاعِمًا
سَأَحْمِلُ فِي كَفِّي وُعُودَ المَسَايَا
وَأَكْتُبُ فِي لَيْلِي: سَأَبْقَى، وَإِنَّنِي
إِذَا مَا مَضَى كُلٌّ، بَقِيتُ هُنَايَا
وَيَبْقَى عَلَى أَبْوَابِ صَمْتِي نَافِذٌ
يُرَتِّلُ فِيهِ الحُلْمُ بُعْدَ اللِّقَايَا
فَإِنْ مَاتَ فِي صَدْرِي الحَنِينُ تَوَهُّجًا
سَيُوقِظُهُ فِي القَبْرِ نَبْضُ دُعَايَا
وَيَا دَارَ مَنْ أَهْوَى، إِذَا مَرَّ زَائِرٌ
فَقُولِي لَهُ: كَانَ الهَوَى هُنَايَا.
زيان معيلبي (أبو أيوب الزياني)الجزائر

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق