_____قد يأتي… وقد لا يأتي…_____
قد لا يتأخّر …وقد يتأخر
وقد ينسى الموعد… وقد يتذكر
وقد يأتي …وقد لا يأتي
احتمالات عبرت ذهنها وهي تجلس إلى طاولة في المقهى المعتاد للقائهما الذي يكون مرة مطلع كل حنين هكذا هو الاتفاق
انتظرت قدومه لشرب قهوة الصباح معا كالعادة وطال الانتظار
النادل يجول بين الطاولات المنتشرة والآهلة بالزبائن ..يحدجها في الذهاب والاياب اقترب منها
وسالها حاجتها..ابتسمت في بلاهة مصطنعة وقالت انتظر قدومه …تركها ومضى
وطال الانتظار تململت في مقعدها واشارت للنادل
الوقح بأن— أريد فنجان قهوتي المعتاد…لبّ بحركة من رأسه المثقل وكأنه ما نام ليلة البارحة…
وراحت في مطالعة هاتفها وقراءة ما كتبته من يومين…
ولما أحسّـت بارتطام الفنجان بسطح الطاولة رفعت رأسها ،شكرت النادل المثمول … حدَّقت في الفنجان الذي علته رغوة وخيِّل اليها وهي تطيل النظر في حركة الفقاقيع البنية أن خيْٰلا جامحة تعدو ثائرة في كل الاتجاهات على السطح وسمعت وقع حوافرها يقترب منها واشتمت رائحة غبارها انها خيل غضبها الصامت…. انتفضت
وكادت تصرخ -لِـمَ أنتظر؟لـم أضع نفسي بين مطرقة الانتظار وسندان صفيح الانتظار الساخن….
ولكن شيئا ما -ألـجمها…بل أخرسها واختلس منها الكلام …
وبين إرتباك وإقدام ولجت منطقة الهدوء ،جمعت شجاعتها
وراحت تتصور الأسوأ ..إذا لم يأت لهذا الموعد
ماذا سيحدث ؟
هل ستتوقف الأرض عن الدوران؟
هل ستضرب الفصول عن الحضور حسب مواعيدها؟
هل هذا يلغي عودة الطيور المهاجرة الى مواطنها اذا حل موسم الاياب؟
هل هذا يوقف مد وجزر البحار والمحيطات؟
وهل سيعمق اتساع ثقب طبقة الأوزون؟
هل سيثني الرب عن تنفيذ بعض القرارات الجائره
في حق المعذبين الآن في الأرض ولاحقا في السماء من يدري ….ولا ضامن لمزاج الرب؟
حتما لا شيء من هذا سيحدث
لأن الغاء موعد أو الاستغناء عنه أو تعويضه بموعد آخر في مكان آخر مع شخص آخر لا يحرك ذرة من ذرات الكون ولا يغيّر مجرى هذا الحب الجارف
وكم تخاف أن تبقى وحيدة تحاول رتق ظلال الأيام الخوالـي التي عاشته معه
قرّبتْ الفنجان من شفتيها سحبت رشفة …
ما أحسست بمرارتها لأن مرارة وخز وجع الانتظار
فوق كل مرارة….عادت تقلًب دفتر ذكرياتها مع هذا الرجل …
فرأته مشحونا انتظارات …واصلت التوريق
حتى طالعتها ذكرى اليوم الوحيد اليتيم الذي
حضر فيه في تمام الموعد …هذا اليوم الوردي
ساح لونه وغطَّى مساحة سواد الانتظارات…
سكنت روحها وهدأ نبض قلبها…..ويدان تحتضنانها من الخلف وتطوقانها بكل حب
وشفتان تهمسان حبيبتي ها قد جئت حسب الموعد …
هدأت ورفعت عينيها للساعة المجنونة الجاثمة على صدر الجدار وبدت لها عقاربها في كامل مداركها العقلية تؤدي دورها في اتزان ورصانة…
غير عابئة بالزمن الشارد …عندها أدركت أنها جاءت الموعد قبل الموعد بوقت طويل……..
فائزه بنمسعود
يوميات مارقة - الجزء الثاني-
21/3/2023

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق