الخميس، 23 فبراير 2023

من آخر ما كتبت في روايتي: فردوس المذبوح


 من آخر ما كتبت في روايتي:

وقفت "هادية" أمام صورة تجمعها ب"محمود" يوم الاحتفال بخطوبتهما ، كانت معلقة في إطار ذهبي تزيّن قاعة الاستقبال .غرقت روحها في تأمل عميق وهي ترى عينيه تقدحان كلاما تيبّس عند شفتيه . لازال طيف الماضي ينغرس في نفسها كسهام حادة .ليتها تجد من أجاد نسيان الذكريات لتتعلّم منه.كل الجدران حولها تئن ألما ، أعياها الاشتياق الى من وعدها بالفرح ثم أخلف الميعاد، حتى في رؤاها يقابلها بوجه مشرق فاتحا ذراعيه فتغرق في حضنه والدموع تفيض من عينيها لأنها تعلم أنه رحل ولن يعود..
اختنقت نفسها فتوجّهت الى باب الشرفة تفتحه ، داعبت نسمات آخر الصيف شعرها الناعم فعبّت منها ملء صدرها علّها تخرج مع زفيرها هلوسات نفسها .
إنها تنتظر زيارة صديقتها ليلى..ما أبهجها بهذا القرب منها! هي الوحيدة التي تمنحها سلاحا تقطع به حبل الذكريات الذي يلتف حول عنقها ويكاد يزهق روحها.
انتبهت من خواطرها الى رنين الجرس فهرعت تفتح الباب مستقبلة صديقتها وهي تحضن طفلها "ياسر"..تدفّق صوت الصبيّ دافئا غضّا بكلام مبهم أثار ضحكهما فجعلت "هادية" تداعبه وقد امتصّ كل مافي نفسها من كدر.
وما كادت تعدّ قهوة لها ولصديقتها حتى وجدت النوم قد تلبّس بجفنيه وليلى تهدهده بحركة رقيقة ، فأخذته عنها وأنامته برفق في غرفتها ثم جعلتا تترشفان القهوة وتفيضان حولهما ما اكتنزته نفساهما من حكايات وأخبار.
-فردوس المذبوح-

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق