الأحد، 2 مايو 2021

إطلالة على تاريخنا الإسلامي المشرق: اشراقات النصر..وتجليات نعمة الله العظيمة في شهر رمضان الفضيل بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 إطلالة على تاريخنا الإسلامي المشرق:

اشراقات النصر..وتجليات نعمة الله العظيمة في شهر رمضان الفضيل
"الأمة التي لا تقرأ تاريخها لا تصوغ مستقبلها"..
رغم المشقة التي تتعبها الصيام أنفسنا، رغم الجوع الذي يأكل أحشاءنا ويضيق أنفاسنا، هناك قصص روائع مثليات تحكي لك عن عمق هذا الشهر المبارك العظيم، في كل أمم، توجد تواريخ خالدة وأيام لا تنسى ولا تمحى من سفر حياتها لما كانت لها أهمية كبيرة في توجيه مصيرها ومسارها، فللأمة الإسلامية أيام خوالد، وذكريات شواهد، حدثت في عمق هذا الشهر المبارك، موسم الخيرات والبركات،وإن سمينا هذا الشهر العظيم بشتى الأسماء مثل شهر الأمة، أو بشهر المواساة،أو بشهر التراويح،فإنه هناك تروايح أراحت أفئدة المسلمين وأزاحت عنهم عبأ الهموم والأزمات،فحقا لهو شهر الانتصارات الكبيرة،التي غيرت وجه التاريخ وأجراه من جديد،بدء من غزوة بدر الكبرى وفتح مكة،ومرورا بفتح الأندلس ومعركة بلاط الشهداء،وفتح عمورية،والحطين وعين جالوت ونهاية بحرب أكتوبر العظيمة.
ومن هنا،فإنّ المتأمل في أحداث شهر رمضان عبر التاريخ الإسلامي سيجد أمورًا عجيبة،هذه الأمور ليست مصادفة،وكل شيء عند الله عز وجل بمقدار،سيجد أن المسلمين ينتقلون كثيرًا من مرحلة إلى مرحلة أخرى في شهر رمضان،من ضعف إلى قوة،ومن ذلٍّ إلى عزَّة.
ما أريد أن أقول..؟
أردت القول أن شهر رمضان الفضيل ارتبط بالجهاد بشكل لافت للنظر، حتى آيات الصيام في سورة البقرة -بدايةً من قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183] إلى آخر الآيات- تنتهي في ربع من القرآن،ثم يبتدئ ربع جديد، وثاني آية فيه تتحدَّث عن الجهاد والقتال، وهي آيات كثيرة تحضُّ على الجهاد، يقول ربنا عز وجل: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ * فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ} [البقرة: 190-193].
آيات تحضُّ على الجهاد والقتال بشدَّة،والعلاقة واضحة بينها وبين آيات الصيام؛ فالإعداد للجهاد هو إعداد للنفس،إعداد للجسد،إعداد للأمة كلها..العلاقة بين الصيام والجهاد وثيقة جدًّا؛ فالتاريخ الإسلامي يؤكد هذا الارتباط بما لا يدعو مجالا للشك.
إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160) :
لقد انتصر المسلمون تقريبًا على كل الفرق المعادية للإسلام في شهر رمضان، انتصرنا على المشركين في بدر وفتح مكة، انتصرنا على الفرس عُبَّاد النار في البُوَيْب، انتصرنا على الصليبيين في وادي برباط في الأندلس، وأيام صلاح الدين في فتح صفد، وانتصرنا على التتار في عين جالوت، وكذلك حرب التحرير العظيمة التي حدثت في 10 رمضان سنة 1393هـ، التي اشتهرت بحرب 6 أكتوبر سنة 1973م، فتحررت سيناء، وهو انتصار مجيد؛ فالحواجز التي عبرها الجيش المصري تدخل في عداد المعجزات العسكرية، والروح الإيمانية كانت مرتفعة جدًّا عند الجيش وعند الشعب، فكانت النزعة والتربية الإسلامية في الجيش ملموسة وواضحة، ونداء (الله أكبر) كان يخرج من قلب كل مسلم، والوحدة الإسلامية كانت في أبهى صورها.
كل هذا دفع إلى النصر،وللأسف عندما بدأ الشعب يتغير وبدأت كلمة (أنا) تعلو بديلاً عن كلمة الله عز وجل، وبدأت مقولة: (أنا فعلت)، بدلاً من (الله فعل). لَمَّا حدث هذا حدثت الثغرة، وبدأ التأزُّم في الموقف، لكن على كل حال كان نصر رمضان سنة 1393هـ نصرًا باهرًا،كان دفعة قوية ليس لمصر وسوريا فقط،بل لشعوب مسلمة كثيرة على وجه الأرض.
وإذن؟
لا يوجد إذا عدوٌّ من أعداء الإسلام إلاَّ وحاربناه وانتصرنا عليه في رمضان؛ سواء كانوا مشركين أو صليبيين أو تتارًا أو فرسًا أو يهودًا،يأتي رمضان إلاَّ ونتذكر هذه الانتصارات،وهذه نعمة عظيمة مَنَّ الله عز وجل بها علينا؛ لنظلَّ نتذكر الجهاد والانتصار إلى يوم القيامة.
محمد المحسن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق