الخميس، 23 فبراير 2023

قصة قصيرة/الكاتب/ عصام سعد حامد


 قصة قصيرة

نظافة النفس والروح
وصلني كتاب (استنطاق الذاكرة الأزلية للإنسان) كهدية.. قبلته، عكفت عليه.. حتى أنهيته، بنهايته قائمة بمؤلفات كاتبه. راقني عناوينها، اخترت معظمها..، أقتنيتها..، واظبت على قراءتها، اكتشفت كنزاً معرفياً.. لم أكن أتخيله. فالمؤلف أحد علامات علم النفس، أسطورة زمانه، زبدة أقرانه، فخر أيامه.. لعمق أبحاثه وتفردها، كثافة مجهوداته وتفوقها، غزارة معلوماته وتنوعها، علوماً بينية.. درسها ليوثق مدركاته، حتى أصبح كنيوتن الفيزياء، جاليليو الفضاء، جاحظ الأدباء، كالعذراء مريم بين النساء،..
لمدة عامين، أنا أقرأ مؤلفاته، أتابع محاضراته، علمت بإعداده محاضرة كبرى. يكشف من خلالها.. كيفية تطهير نفوسنا وأرواحنا، شحنهما بطاقة إيجابية، خفض طاقتهما السلبية، رفع طاقة الجسد الحيوية، زيادة هالته النورانية..، هذه الإنجازات. خلاصة جهده.. خلال ثلاثين عاماً، حملت محاضرته عنوان (نظافة النفس والروح)، علمنا مسبقاً بجدولها، بحالات مرضية، سيعرضها على الملأ، بمصاحبة أحدث الأجهزة، ليكشف النتائج من خلالها، مفاجأة المحاضرة.. تقديمه لأدلة تثبت أن.. (جميع البشر مرضى نفسيين). مما رفع مستوى الحضور.. من جانب الأكاديميين.. علماء النفس، أطبائه، أخصائييه، طلابه، معالجي الروحانيات، زمرة من علماء الأديان، صفوة المثقفين، خيرة المهتمين.. وغيرهم.
ظهر على خشبة العرض. استقبلته الجماهير.. بتصفيق فاق توقعه.. بدأ بمقدمة.. لم تستغرق سوى دقائق، شرع في أول عرض، لإحدى الحالات المرضية، التي أحضرها بصحبته، ليرينا التغير.. بواسطة شاشة هائلة. مثبتة في خلفية مسرحه، تبين لنا السجل المرضي للشخص، الذي يتم توصيل الأجهزة به، لنرى كيف برأ..، تعافى من خلال تدريبات نفسية. ابتكرها العالم بنفسه، رأينا فرقاً بيناً.. بين المؤشرات في بداية المرض، مؤشراته الحالية، التي عرضها عرضاً حياً، تكرر عرضه، بحالات مختلفة، نتائج مبهرة..، لم ينقطع تصفيقنا، كأننا خلقنا لنصفق، أشار بيده..، أوقفنا..، ليعلن عن مفاجأته، بأننا مرضى نفسيين، بدرجات متفاوته، طلب متبرعاً من الحاضرين..، مشترطاً ثقة المتبرع بنفسه، لغرابة ما ينوي إثباته. تردد الجميع..، ابتسم العالم:
ــ إذن. أختار عشوائياً
بنظرة فاحصة.. اختارني.. قمت متمتماً باﻹستغفار، قلقاً محرجاً. لكشف نفسي، روحي على الملأ. لكن خدمة للعلم، محبتي، ثقتي بهذا العالم. ثبتت قدماي..
مشيراً إليّ:
ــ بالطبع. يظن نفسه سليماً، لكن. هل للأجهزة الحديثة بدقتها.. رأي آخر؟ لنرى، سوف تثبت لنا حقيقة الأمر.
أوصل أجهزته. بمواضع مختلفة على جبهتي، جانبي رأسي، خلف أذني، موجهاً نظر الجمهور إلى الشاشة، ابتسم لثقته بالنتائج، التي يتوقعها..، بظهورها أكثر إيجابية، عكس ما توقع. تنبه لنظرات الجماهير، التي أذهلها إحراجه..، إلتفت إلى شاشته، التي ضربت بعلمه، ثقته عرض الفضاء، بفشل تجربته على الملأ. انتابه ذهول.. أفقده صوابه..، إدعى بأن خللاً مؤكداً..، حائراً:
ــ هذه المؤشرات. لم أحصل عليها مطلقاً!
نظر إليّ:
ــ من أنت؟
ــ أحد معجبيك..
ــ رأيتك تتمتم قبل، أثناء توصيل الأجهزة بك. فبم..؟
ــ ...
بقلمي
الكاتب/ عصام سعد حامد
مصر أسيوط ديروط
17 / 3 / 2020

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق