الثلاثاء، 4 نوفمبر 2025

سَنام القرآن . بقلم . د / عزام عبد الحميد أبو زيد فرحات .

 سَنام القرآن .


سَنام الجمل هو الجُزء البارز في أعلي ظهر الجمل أي أنه أعلي شيء في جِسم الجمل ، سُورة البقرة هي كالسَنام بالنسبة لباقي سُور القرآن أي أن سورة البقرة هي أعلي سُور القرآن في المنزلة والمكانة والفضل عند الله عز وجل .


كُل آية من آيات سُورة البقرة نزلت على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعها ثمانون مَلك يُرافقونها ؛ وذلك لعٓظم مكانه هذه السورة عند الله عز وجل ، روى الإمام أحمد في مُسنده من حديث مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ : ( الْبَقَرَةُ سَنَامُ الْقُرْآنِ وَذُرْوَتُهُ. نَزَلَ مَعَ كُلِّ آيَةٍ مِنْهَا ثَمَانُونَ مَلَكًا وَاسْتُخْرِجَتْ اللَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ فَوُصِلَتْ بِهَا أَوْ فَوُصِلَتْ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَيس قَلْبُ الْقُرْآنِ لَا يَقْرَؤُهَا رَجُلٌ يُرِيدُ اللَّهَ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ إِلَّا غُفِرَ لَهُ وَاقْرَءُوهَا عَلَى مَوْتَاكُمْ ).


أخبرنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بفضائل سورة البقرة ، ومن فضائلها العظيمة أنها إذا قُرئت في بيت هَرب منه الشيطان ، وأوصي الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بقراءة القرآن في البيت وألا نجعل البيت مَهجوراً كالقبر ، فالقبر لا يُقرأ بداخله القرآن فهو محل لجمع الموتى الذين يُحاسبون على أعمالهم ولا يتعبدون فالعبادة كانت قبل الموت ، روى الإمام مسلم في صحيحه وأحمد والترمذي من حديث أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَال ( لاَ تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِر، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِن الْبيْتِ الَّذي تُقْرأُ فِيهِ سُورةُ الْبقَرةِ  ).


البيت الذي يُقرأ فيه سورة البقرة لا يستطيع الْبَطَلَةُ إيذاء أهله ، والبطلة هم السحرة ، فقراءة سورة البقرة تمنع أذي السحرة بإذن الله تعالى .

الذي يقرأ سورة البقرة ويعمل بالأحكام الشرعية المُستنبطة منها ، تأتي سورة البقرة يوم القيامة في صورة غَمامة أو غَياية أي ظِل تُظلل صاحبها أو تأتي في صورة فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ أي مجموعتان من الطيور ذات الأجنحة تُظلل صاحبها في أرض يوم القيامة ، وهذا من باب الكرامة للعامل بأحكامها ، روى الإمام أحمد من حديث عبداللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ تَعَلَّمُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ ولا يستطيعها الْبَطَلَةُ قَالَ: ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ تَعَلَّمُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَآلَ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا الزَّهْرَاوَانِ يُظِلَّانِ صَاحِبَهُمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ غَيَايَتَانِ أَوْ فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ وَإِنَّ الْقُرْآنَ يَلْقَى صَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَنْشَقُّ عَنْهُ قَبْرُهُ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ فَيَقُولُ لَهُ: هَلْ تَعْرِفُنِي؟ فَيَقُولُ: مَا أَعْرِفُكَ فَيَقُولُ: أَنَا صَاحِبُكَ الْقُرْآنُ الَّذِي أَظْمَأْتُكَ فِي الْهَوَاجِرِ وَأَسْهَرْتُ لَيْلَكَ ).


من قرأ سورة البقرة في الليل أو في النهار فهي تحفظ البيت وأهله من السحرة والشياطين ثلاثة أيام بلياليهن ، لذا يُستحب قراءتها ليلاً بعد كل ثلاث ليال أو نهاراً بعد كل ثلاثة أيام ، روى الإمام الطبراني وابن حبان في صحيحه من حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : ( إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سَنَامًا وإن سنام القرآن البقرة وإن مَنْ قَرَأَهَا فِي بَيْتِهِ لَيْلَةً لَمْ يَدْخُلْهُ الشَّيْطَانُ ثَلَاثَ لَيَالٍ وَمَنْ قَرَأَهَا فِي بَيْتِهِ نَهَارًا لَمْ يَدْخُلْهُ الشَّيْطَانُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ). 


ومن عظيم فضل الله على عِباده أن من قرأ آخر آيتين من سورة البقرة في كل ليلة كفتاه كل سُوء بإذن الله تعالى ، روى الإمام البخاري ومسلم من حديث أَبي مسعودٍ البدْرِيِّ رضي الله عنه عن النبيِّ ﷺ قَالَ: ( منْ قَرَأَ بالآيتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورةِ البقَرةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ ).

قال الإمام النووي رحمه الله: اختلف العلماء في معنى "كفتاهُ" فقيل: كفتاه من الآفات في كل ليلته، وقيل: كفتاه من قيام ليلته. 


ومن عظيم فضل الله على عباده أن من قرأ آية الكُرسي بعد كل صلاة دخل الجنة أي إذا مات المسلم بعد أداء فريضة الظهر مثلاً وقد قرأ بعد صلاة الظهر آية الكرسي دخل الجنة بإذن الله ، روى الإمام النسائي في السنن الكبرى وابن حبان في صحيحه من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مَن قرأَ آيةَ الكُرسيِّ دبُرَ كلِّ صلاةٍ مَكْتوبةٍ ، لم يمنَعهُ مِن دخولِ الجنَّةِ ، إلَّا الموتُ ).


اللهم ارزقنا حفظ وفهم القرآن الكريم والعمل به ما أحييتنا وارزقنا كل خير في الدنيا والآخرة وجنبنا كل سوء في الدنيا والآخرة برحمتك يا أرحم الراحمين .

بقلم . د / عزام عبد الحميد أبو زيد فرحات .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق