همسات الزمن
حين يتسلل الماضي إلى حاضرنا، لا كزائر عابر، بل كمالك متسلط، نبدأ بفقدان ملامح اللحظة، ونرتجف أمام غموض الآتي.
في دوامة الزمن، حيث تتداخل الخطى بين الأمس والغد، نحتاج إلى سكون، إلى سبات يوقظ فينا حكمة الشيخوخة، وصفاء البصيرة، ونقاء الإدراك.
أشتاق إلى حفنة تراب، أضمها بين راحتيّ، لأستنشق عبق الأرض الأولى، حيث لا كذب ولا زيف.
أشتاق إلى زهرة أقحوان على حافة الطريق، بيضاء كالسلام، صامتة كالحقيقة، تنظر إليّ دون أن تطلب شيئًا.
أشتاق إلى نسيم الصباح، يلامس جلدي كأنما يهمس لي: “أنت حيّ، فلا تنسَ أن تحيا.”
أريد أن أركض في مرج أخضر، كطفل لم يتعلم الخوف بعد، أن أرفع رأسي نحو السماء، وأرى زرقتها بعين البراءة التي لم تفقد دهشتها.
أريد أن أُحمل على جناح شمس مشرقة، لا لتُحرقني، بل لتضيء ما تبقى من ظلالي.
أريد أن أصرخ بالحقيقة، تلك التي تخنقني كلما غمرتني أمواج الزيف، أن أُطلقها في وجه العالم، لا لتُرضي أحدًا، بل لتُحررني.
أريد أن أتحرر من كوابيس الأمس، لا لأنساها، بل لأحلم من جديد، على طرقات المستقبل، بخطى أكثر خفة، وأمل أكثر صدقًا.
إبراهيم العمر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق