الثلاثاء، 11 أبريل 2023

مقالات في رمضان ــــــــ عبد الكريم احمد الزيدي


 مقالات في رمضان

ليلة القدر
..................
انما ليلة القدر هي ليلة مميزة تأتي مرة واحدة في كل عام هجري في شهر رمضان المبارك وهو خير شهور الله التي فرض فيه الصيام كما فرضه على الذين من قبلنا ، وليلة القدر مباركة انزل فيها القرآن ويقدّر الله تعالى فيها ماسيكون في العام ، بقوله تعالى " انا انزلناه في ليلة مباركة انا كنا منذرين ، فيها يفرّق كل امر حكيم " ، وليلة القدر في ليالي العشرة الاخيرة من رمضان المبارك ولم يتحدد وقتها بليلة معينة كما ورد في الحديث الشريف " فألتمسوها في العشر الاواخر والتمسوها في كل وتر " ولها شأن عظيم اختصها الله تعالى فأنزل فيها القرآن الكريم في مرحلة من مراحل نزوله ، قال تعالى " انا انزلناه في ليلة القدر " واجر العمل الصالح فيها افضل من اجر العمل مدة الف شهر ، فقال خير من قال " ليلة القدر خير من الف شهر " .
ولقد كان الرسول صل الله عليه وسلم يتحرى ليلة القدر في العشر الاواخر من شهر رمضان ويجتهد فيها بالعبادات والطاعات ما لا يجتهد في غيرها ، وقوله " من قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " ، وعلى هذا فان ليلة القدر تقع في الثلث الاخير من رمضان وان اختلفت الاقوال في تحديدها فقيل انها في الليالي الفردية من العشر الاواخر وقيل انها في السبع الاخيرة من رمضان لما ثبت من رواية البخاري عن عبد الله بن عمر ( رضي الله عنهما ) وفيها " فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الاواخر " وقيل انها متنقلة دون تحديدها بالليالي الفردية او الزوجية .
وعلى هذا يحرص المسلمون على تتبع ليلة القدر ومعرفة علاماتها التي تدل على وقوعها وان كانت تظهر هذه العلامات الخاصة بها بعد وقوعها وانقضاء ليلتها ، ولعل ابرز هذه العلامات :
• طلوع الشمس دون شعاع في صباح اليوم التالي ، كما روي عن أبيّ بن كعب ( رضي الله عنه ) وآية ذلك ان تطلع الشمس في صبيحتها مثل الطَّست ، لا شعاع لها حتى ترتفع .
• اعتدال الجو فيها ، فلا يوصف بالحرارة او البرودة ، وروي عن عبد الله بن عباس ( رضي الله عنهما ) ليلة القدر ليلة سمحة طلقة ، لا حارة ولا باردة تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حراء .
• النقاء والصفاء وقد روي في اثر غريب من عبادة بن الصامت ( رضي الله عنه ) امارة ليلة القدر انها صافية بلجة كأن فيها قمرا ساطعا ، ساكنة ساهية لابرد فيها ولا حر ولا يحل لكوكب يرمى به فيها حتى تصبح ، وان امارتها ان الشمس صبيحتها تخرج مستوية ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر ولا يحل للشيطان ان يخرج معها يومئذ .
• نزول الملائكة افواجا ، قال تعالى " تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم من كل امر " وعن ابي هريرة ( رضي الله عنه ) وان الملائكة تلك الليلة اكثر في الارض من عدد الحصى .
واما الحكمة من اخفاء ليلة القدر وعدم تحديدها بغاية ترغيب وتحفيز العباد على التحري عنها والمداومة على العبادة والمثابرة عليها ، والمبالغة فيها طوال العشر الاخيرة من رمضان وألا يقتصروا على العبادات والطاعات في ليلة واحدة ، ولذلك كان حريا بالمسلم التحري عنها في هذه الليالي العشر الاخيرة من الشهر المبارك كاملة وقيامها والمواظبة فيها على ذكر الله والدعاء والصلاة وقراءة القرآن وبهذا يشغل العبد نفسه ووقته كله في طاعة الله تعالى .
ومن الاعمال الصالحة في ليلة القدر التي يحبب القيام بها ، هو الدعاء والاكثار منه والذكر والتسبيح وسؤال الله تعالى العتق من النيران ، فالدعاء فيها مستجاب والاجتهاد فيه مرغوب والتسابق في التوبة والحرص بالفوز برضا الله ، وقيل ان الدعاء في ليلة القدر احب فيه من الصلاة وافضل الدعاء في ليلة القدر العفو والمغفرة من الله سبحانه وتعالى ، وعن ام المؤمنين سيدتنا عائشة ( رضي الله عنها ) انها قالت ( قلت يارسول الله أرايت ان علمت ليلة القدر ما اقول فيها ؟ قال: قولي اللهم انك عفو تحب العفو فأعفو عني ) .
ويستحب للمسلم تلاوة ايات القران الكريم وترتيلها في شهر رمضان ، ولا يشترط ختمه كاملا في تلك الليلة ، الا انه ينال اجرا عظيما وفضلا كبيرا ان ختمه ، فالقيام لا يقتصر على الصلاة ولكن يكون باداء مختلف انواع العبادات ، والصلاة في ليلة القدر تؤدى ركعتين ركعتين كما ثبت في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر ( رضي الله عنهما ) ان رجلا سأل رسول الله صل الله عليه وسلم عن صلاة الليل ، "فقال عليه الصلاة والسلام : صلاة الليل مثنى مثنى فأذا خشي احدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى " .
وقبل ختام مقالنا لابد لنا من ذكر فضل شهر رمضان وقدره وهو الشهر الذي انزل الله فيه القرآن هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان ، وجاء في الحديث ان الرسول صل الله عليه وسلم ، قال " انزلت صحف ابراهيم في اول ليلة من رمضان ، وانزلت التوراة لست مضين من رمضان ، والانجيل لثمان عشرة خلت من رمضان وانزل الله القران لاربع وعشرين خلت من رمضان " وروي عن حديث جابر بن عبد الله وفيه : ان الزبور انزل لثنتي عشرة ليلة خلت من رمضان ، وروي ايضا عن انس ( رضي الله عنه) قال: اخبرني عبادة بن الصامت ( رضي الله عنه ) ان النبي خرج ليخبرنا بليلة القدر ، فتلاحى رجلان من المسلمين فقال : " اني خرجت لاخبركم بليلة القدر ، فتلاحى فلان وفلان ، فرفعت ، وعسى ان يكون خيرا لكم ، فألتمسوها في التسع والسبع والخمس " وهذا يعني ان الشجار والجدل سببا في رفع البركة وفي رفع الخير في الامة .
نفعنا الله واياكم بما ينفعنا في لقاه وهدانا الى ما يشاء انه لما يريد فعال والحمد لله رب العالمين .
.....................................................................
عبد الكريم احمد الزيدي
العراق / بَغداد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق