الاثنين، 25 أغسطس 2025

ليس لدي اسم هنا بقلم الشاعر زكريا شيخ أحمد

 في هذا النصّ المُدهش والمُركب 

للصديق الشاعر زكريا شيخ أحمد Zakaria Sheikh Ahmad 

تتكاثر الصور كالمرايا، وتتشابك الهواجس مع الرؤى في نسيج من الحزن الشفيف. كلماته نظرةٌ حزينة إلى الوراء، وإطلالة يائسة على القادم، لكنها في كل ذلك تمنح الشعر صدقه النادر: 

أن يقول، ما كان يرغب كلّ واحد منّا أن يقوله، وأن يوقظ فينا ما حسبناه قد خمد وذوى منذ زمن بعيد؛

هنا، يكتب الشاعر لا ليمضي بنا إلى اليأس، بل ليكشف لنا عن معنى الجمال والقُبح في آن واحدة، حيث تتوارى الآمال في ظلّ الكلمات وتسطع الحقيقة عارية. 

حيّاك الله صديقيَ المائز والمميز

لا أحزنَ الله لك قلبا ولا أبكى لك عينا. 

رجاء٠لا تبكي فتُبكينا. 

نحبك برشا برشا 

يا صديقا مُقرّبا إلى قلبي، لم ألتقيه يوما.

                              * تمهيد : بقلم محمد الناصر شيخاوي   

⤵️

ليس لدي اسم هنا


في هذا المكان…

لا أعرف اسمي.

فقط صدى ما يقال لي منذ الطفولة:

اصبر… كل شيء سيكون بخير.

و لم يكن.


جسدي يشبه بيتاً قديماً 

سُرقت منه الأبواب.

كل شيء يدخل.

كل شيء يرحل.

و لا شيء يستأذن.


قلبي الآن

أشبه بكيس بلاستيكي فارغ

تعبث به الريح

و لا أحد يتوقّف ليسأل

ما كان فيه.


في الليل…

حين لا أحد يشاهدني

أضمّ نفسي.

ليس لأنني بردان

و لكن لأنني الوحيد الذي بقي لي.


كل الأشياء التي أحببتها

تحوّلت إلى رماد حتى الأغاني.

صرت أسمعها كأنها تمشي فوق جثّة ذاكرتي.


منذ زمن طويل…

لم يربت أحد على رأسي

و قال لي: أنت لا بأس بك.

كل العبارات كانت تبدأ بـ "لكن".


أنا أتحدّث مع الله

كأنني أعتذر له عن خلقي.

كأنني أقول:

أعرف أنك مشغول بمن هم أكثر جدارة

سأتدبّر أمري… فقط لا تسحب الأوكسجين فجأة أتوسل إليك .


أصغي كثيراً …ليس للناس

و لكن لصوتٍ في صدري يعدّ انفاسه

و يقول:

لم يتبقَّ الكثير.


أشياء كثيرةٌ

لم أعد أستطيع قولها:

أشتاق، أتألّم، أحتاج…

لأن كل من قلتها لهم إما ماتوا

أو لم يصدقوني.


أتمنى أحياناً

أن أغلق عينيّ

و أستيقظ في مكانٍ لا يعرفني،

مكانٍ لا يجبرني على التماسك

و لا يشبه المرآة في شيء.


كل نص أكتبه الآن هو وداع

حتى لو بدأ بتحية.

وداعٌ لمن كنت …لمن لن أكون

و لمن لم يعرف أبداً

أنني كنت أحترق بصمت.


أنا لا أبحث عن ضوء.

فقط أريد

أن أجد جملة واحدة

حين أقرأها…أشعر أنني موجود 

موجود و لو للحظة.


هل تعرف ما يعنيه

أن تنظر إلى صورتك القديمة

و لا تشعر بشيء؟

لا حنين، لا ألم، لا رغبة بالعودة.

فقط خواءٌ محايد

كأنك ترى شخصاً

لم تعد مسؤولًا عنه.


أكتب الآن

و أنا أشكّ أن أحداً سيقرأ.

و أشكّ أكثر أن أحداً سيفهم.

لكنني أكتب…

لأن ثمة شيئاً في داخلي

لو بقي صامتاً أكثر…

سينفجر.


ليس لدي خاتمة.

هذا ليس نصاً له نهاية.

هذا أنا

و أنفاسي الأخيرة في اللغة

أقولها… لا لأعيش و لكن لأُقال أخيراً :

لقد كان هنا.

                              زكريا شيخ أحمد



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق