الأحد، 31 أغسطس 2025

"صخَبُ الغِيَابُ" بقلم الكاتبة فاطمة بنعمار/ تونس

 "صخَبُ الغِيَابُ"

قَالَ:

أيُّ الكواكِبِ قد تَساقطَ في يَدَيْكْ؟

أيُّ النُّجومِ تَسَلَّلَتْ لِتُقِيمَ فِي أَحْدَاقِ عَيْنَيْكْ؟

أَأَنتِ جَمْرَةُ غَابَةٍ

تَخْفَى وَتَشْتَعِلُ الخُطَى فِي كَفِّ ضَبَابٍ؟

أَمْ أَنْتِ وَمْضُ بَرَاقِعٍ

تَتَفَجَّرُ الأَبْوَابُ عِنْدَ بَهَاءِ مَوْجِكِ؟

هَلْ شَدَدْتِ جِبَالَ هَذَا العَالَمِ العَاتِي عَلَى قَامَاتِ خَصْرِكْ؟

أَمْ نَهْبْتِ مِنْ غَيْمِ الصَّبَاحِ

رِيَاحَ أَسْرَارٍ وَنَشْوَاتِ المَسَافَاتِ؟


قَالَتْ:

يَا رَاحِلاً فِي غَابَةِ الأَزْمَانِ...

أَنَا صَخَبُ الغِيَابِ، أَنَا هُتَافُ الرِّيحِ،

أَنَا أَنْثَى تَسْكُنُ الأَقْمَارُ جَبْهَتَهَا،

وَفِي كَفَّيَّ تَسْكُنُ أَنْهُرٌ تَحْتَ الرِّمَالِ،

أَنَا سَيِّدَةُ المَوْجِ الطَرِيِّ،

وَنَبْضُ صَهِيلٍ يَرْكُضُ الأَحْلاَمَ فِي صَدْرِي،

فَكَيْفَ تَسْأَلُ عَنِّي

وَأَنَا فِي كُلِّ دَهْشَةٍ جَوَابُ؟


قَالَ:

أيُّ السُّيُوفِ نَحَتْكِ مِنْ مَرْمَرْ؟

أيُّ الإِلَهَاتِ الفَرِيدَاتِ البَدِيعَاتِ ارْتَقَيْنَ

لِيَصْنَعُوكِ عَلَى مِقَاسِ النُّورِ؟

أَأَنتِ أُنْثَى كَامِلَةٌ،

أَمْ أَنْفَاسُ أُسْطُورٍ يُحَلِّقُ فِي دَمِي حَتَّى يَبُوحْ؟

سُبْحَانَ مَنْ جَعَلَ الجَمَالَ لَهُ جَنَاحَيْنِ فِي جَسَدِكْ،

فَسَكَنْتِ نَصًّا يَكْتُبُ الأَشْوَاقَ فِي عَيْنَيَّ وَيَنْفَجِرُ النُّشُورْ!


قَالَت:

يَا صَاحِبَ الكَلِمَاتِ...

إِنِّي لَسْتُ أُحْجِيَةً تُفَكُّ بِحَرْفِ أَشْعَارٍ،

أَنَا جَمْرَةٌ فِي بَاطِنِ الأَرْضِ،

أَنَا نَارُ أَسْرَارٍ وَأَنْفَاسُ السَّرَابِ،

مَنْ يَلْمَسِ الجَمْرَاتِ يَحْتَرِقُ،

وَمَنْ يُحِبُّنِي... يَضِلُّ فِي دِيَاجِيرِ الجُنُونْ!

فَامْضِ إِنْ شِئْتَ...

فَإِنِّي أُسْطُورَةٌ أَبَتْ أَنْ تَكْتَمِلْ!"


فاطمة بنعمار/ تونس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق