عدتَ لِتَكُن...
لارا شابة فائقة الجمال والذكاء لكنها تعاني من الحزن والاكتئاب منذ الحادثة التي جدت الصيف الماضي.
كانت تقضي أغلب أوقاتها في غرفتها بين الكتب والأوراق، تارة تقرأ وتارة أخرى تكتب القصص والخواطر.
-يا إلهي أود أنت أغادر هذه المنطقة الريفية رغم هدوئها وجمالها الأخاذ، أريد أن أستمر في المدينة لأتمكن من نشر كتابي الأول.
مضت عدة أشهر من السنة الدراسية وهاهي تتسلم شهادة من الثانوية العامة بملاحظة مشرفة.
اضطرت للعمل في الصائفة لتوفير مصاريف الدراسة.
و أخيرا دنا حلمها من الواقع.
هاهي تدرس في بغداد. تتقاسم غرفة صغيرة مع طالبتين من محافظتين مختلفتين.
يا لها من بنت هادئة، تقصي يومها بين الجامعة والغرفة، لم تكن مولعة بالتجوال أو التسوق.
جلست ذات أمسية وحيدة تنظر إلى المرآة و عيناها مليئة بالدموع، محدثة نفسها:
-إياك من طرق باب الذكريات يا لارا، أرجوك أيها الليل مرّ بهدوء ولا تسرق مني راحة البال.
ألقت المرآة و همت بالكتابة لكنها لم تستطع ذلك، واستمرت على هذا الوضع أيام وأسابيع.
كانت تنتظر العُطل بفارغ الصبر علها تستعيد رغبتها بالكتابة لكن هباء...
تأزمت حالتها النفسية وتراجعت كثيرا.
في عطلة الربيع، حاولت أمها الترويح عنها ولم تفلح فأخذتها إلى طبيب نفساني.
-يا إلهي، كم أحس براحة كلما أقابل الدكتور...
وأحس باشتياق لحصصه لأنها تعيدني فعلا إلى الحياة.
مرت عدة أشهر، كانت لارا تتنقل بين الريف والمدينة، و عادت إلى الكتابة بقوة.
كانت قصتها هذه المرة واقعية تسرد فيها ما حصل لها.
وهاهي تعانق كتابها الأول الذي حقق نجاحا باهرا.
أصبحت لارا قدوة للعديد من الشباب.
وصادف أن أقيم معرض الكتاب ببغداد، فكانت حاضرة بقصتها" كان ولن يكون"
تأنقت ولزمت الجناح الذي تُعرض فيه.
الابتسامة لم تفارق محياها، نظرا للاقبال على نتاجها الأول.
هاهي تفتح رزمة أخرى وترتبها فوق الرفوف.
-أريد كل النسخ المتبقية لو سمحت...
صعقت لارا عند سماع هذا الصوت، رفعت رأسها ببطء، ثم شهقت بصوت عال و أجهشت بالبكاء.
لم تستطع التحرك من مكانها...
اقترب منها ذلك الشاب بتردد...
-أرجوك اعذريني يا غالية.
نسيت لارا الليالي الحزينة التي مرت بها والعذاب النفسي الذي سببه لها "إلياس"
ارتمت في أحضانه باكية،
-أخبرني أنك" عدتَ لتكن"
ضحك إلياس والفرح مرسوم في عينيه،
-عديني أن يكون كتابك الثاني بعنوان "عدتَ لتكن"
ثم أضاف:
-طلقت زوجتي الأجنبية و هذه ابنتي لارا التي حكيت لها عنك كثيرا و أصرت على القدوم معي.
بقلم: سعد برغش و ناهد الغزالي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق