يقوم الكثيرون بنشر أمور معينة يعتقدون بأنهم يطرحون فيها إشكالات أو مسائل تستدعي حلا ومناقشة، والحقيقة أن الذي لديه علم بكُنه تلك الأمور سيلاحظ ببساطة تامة أنها لا تخرج من دائرة (الصراعات الوهمية) التي تتغذى من (الهوس الإيديولوجي)، كاستيراد مشاكل سياسية ودينية وإيديولوجية لدول وشعوب أخرى ثم الغرق فيها وكأنها مشاكل وطنية، بل والوصول إلى تقاذف التهم والشتائم بين المتناقشين حولها وكأنهم فاعلون رسميون في تلك القضايا!
وأحيانا يستوردون مسائل من العصور الوسطى الظلامية في أوروبا ويطرحونها كأنها مسائل مستجدة في وقت طارت فيه الشعوب المتقدمة إلى آفاق عليا من التطور، بينما يقوم المرضى عندنا بتغليف هذه (الصراعات الوهمية) بعدة أسماء مصطنعة لإضفاء ما يشبه (الشرعية) عليها: كتصحيح التاريخ، كنشر الوعي والتنوير، كمحاولة فهم الواقع، كالتصالح مع الذات، كالبحث العلمي، وغير ذلك من الأسماء والشعارات التي لو كانت في مجال الدراسة الحقيقية الخالية من الانحياز والتعصب الإيديولوجي وتمتاز بالإنصاف وإيجاد الحلول الناجعة لكانت أحرى وأجدر بالاحترام والتثمين، بينما أبسط رؤية في عمق تلك الصراعات الوهمية ستكشف وجود عدة تناقضات ومصادرات على المطلوب تجعل النتيجة الحتمية لها هي: (فوضى مفاهيمية) زائد (قذف وبهتان متبادلين). فهذه الفوضى التي تضرب معيار الحقيقة ومبنية على مجرد التشكيك الوهمي تنطبق عليها قاعدة: {إن الظنَّ لا يُغني من الحق شيئا}.
ثم فضلا على أنها لا تقدم أي حقيقة نافعة (براغماتية) إن صح القول، فإنها تفتح بابا للصراعات الوهمية مما يتطلب من الباحثين المنصفين صدها وردّها ببحوث علمية جادة وهادئة تحمل مسؤولية فتح آفاق فكرية واسعة متخلصة من القيود الإيديولوجية والتعصبات السياسية ومتحررة من التشكيكات بمقوّمات الشعب الحضارية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق