الأحد، 12 نوفمبر 2017

جدي وأوراق الغار للكاتب/علاء الغريب

{ جدي وأوراق الغار }

وأنا  في عمرِ الوردِ
سألت ذات يوم جدي
ما هو الوطن ... وما قيمة الأرْض
هل الوطن يبيع أحلام أبناؤه !!!؟؟؟
أم هم راهنوا عليه بلعبة نردِ
....2.
ُقل لي يا جدي
من يحفظ لـ الوطن كبرياءه !!!؟؟؟
بعد أن أصبحنا  غرباء بين غرباءه
وأكلت رياح النار أبواب أنفاسه
وتسللت مخالب الغدر الى ليل حلمه 
مزَّقت  رداء عفة فجره ... واغُتصب غده
وتلوث بساط نقاء نهاره
فلم تعد الشمس شمسه
ولا السماء تُشبه سماؤه
ودماء عذريته سالت وغارت ماءه
اقتلعت أشجار فرحته
نُزع من وجهه بسمته
ولم نسمع صرخات نداءه
والذئاب ما زالت تعيش فيه فسادا
تتقاتل وتنهش أشلاؤه
والغربان تنعق ...  وتلعق ما تبقى من دمائه
فـ قُل لي كيف الخلاص من بلائه !!!؟؟؟
.....3
همهم جدي
وتنحنحت العزة في داخله
استيقظ الدهر من بين خلجان وجهه
أتكأ على عصاة سنينه
نظر اليَّ من أبراج  عليائه
تراقصت سيوف حاجبيه
نصب بين أشرعة عيناه وميناء سكوني 
خيط من الحرير
وقفت عليه طيور أفكاره تعاتبني
ترمقني  ... تسافر في احتباس وجهي
تشدني الى مدار أفكاره 
تسحبني الى بئر أنفاسه 
لأغوص الى أعماق أعماقه
......4
رماني ببسمة جرح غائرة
تحررت من كفن سنينه
كانت نائمة في أقبية الزمن
قال :
أنت لم تجيء من العدم
إفتح نافذة قلبك الصغيرة
قبل أن تشرب من بئر الندم
....... 5
أغمض عينيك
أجعل أُذنيك تسافر مع سكون الروح
عبر ألسنة الزمن الغابر
وتنفّس عبق الأرض
غوص الى أعماق أعماقها
                      الى نبضاتها
الى حرف قدموسها المنحوت
وتلمَّس تاريخها المكنون كحبات الياقوت
مكلل بأوراق الغار
             حروفه من نار
دفن بين أضلاعها
لتروي لك دماء أجدادنا حكاية البداية
......6
ألا  تسمع يا ولدي
    صهيل خيل المجدِ
        ألا تسمع يا ولدي
               صيحات الوعد
  من بين قعقعة السيوف
فُرسان تجول ورايات تطوف
ألوف ..
       وألوف
    تهدر گ الرعد
والشمس من عجاج الخيل
          ارتدت ثوب الخسوف
......7
ألا تسمع يا ولدي
صيحات من رحم الخنادق
                زغاريد بنادق
                لمعة عيون عنفوان
                 تولد منها الصواعق
    تتسابق من أجل الوطن لأبواب اللحدِ
هي جروح دفينة
لم تعرف يوما الهزيمة
عشقتها الأرْضِ .... ارتوت من نقائها
فأزهر من دمائها الوردِ
.....8
كل هذا
كي تبقى الأرض في عيوننا كريمة
كي لا يأخذها الغرباء رهينة
إن الأرض يا ولدي
عند غروب آخر مساحبك
تشكي ....
     تئن وتبكي
إسأل جبالها
إسأل سهولها .... ووهادها
سوف تحكي
            وتحكي
                  وتحكي
......9
هي ليست حجارة ولا بيوت
هي العرض
    هي سترك
    هي ورقة التوت
            ترابها تبر
   وحجارة مدافنها ياقوت
هي أُمك ... هي حبل سرك
يفيض الخير من ثديها
ماء الحياة ينبع من بين يديها
ألا يستحق من أجلها أن نموت
وندافع عن ترابها يا ولدي

                      علاء الغريب / كاتب صحفي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق