السبت، 26 أغسطس 2023

قراءة في نص أتُحبّينَني؟ للشاعر طاهر مشي بفلم الناقد الدكتور حمد حاجي

قراءة في نص أتُحبّينَني؟ بفلم الناقد الدكتور حمد حاجي

طاهر مشي.. 

ا==== التشكيل البصري للقصيد ====

التقديم:


أكثر من شاعر حوّل قصائده من قصائد تقرأ إلى قصائد بالصورة والعين تقرأ ، بغاية مضاعفة نجاح التلقي، والكشف عما يخفيه النص..وخرقاً للألفة الخطية التي ترسخت بالنص التقليدي.. نذكر هنا ادونيس ودرويش.. لكن ماذا اضاف طاهر مشي بقصيده هذا ؟! 

نحاول الاجابة عن هذه الأسئلة.. 

هل يقصد الشاعر بتوظيفه للسواد والبياض بنصه وامتلاء سطره من عدمه؟! هل من حكم نقدي بات؟ 

ماذا لو بحثنا بالمعنى عن طريق التشكيل البصري هل من دلالة؟! أو إضافة جمالية، علاوة على ما يحققه من شعرية عالية؟ 


اولا

ا====================

الامتلاء والفراغ/ السواد والبياض

ا====================

إن امتلاء الورقة له دلالته انها معانقة لمفارقة ضدية تحكمها ثنائية الامتلاء والفراغ..

الاستهلال بالنص ( أتُحبّينَني؟) اليمين ممتلئ بالسؤال.. 

وما من شك فإنه يعترضنا فراغ أبيض ذات اليسار يواشجه امتلاء بيمين الورقة، اننا امام ذاك الفراغ المنقط بالحرف والدال على معنى انساني وجودي متمثل بالحب والغرام والعشق على الاربعين اصطلاحا..

ثم ياتي الجزء اليسار ليمتلئ بالكلام والحرف واللفظ والمجاز والانزياح تقوم فيه ظاهرة الامتلاء بترك المعنى خارج المعنى.. 

يقول الشاعر:

                                      ما زِلتُ أنتظِرُ الرُّدودَ مَعَ النّداءْ

‎هلْ تغارينَ عليّ مَنْ كلِّ النساءْ؟

‎وأنت الوردُ في كلِّ الفصول

‎على السّواءِ بِلا انتهاءْ؟


انه مجال واسع لتقطيع معنى الحب ذي الدلالات المختلفة وتفتيته أجزاء اجزاء.. من مظاهره ان الحبيبة تغار من النساء بينما هي وردة كل الفصول والبقية للتلف.. مهما تزين.. 

وهكذا فإن الدلالة واضحة من سؤال تولد الاجابات سواء اكان السؤال استنكاريا.. يستبطن الاجابة.. او سؤال الفلسفة.. نلخصه بمدار النص ان وجود الحب ماهو الا بحث عن معناه..

وهذا ما نجد اثره في الخطوط والسطور الشعرية.. 


ثانيا

ا==================== 

 التكرار

ا====================

يبدو البحث في التكرار التي طرحها الفضاء النصي للشاعر طاهرالمشي مقصودة بذاتها..

الشاعر حين لجأ الى ظاهرة التوازي القائم على الجملة بمتن النص او تنويع التوازي الذي قام على النحو كما يقول النقاد..

انما حرك المعنى الباحث عن اصول الحب وقداسته ونبله فيما يدركه المتلقي حين يذهب مع الشاعر بالتوازي لادراك من تكون الحبيبة وفي ابراز حيرة القارئ في حيرة الكاتب الذي نضد نصه طورا بالتوازي القائم على الجملة التي توجد صورتها الشعرية.. ومرة بالعروض وعدد تفعيلات الكامل لايصال موسيقاها.. 

لكن ما أضافه معمار النص المستحدث بتقديرنا يتجلى في كون الشاعر من خلال التشكلات التي يتمظهر بها الاستهلال باول النص والختم بآخر النص من خلال تركيز الكاتب على اعادة الجملة بخطابه الشعري ايقاعا ودلالة ليتجاوز بذلك مجرد التزويق او البلاغة الى توظيف محكم للفظ ليدل على المعنى ومعنى المعنى..

لو ننظر لجملة الاستهلال التي تكررت بنهاية النص لم تكن باليمين كما على يسارها.. كانه يوظف ما درج عليه النص السردي حين رد النهابات على البدايات..

وهذا هو بالضبط توظيف التكرار واخراجه من شكل الكليشيه الى شكل الايقاع والمعنى البلاغي.. وكان شكل المعمار ان(يرد الشاعر اقفال نصه والنهابات على البدايات الاولى للتشكل. ) 

انظر تشكيل النص بالاول (اتحبينني) باول السطر لتحتل بالختام اخر السطر..


وانظر بالختام انه يستعمل تقنية التنضيد وتقنية التجسيم على ارضية الورقة البيضاء .. ان تقنية التنضيد وتقنية التجسيم اللتان يختص بهما الحيز والمكان والفضاء دون سواها.. رغما ان فيها انتظاما مخصوصا لكنها تشكل وتصوير لمعنى جديد هو الحزن والتشتت والقلق والكآبة والسوداوية..

انظر مثلا استهلالا هذا:


أتُحبّينَني؟


‎ما زِلتُ أنتظِرُ الرُّدودَ مَعَ النّداءْ


انظر مثلا بالختام هذا التكرار مع حجب السواد الذي كان بالفراغ الذي كان يعبر عن مكان الاضافة الدلالية للمتلقي على مفهوم نظرية التلقي... 


‎أتحبينني؟

ما زِلتُ أنتظرُ الرُّدودَ مع النِّداءْ!


ختاما

ا======

هكذا تبدو دلالة النص من خلال اشكالية التنضيد والتفتيت والتكرار والتشكيل الفضائي أو الانزياح الكتابي كما يقول نقادنا المغاربة.. قد حكمتها بالنص فضاءات صورية شكلية ومقصدية من لدن الطاهر المشي الشاعر الذي أنتج هذا الخطاب..


وهكذا تجلت مظاهر الانزياح الكتابي في النص الشعري من خلال فك ارتباط اللفظ والجملة والنص عن شكلها التقليدي الطباعي.. لتشكيل بصري مستحدث يأخذ بالاعتبار الآخر المتلقي من ناحية والنفس البشرية الحاضرة او بالمشاركة.. شكرا لابداعك سيد البهاء والنقاء

الد. الطاهر المشي.. 

النص

أتُحبّينَني؟


‎ما زِلتُ أنتظِرُ الرُّدودَ مَعَ النّداءْ

‎هلْ تغارينَ عليّ مَنْ كلِّ النساءْ؟

‎وأنت الوردُ في كلِّ الفصول

‎على السّواءِ بِلا انتهاءْ؟


‎ تُشبهين الياسمينَ

‎بِعطره الفوّاحِ 

في ‎كلِّ الاماكنِ، 

في الفضاءِ


فَتُنعِشينَ العابِرينَ على الرّصيفِ

بِكلِّ أنواعِ الغِناءِ 

بِلا عَناءْ


‎وَنسيمُ ربِّ يُداعِبُ الأغصانَ 

مفتوناً بِهِ 

كلُّ الرّجاءْ؟

قد تاهَ يوْماً في جمالكِ 

والضّياءْ


وأنا أضيعُ بِذي العُيونِ

مُردِّداً لَحنَ الوفاءً

يا جمالَ الّتٌيهِ في درْبٍ سوِيّاً

نستقي بالعزفِ لَحْناً مِنْ سَماءْ


‎كان ذكرى

كانَ حُبّاً آزليّاً خالداً

ساطِعاً كالسّمسِ 

بَلْ كالنّجم في وسَطِ السّماءِ 

بِلا رِياءْ

إنّي أنتظِرْ وَبِلهفَةِ المُشتاقِ

يوْماً للِّقاءْ !

‎أتحبينني؟

ما زِلتُ أنتظرُ الرُّدودَ مع النِّداءْ!

‎طاهر مشي




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق