الأربعاء، 15 أكتوبر 2025

حين تكلمت القلوب بقلم ... محمد الامين الجزائري....

 حين تكلمت القلوب:


الكنز الذي خرجنا نلتمسه في رحلتنا لم يكن ذهبًا نكنزه، ولا لؤلؤًا ننضده في أعناقنا، بل كان فهمًا عميقًا ترسّخ في القلوب، ونورًا انكشف للعيون بعد طول عَمى. لقد فهمنا الناس، وعرفنا الحياة على وجهها الحق، لا كما ترويه الألسن، ولا كما تزيفه الوجوه المصطنعة.


علمتنا الطريق أن العشم في الخلق مذلة، وأن من ركن إلى غير الله خاب رجاؤه، وتقطّعت به السبل، فرب العباد هو وحده من لا يخيب فيه الظن، ولا يُغلق له باب، ولا يُرَدُّ له سائل.


وأدركنا أن الأرواح الطيبة أعظم من الأجساد المنمقة، وأن الحنية جوهرة لا تُشترى، والأصل الطيب لا يُخفى، وإن تسترت عليه مظاهر الفقر أو بساطة الهيئة. فما أكثر من حملوا الوجاهة ظاهرًا، وقلوبهم خواءٌ من الرحمة، وما أقلّ من بسطوا أيديهم بالعطاء وهم لا يملكون إلا قليلًا، فكانوا في عيوننا ملوكًا.


فهمنا أيضًا أن الابتسامة ليست دائمًا مرآة للنية، فقد يضحك في وجهك من في قلبه غِلّ، ويصافحك من يضمر لك خنجرًا، أما القلوب الخبيثة، فإن لم تبصرها العين، فإن الفِراسة تكشفها، وإن طال خداعها، فسرعان ما يفضحها الموقف الصادق.


ولم تعد لنا طاقة على مجاراة القساة، ولا رغبة في الرضا بالمجالس التي تقتل فينا الروح، فقد صرنا نعلم أن التعامل مع الجفاء يطفئ نور القلب، وأن في البُعد عنهم راحة، وفي السلام الداخلي عزاء لا يُشترى.


فما أصدق تلك اللحظة التي وعينا فيها أن السلام الحقيقي ليس في المكان، بل في من نُرافقه، وأن القلوب الصافية كنوز، إن ظفرت بها، فلا تُفرط فيها..


... محمد الامين الجزائري....


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق